الإمارات والإتحاد الذي بدأ تساعياً وأعلن سداسياً وأستقر سباعياً / عارف العضيلة

الإمارات والإتحاد الذي بدأ تساعياً وأعلن سداسياً وأستقر سباعياً / عارف العضيلة

**شمال شرق

*عارف العضيلة
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام باليوبيل الذهبي .. المتمثل بالذكرى الخمسون لبداية ثاني وحدة عربية ناجحة بالعصر العربي الحديث (وحدة دولة الإمارات العربية المتحدة)
ويحق لشعب الإمارات الإفتخار والتباهي بوطنهم والذي تحول خلال مدة زمنية قصيرة بأعمار الأمم إلى دولة عصرية حديثة .. تشهد حراك تنموي وإقتصادي وثقافي متسارع .. وباتت محطه تقدير وإحترام العالم أجمع.
والإمارات والعرب يسعدون بهذه الذكرى .. فمن الواجب إستذكار قصة بداية إتحاد الإمارات. الذي بدء تساعياً وطرحت فكرة أن يكون خماسياً وأعلن سادسياً وأستقر سباعياً ..
وكذلك إستذكار الرجال المخلصين الذين كانوا خارج الإمارات. وأدوا أدواراً كبيرة حتى تم تأسيس وإشهار هذا الإتحاد. وبات واقعاً ملموساً ومحسوساً وقوي الأركان. وثابت البنيان.
البداية كانت في العام 1968م. حين أعلنت بريطانيا رغبتها الإنسحاب الكامل من منطقة الخليج .. مما يعني وجود فراغ كبير .. سيكون مخيفاً على مشيخات ساحل الخليج. قليلة السكان وضعيفة الإمكانيات والقدرات.
ظهرت فكرة ضرورة قيام إتحاد عربي في هذه المنطقة من الكويت. وذلك لملء الفراغ الذي سيحدثه الإنسحاب الإنجليزي .. لا سيما في ظل قلق كبير من إيران التي صعدت وتيرة مطالبها بعدداً من أقاليم المنطقة وخاصة البحرين.
الكويت التي يوجد لها مكتب خاص في دبي مهمته الرئيسية تقديم المساعدات اللازمة والمساهمة في تنمية دبي وبعض الإمارات. والكويت ذاتها هي التي كانت صاحبة فكرة تأسيس لجنة عربية ثلاثية تتكون من (السعودية – العراق – الكويت). لحماية إمارات الخليج من التهديدات الخارجية.
لذلك كانت الكويت هي منطلق هذا الإتحاد حيث أنه وفور الإعلان الإنجليزي بادر حاكم الكويت الشيخ صباح السالم بتشكيل خلية عمل برئاسة وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد وعضوية كل من عيسى الحمد – بدر الحمد – د. عبدالله بشارة – د. وحيد رأفت .. ومن ثم قام الوفد بشكل سريع بزيارة لكل إمارات ساحل الخليج العربي ..
تم مناقشة فكرة الإتحاد .. كانت قطر أكثر المتحمسين يومها .. ثم ألتقى الشيخ صباح السالم بعدداً من حكام الإمارات المتصالحة كما كانت تسمى يومها ..
عرضت الفكرة على رؤساء دول اللجنة الثلاثية التي كانت مشكلة من جامعة الدول العربية (السعودية -العراق – الكويت) والتي كانت مهمتها مواجهة التهديدات الخارجية لإمارات ساحل الخليج العربي ووجدت الترحيب الكبير .. ووعدت بالدعم اللازم والمناسب.
كما بارك الرئيس جمال عبدالناصر هذا التوجهه ودعمه كثيراً .. نجحت الكويت بتهيئة الأجواء الإقليمية والعالمية لميلاد الإتحاد .. وباتت الكره في ملعب حكام الإمارات ثم كانت المبادرة الأهم والأكبر في مسيرة الإتحاد والمتمثلة بقيام الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبوظبي والشيخ راشد بن مكتوم حاكم دبي بخطوة إيجابية للغاية شجعت وقوة الرغبة بالإتحاد وذلك بتوقيع إتفاقية تحديد الحدود بين الإماراتيين الكبيرتين ..
أعلن عن مشروع الإتحاد التساعي برئاسة قطر يومها .. (يضم الإمارات السبع + قطر والبحرين). وظهرت فكرة الإتحاد الخماسي الذي يتكون من قطر والبحرين ودبي وأبو ظبي وإتحاد الساحل العربي الذي يضم باقي الإمارات الخمس. لكنه لم يستمر .. ولم يجد الحماس وأنتهى.
ظهرت عدة خلافات في وجهات النظر بين الحكام في الإجتماعات التشاورية تولت مصر والسعودية والكويت جهود تقريب وجهات النظر .. كانت أبرز الخلافات العاصمة والتمثيل البرلماني والجيش.
حدثت تطورات هامة في مسيرة الإتحاد فمع زوال المطالبة الإيرانية بالبحرين وإعلان دولة قطر عن إستقلالها .. وأنسحبت هي الأخرى من مشروع الإتحاد ..
ومع التغيرات التي ظهرت في الساحة الخليجية وكذلك وفاة الرئيس عبدالناصر والتغيرات التي حدثت في السياسة المصرية. بردت جهود الإتحاد .. حتى كانت مبادرة الشيخ زايد ورفيق دربه الشيخ راشد بن مكتوم التي أحيت وأنعشت أمال الإتحاد. وأعادت بشكل كبير الرغبة الصادقة في ضرورة وجود إتحاد يجمع هذه الإمارات المتصالحة والمتقاربة والتي تربطها وحدة إجتماعية ووحدة جغرافية.
أنطلق الشيخ زايد بجولات خارجية لتشجيع ودعم قيام الإتحاد كان أبرزها لسلطنة عمان وللسعودية والكويت .. وبارك الجميع هذه الخطوة الإيجابية.
عادت خلية العمل الكويتية إلى ميادين العمل وجد هذا الملف إهتمام خاص من قبل الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز الذي تولى بشكل شخصي ومباشر عدة جوانب لتقريب وجهات النظر بين الحكام السبع .. وتولى تذليل العقبات التي تواجه الإتحاد .. وأعلن عن مشروع نوعي وضخم وهو تعبيد طريق مسفلت يربط فيما بين الإمارات السبع. على نفقة السعودية .. كبادرة دعم سعودي لهذا الإتحاد ..
وساند بشكل فعال جهود أمير الكويت الشيخ صباح السالم.
تغلب حكام الإمارات المتصالحة على الصعاب وقدموا الكثير من التنازلات من أجل دعم مسيرة إعلان الإتحاد .. مفضلين المصلحة العليا للشعب وللأمة. وبعد هذا تم إعلان هذا الإتحاد الذي كان سداسياً قبل أن تنضم إليه إمارة رأس الخيمة ويصبح سباعياً بدءاً من العام 1972م.
هذه الدول الوليدة وجدت مباركة وإعتراف عربي وعالمي .. لتنضم هذه الدولة الحديثة لمسيرة العمل العربي والعالمي .. وتتحول خلال فترة زمنية ليست بالطويلة إلى واحدة من أهم دول العالم .. ومن الدول المؤثرة ثقافياً وإقتصادياً وسياسياً.

كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية

(Visited 174 times, 1 visits today)

One Comment

  1. ارجو التكرم بالموافقة على انضممامي لديسك المحررين بجريدتكم وموقعكم المحترم
    ماهر بدر صحفي جريدة العالم اليوم واخبار الوطن ت 01003946002
    القاهرة فيصل جيزة
    وتحت امر سيادتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *