بايدن … بوتين وعودة  صراع القوى

بايدن … بوتين وعودة صراع القوى

كتب / المحرر السياسي للمستقل

عشية مغادرة الرئيس  الامريكي جو بايدن منوجهاً الى لندن  لحضور اجتماعات قمة G7   وفي حديثه للصحفيين قال :  إن أهدافه تتمثل فيتعزيز التحالف لكي يوضح لبوتينوالصين أن أوروبا والولايات المتحدة على قلب رجل واحدوكان قد كتب من قبل فيالواشنطن بوست ” “هل ستثبت التحالفات والمؤسسات الديمقراطية التي شكلت جانباكبيرا من القرن الماضي قدرتها على مواجهة التهديدات والعداوات في العصر الحديث؟أعتقد أن الإجابة هي نعم.. لدينا فرصة لإثبات ذلك هذا الأسبوع في أوروبا“.

تزامنت هذه التصريحات مع تصريح  للامين  العام لحلف الناتو  ينس ستولتنبرغلصحيفةدي فيلت” Die Welt الألمانية، ان العلاقات الروسية الاوربيةالامريكية وصلتالى مستوً منخفض، لم نعرفه منذ نهاية الحرب الباردة”.

كما رافقت هذه التصريحات انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة السماوات. المفتوحةولحقتها روسيا بعملية الانسحاب ، وكانت الاتفاقية، المبرمة عام 1992، تسمح بتحليقطائرات مراقبة غير مسلّحة، تابعة للدول الأعضاء، في أجواء بعضها البعض، بهدفتعزيز التفاهم المتبادل والثقة، ومنح جميع الأطراف دوراً مباشراً في جمع المعلومات عنالقوات العسكرية والأنشطة التي تقوم به الدول الأخرى، في جو من الشفافية والنزاهة.

اذ لا يمكن منع الطائرات الروسية من التحليق  فوق الاراضي الامريكيةً في حين تحلقطالبان الناتو الحليفة فوق روسيا . هذا هو تبرير انسحاب روسيا من الاتفاقية .

لكن الامر ابعد من هذه الاتفاقية وابعد من الخلافات الاقتصادية.

فان التعاون الروسي الصيني بدأ يخيف الولايات المتحدة واوربا، وقد يمثل هذا التعاونتهديداً لامريكا وحلفاؤها بالمستقبل  و يصبح خطيرا ، كما قال ستولتنبرغ  أن التعاونالمتزايد بين روسيا والصين يمثلتحدّياً خطيراً، وعبّر عن قلقه البالغ إزاء التعاون بينروسيا وبيلاروسيا .

جولة بايدن واهدافها

وسيقضي الرئيس بايدن ثمانية ايام في جولته الاوربية الروسية وسيلتقي بالملكةاليزابيث الثانية ، ويتوجه الى موسكو للاجتماع بالرئيس الروسي ، فقد استبق بايدناللقاء  مع بوتين بالقول:  إننا موحّدون في مواجهة المخاطر التي تشكّلها روسيا علىالأمن الأوروبي، ابتداءً من عدوانها على أوكرانيا، ولن يكون هناك أدنى شك في عزمالولايات المتحدة على الدفاع عن القيم الديمقراطية التي لا يمكن فصلها عن مصالحها”.

يبدو ان بايدن يريد ان يعيد سمعة امريكا وشعاراتها في الدفاع عن الحرياتوالديمقراطية في العالم ، بعد حول ترامب الولايات المتحدة الى شركة  تمتلك مجموعة منالجنود المرتزقة التي تدافع عن من يدفع اكثر ، هذه السمعة  التي اضرت كثيراً بواشنطن.

ملفات الخلاف الاساسية

حمل بايدن في جعبته ست ملفات خلاف  رئيسية ليضعها على طاولة الحوار بينه وبينبوتين .

1- أوكرانيا: أهم قضية بالنسبة لموسكو ضمن العلاقات الروسية الأمريكية.

2-أوروبا: تعزيز الأمن الأوروبي وما يمكن ان تقدمه روسيا لأمريكا من معلوماتاستخباراتية او امنية مهمة وملحة.

3-الصين: تتفهم روسيا قلق شركائها الأمريكيين بشأن نمو الصين ومن المتوقع طرححلول لهذه المسألة بالتفاهم مع الصين.

4-الملف الإيراني، الاتفاق النووي والعلاقة مع التنظيمات المسلحة التي تقوم ايرانبرعايتها ومنها حزب الله وحماس والحشد الشعبي وحركة انصار الله في اليمن .

5-تدخل روسيا في الشؤون الداخلية لأمريكا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي.

5-مكافحة الإرهاب والشراكة الممكنة في هذا الملف، منها محاربة داعش في العراق.

6-وقف انتشار الأسلحة النووية.

صاحب ذلك كله لغة التهديد الامريكية

اذ قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، إنالولايات المتحدةالأمريكية سترد إذا استمرت أنشطة روسيا الضارّة ضد واشنطن”.

واشار  سوليفان إلى أنمواقع الولايات المتحدة سوف تكون أكثر متانة للتصدّيللتحديات والأخطار التي تواجهها لدى عودة الرئيس إلى واشنطن”. وذكر أن من بينالتحديات مواجهة روسيا والصين والهجمات السيبرانية وقواعد التجارة الدولية.

