حسين الاعظمي في كتاب عن المصارعة

حسين الاعظمي في كتاب عن المصارعة

قحطان جاسم

لم تكن المصارعة في بلدنا العراق قد استقرت هويتها وشخصيتها الدولية خلال النصف الاول من القرن العشرين بعد، فلم تكن هناك بالمعنى التنظيمي المعترف به محليا او دوليا، بطولات محلية منتظمة أو بطولات دولية يمكن أو يسمح لبلدنا العراق المشاركة فيها مع الغير. لأننا في حقبة النصف الاول من القرن العشرين لم نكن قد تم انظمامنا الى الاتحاد الدولي المركزي للمصارعة الحرة والرومانية الاولمبية وانخراطنا في بطولاته الدورية والدولية، حيث لم يكن لدينا حتى هذا الحين اتحاد مركزي عراقي لهذه اللعبة الاصيلة في قدمها وتاريخها، يأخذ على عاتقه التفاعل مع اتحادات البلدان الاخرى وتنظيم امور هذه الرياضة في قوانينها وانظمتها المثبتة والمعترف بها دوليا. ويبدو ان مسيرة المصارعة في بلدنا العراق خلال النصف الاول من القرن العشرين، اعتمدت على المصارعة التراثية المعروفة بـ(الزورخانة) التي يشترك خلال اداءاتها وألعابها الرياضية عنصر الايقاع مع غناء المقامات العراقية التراثية. التي اعطت لهذه اللعبة جواً تراثياً دينياً واحتراماً من قبل ممارسيها وجمهورها الذي يحضر للمشاهدة والاستمتاع. ولو استعرضنا تأريخ النصف الاول من القرن الماضي، لوجدنا اسماء كثيرة بارزة مارست هذه الرياضة بهواية وتصارع محلي فيما بينها، دون تنظيم من اية جهة رسمية لها، وانما نشاطات انفرادية او جماعية شعبية ولقاءات فيما بين الجميع تسفر عنها متعة بالغة للرياضيين أولاً وللجماهير التي تحضر ثانياً، خاصة وقد مرَّ العالم بصدمة الحربين الكونيتين، الحرب العالمية الاولى(1914-1918) والحرب العالمية الثانية(1939-1945) وهكذا خلال هذه الحقبة من النصف الاول من القرن العشرين، غيَّـرت هاتين الحربين الكونيتين مجرى تأريخ الكرة الارضية برمته، واحدثت الكثير من الثوابت والمتغيرات في حياتنا الرياضية وغيرها من مجالات الحياة..!

     واقع الحال، كان لوجود الانهر التي يتمتع بها بلدنا العراق، ومنها نهري دجلة والفرات الخالدين. امر في غاية الاهمية في تطور هذه الممارسات الرياضية العفوية والشعبية، تماشيا مع تطور الدولة التدريجي البطيء في نواحيها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها، الامر الذي ادى في النهاية الى تنمية الطموحات والتفكير الجدِّي من قبل كل الرياضيين من ممارسي رياضة الزورخانة، وتماشيا مع تطور الحياة بصورة عامة، الى محاولة الانخراط في المسار الدولي لرياضة المصارعة والاطلاع على تطور هذه الرياضة في قوانينها وانظمتها التي يشرف عليها مباشرة الاتحاد الدولي المركزي للمصارعة الحرة والرومانية الاولمبية المعترف بها دوليا. وبالتالي الحصول على دعم ومساعدة الدولة لتبني هذا الامر..!

    الفراغ الرياضي التنظيمي والقانوني وفقر الدعم الرسمي بشكل عام الذي عاشه كل الرياضيين العراقيين في النصف الاول من القرن العشرين، استطاع فيه بعض الرياضيين الموهوبين من ابناء الشعب من ملء هذا الفراغ بحركة رياضية ديناميكية منوعة ومتواصلة في اقامة الكثير جدا من المسابقات في الكثير من الرياضات كالسباحة والمصارعة وكرة القدم وغيرها من الرياضات. وغالبيتها دون تدخل او دعم من الدولة زمنذاك. ويبرز هنا اكثر من غيره في هذه الديمومة الرياضية المرحوم عوسي الاعظمي الذي شغل المجتمع الرياضي والشبابي العراقي برمته في مختلف السباقات والمسابقات المتنوعة وسرعة انجازها، في ظل الظروف الاقتصادية البائسة والظروف الاجتماعية الهادئة والظروف السياسية المغلوب على امرها..! فمن الناحية الاخرى، يكون المرحوم عوسي الاعظمي وكل زملائه الرياضيين امثال عباس الديك ومجيد لولو وصادق الصندوق ومهدي الزنو وعبد الهادي البياتي وغيرهم في خانة المبدعين الحقيقيين في الابتكار والانجاز والاستمرار والتطور..!

    من حيث المبدأ، إن أي بلد يمتلك في اراضيه نهراً أو أكثر من نهر، أو يطل على بحر أو محيط، لابد أن تزدهر فيه رياضة السباحة والمصارعة وباقي الرياضات الاخرى ايضاً. حيث يقضي الشباب اوقاتهم في الاستمتاع بالنهر وممارسة السباحة والالعاب الرياضية الاخرى حتى لو كانت ظروف ذلك البلد قاسية جدا سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا او اجتماعيا..! فالشباب يقضون اجمل اوقاتهم في السباحة بالنهر وممارسة الرياضات بصورة عامة، ولعل رياضة المصارعة من ابرز تلك الممارسات بجانب السباحة..! وهكذا نرى ان ابطالنا الدوليين الاوائل قد حققوا انجازات كثيرة نفخر بها جميعا منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين حتى بداية القرن الحادي والعشرين الذي نعيش عقوده الاولى. لانهم مارسوا المصارعة على الارض الرملية –الجفرة– …

(Visited 19 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *