ليس مجرد معرض للكتاب ، وليس مجرد عرض لآخر ما كتب وضنف ، بل هو تظاهرة معرفية وعرس ثقافي من نوعٍ آخر ، لم يقتصر على فئة عمرية محددة ، ولا طبقة مهتمة بالثقافة والادب فحسب ، إنما هو عالم لا متناهي من الجمال والرقي ،إنه معرض الشارقة العالمي للكتاب.
يأخذك الى عوالم بعدية كادت ان تصبح من الماضي في ظل التحدي الكبير الذي يواجهه ” خير جليس” من قبل واسئل التسطيح الثقافي، والغزو الالكتروني المتلصلص.
على بحيرة الشارقة يطل المعرض ببهائه المتوهج وببوابته الرحبة، وبالوجوه الباسمة التي تستقبلك. تتقاطر حافلات النقل المدرسية وهي تقل الاطفال الابتدائية، في الصباح ، بأزيائهم المدرسية الجميلة وتنظيمهم الساحر ، يدخلن في طوابير طويلة الى المعرض يمئلهم الشوق ، يتوزعون مع مرشيديهم ليبدؤا رحلة الغوص في عالم الكتاب والمعرفة والجمال والصور والالوان والموسيقى والتجارب والتدريب في دورات لصناعة المهارات في مجالات الابداع في فن التصويروالاداء والالقاء والتمثيل ، يعيشون تجاربهم الشخصية مع الشخصيات العالمية الشهيرة كالمحقق شيرلوك هولمز، وغيره ، لتنمية حس البحث و التركيز والتحليل الدقيق للأحداث، كل ذلك هدفه كما يقول القائمون على المعرض ” هو ابراز وتنمية حس العمل الجماعي لديهم. يتسابقون لاقنتاء الكتب ، يخرجون وهم محملين بكم كبير من الصور التي ستحتفظ بها ذاكرتهم للمستقبل ، لتصبح ذاكرةوطن ، وذاكرة شعب عرف الثقافة منذو نعومة أظفاره .
في جانب اخر من هذا المعرض ستجد ما تحلم به في هذا الفضاء الفسيح من عروض مسرحية وغناء وعازفين منتشرين في اروقة المعرض وبين الكتب ، وفرق راقصة تنقلك الى التعرف على ثقافات الشسعوب في اجواء الجمال والزهو المعرفي ، فرق من عوالم بعيدة يسيرون في طرقات المعرض ينثرون الفرح ويهدون البسمة لزائري الشارقة .
والى محبي المشاهير والرموز الادبية هناك قاعات عملاقة ومنصات كبيرة تستضيف كبار الكتاب والروائيين ويحتفي بهم الجمهور ليتعرفوا على نتاجاتهم وتجاربهم الشخصية وجهاً لوجه .
الروائي التنزاني من اصول عربي ةعبد الرزاق قرنح الحائز على جائزة نوبل للادب للعام 2021 كان حاضراً ليوقع روايته الاخيرة وسط جمهور كثيف جاء ليحييه , وفي الناحية الاخرى هناك الكاتبة الجزائرية الشهيرة ” احلام مستغانمي ” تطلق روايتين جديدتين لها في المعرض ، وفي قاعة الفكر كان الفنان المصري محمد صبحي يلقي محاضرة عن ” الفن والانسان”
وانت تسير في وسط المعرض يواجهك طابور طويل يقف فيه عشاق الشعر والرواية ينتظرون ادوارهم ليحصلوا على توقيع لروائي او شاعر معروف.
ندوات الشعر والفكر متواصلة حتى الساعات المتأخرة من الليل، والملفت للنظر ان المعرض بتايامه العشرة كان مزدحماً ، مزهواً بزواره.
كان الحدث الابرز في المعرض لهذا العام وفي دورته الاربعين هو اطلاق باكورة الدورات ” المجمع التاريخي للغة العربية ” والذي يعتبر منجزاً مهماً لكل الباحثين والعلماء , عمل جبار وضخم وصل الر جزءه 17 فكل ما تريده عن اللغة العربية ستجده في هذا المعجم من الالف الى الياء وحسب الحروف الابجدية من عصر ما قبل الاسلام الى يومنا هذا .
ومفاجشة عالمية اخرى اظلقها المعرض وهي المنطقة الحرة للناشرين وهي فضاء مهم للحرية والنشر خارج حدود الرقيب . شريطة عدم الخروج عن الذوق العام .
كان المعرض فرصة كبيرة ومساحة مهمة للقاء والتعارف بين المثقفين والكتاب من كل انحاء العالم , لغات مختلفة وثقافات متعددة حواها هذا الصرح المعرفي الكبير الذي راعاه “المثقف الحاكم ” حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي واداره بامتياز الاستاذ أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب