كتب رياض الفرطوسي
لا افترض ان مجانين ( الشماعية ) الذين نحتجزهم‘ بين اسوار هذا المصح الكبير‘ ونضعهم بين الجدران أفضل حالا ممن هم خارج هذا المستشفى. المجانين في الشماعية لايتسببون في اذية احد‘ ولا يقتلون ولا يشتمون ولا يسيئون، لهم عوالم خاصة فيما وراءهذه الحيطان والنوافذ‘ يتظاهرون ويلقون خطباً غامضة وفلسفية‘ ويمارسوناحتجاجاتهم من خلال‘ بعض الحركات الخاصة بهم ويقودون مسيرات صامتة ‘ احتجاحاً على حقن المورفين وجلسات ( الكوي ). وليس لديهم اي نزعات انتقام او تشفي‘ على حساب ما يتعرضون له كل يوم. لا يسرقون ولا يكذبون ولا يمارسون الوشاية‘ اوالتنافس على منصب او عقار او صفقة. لا يتصارعون على الظهور في الفضائيات حتىيتحولوا الى ابطال ومناضلين. لا يقبضون من احد مقابل دعم الفوضى والخراب. لايشعرون بالخوف او القلق على ثروة حصلوا عليها‘ من فساد او صفقات او خيانة. يشعرون باحجامهم الحقيقة وليس لديهم اي شعور بانتفاخ نفسي، او حالة من الزهووالتعالي الفارغ‘ الذي زرعه فيهم مجتمع المظاهر. لا يقدسون اخطائهم كما يفعل بعضالساسة. يحملون ضمير اللاوعي وهو ضمير غير متناقض . نحن نترك المرضىالحقيقيين او المجانيين الحقيقيين‘ يعيشون بيننا بحرية كاملة ويتصرفون بثقة واقتدار،مع ان سلوكياتهم ومواقفهم وتصرفاتهم ‘ وافعالهم وضمائرهم فيها الكثير من‘ التناقضات والخروقات الانسانية المفزعة . اكبر مصائبنا اننا نريد ان نظهر دائماً علىأننا اقوياء‘ وعقلاء وحكماء ومتفهمين‘ لذلك تجد ان البعض يتصنع المواقف النبيلة‘ ويفتعل اشياء غير حقيقية ولديه اكثر من قناع‘ مما كرس حالة البلادة والتكرار والتشابه‘ ولا يستطيع احداً ان يعترف بهذا الجنون‘ والكل على ثقة اننا مجتمع من الاصحاء، نحنشعب نعتقد ان مشاكلنا في الانظمة السياسية، والحقيقة ان الانظمة السياسية تتغيرفنكتشف‘ ان المشاكل تقبع في قيعان نفوسنا وتكمن في ذاتنا؛ لذلك اصبحنا نسرقوننهب ونقتل ونمارس التوحش‘ والصراعات والاستهتار. ولانه لا توجد في المجتمع ايادوات فحص معرفية، لا احد يشعر او يكتشف حالة المجتمع وما وصل اليه؛ لاننا اصبحنامتشابهين في كل الظواهر والعاهات. بعض السجناء من العراقيين في هولندا يطالبونسلطات السجون‘ في اعادة النظر بالقوانين المرعية هناك‘ الخاصة بالسجناء وبيئتهمالاصلية. بعض هؤلاء السجناء يريدون ان تصنع لهم هذه الدول بيئة من السجون تشبهبيئتهم الاساسية. لانهم لا يستطيعون الانسجام والعيش في بيئة مغايرة. اذن كيف يمكنالنجاة من اقفاصنا وجنوننا؟ قد يكون الامر صعباً لمجتمع لا يتأمل نفسه واعماقه،سيكون متاحاً وممكناً عندما نبني منظومة جديدة‘ من القيم الاجتماعية على ان تكونصحية وسليمة ومتماسكة.
النُظم التربوية في الدول الاسكندنافية
روحُ المكان ولبنّة الانسان