وقد كثرت في الاونة الاخيرة الاتهامات الامريكية لروسيا بعمليات القرصنة الالكترونيةالتي تطال وزارة الدفاع والمراكز المهمة في واشنطن .

ويبدو من النقاط الست الخلافية ان هناك تركيز حول الصين وايران .

الملف الصيني والمعركة القادمة معها ستكون حول الاقتصاد والتوسع الصيني في العالم، فالهيمنة الاقتصادية الصينية تزعج الولايات المتحدة ، خصوصاً وان اغلب الشركاتالامريكية الكبرى تعتمد على العمالة الصينية ، ولها مواقع عمل عملاقة داخل الصين ،مما يؤثر بشكل او باخر على الاقتصاد الامريكي .

ايران والمواجهة

ربما ستكون ايران  بيضة القبان في هذه المواجهة ، وستستفيد من هذا الصراع ،فستسعى الاطراف الى كسب ودها وتقديم  امتيازات لها بغرض عزلها او تحييدها ،فالموقع الجيوسياسي لايران يشكل عاملاً مهماً بالصراع ،كما ان ايران تسعى لاستغلاله.

وضمن ملفات بايدن الستة الملف الايراني ، الذي يعمل عليه الاوربيون والامريكان بقوةهذه الايام . سواء من خلال اجتماعات فيينا ، أو من خلال حوار بغداد بين  طهران وواشنطن .

من هنا يمكن ان نفهم اسباب الحوار الامريكي الايراني في بغداد وكذلك  محادثات فييناالتي تقترب من الوصول الى نتائج ملموسة فيها .

فهناك توقع كبير   من  ان الولايات المتحدة. سترفع العقوبات عن بعض الشخصياتوالشركات والبنوك التي تتعامل مع ايران الاسبوع القادم .

و سيتم التفاهم في بغداد على تحييد الجماعات الموالية لطهران ، كما ان هناك بوادر  لانطلاق محادثات لانهاء ازمة اليمن التي تمر الان بحالة هدوء من جميع الاطراف .

ولعلنا نستنتج ان الوضع العراقي القادم سيكون اكثر استقراراً ، اذا ما نجحت واشنطنفي التوصل مع طهران الي مشتركات في المنطقة ، وهناك بوادر واضحة للتوجهاتالامريكية بهذا الشأن .

وما زيارة دومينيك راب وزير الخارجية البريطاني الى بغداد قبيل قمة السبعة سوىرسالة واضحة لدعم  العراق ، هذه الزيارة التي تزامنت مع زيارة رئيس فيلق القدسقائاني الى بغداد كذلك .

كل هذه الخطوات التي تقوم بها واشنطن من اجل سحب الاوراق التي يمكن ان تلعب بهاروسيا والصين في المواجهة القادمة ..

روسيا تخشى التمدد الاوربي الامريكي على حدودها والذي صار يقترب شيئاً فشيئاًمنها ، واصبح على بعد 600 كم منها ، اذ ان اوكرانيا باتت حليفة لواشنطن ،  وهناكمحاولات حول بيلاروسيا الحليفة لروسيا والتي فرضت عليها عقوبات منع الطيرانالمدني في الاجواء الاوربية  كذلك محاصرتها بعقوبات اخرى.

روسيا ترى ان ميزانية حلف الناتو العسكرية  ازدادت بعشرات الأضعاف، وتبنى الحلفنهجاً عدائياً ضد روسيا، يمثل تحديّاً حقيقياً للأمن القومي الروسي، وليس التصعيدالكلامي الأخير، سوى نتيجة منطقية لسياسات منهجية مستمرة لمحاصرة روسيا منجميع الاتجاهات، بما في ذلك قواعد في دول عربية، تنفيذاً لخطة أمريكية للبنتاغون، تمتنفيذ 80% منها لتأمين التجهيزات والحشود العسكرية الجوية والبرّية المعزّزة بالقواعدالصاروخية.

كل هذا وروسيا تشاهد ما يدور حولها ، فلا يمكنها الاكتفاء بالفرجة ، وهي تعلم اناللقاءات والمؤتمرات وكذلك الدعوات الاوربية  للتفاهم بشأن القوة العسكرية  ليست سوىمماطلة لكسب الوقت لانقضاض على روسيا  وللاستفراد بالصين .

لكن  هناك مشكلة تواجه امريكا. وهي ان الاوربيين لا يتوافقون مع الرؤية الامريكيةبشكل كامل ، ولديهم مصالحهم الخاصة ، فمن المعروف ان روسيا تستورد 50 % مناحتياجاتها من اوربا وبالتالي اي قطيعة تحدث سوف تضر باوربا اقتصاديا ، وتجعلروسيا تتجه نحو الصين بشكل كامل ، ويتشكل المحور الروسي الصيني الايراني الكوريالجنوبي بشكل رسمي ، يمكن ان يضاف لهم كل من فنزويلا وكوبا وسوريا وبعض الدولالاخرى .

تأثير التصعيد على منطقة الشرق الاوسط

اذا ما استمر التصعيد ولغة التهديد بين الجانبين واذا تشمل المحور الصيني الروسيبشكل علني سينعكس ذلك على منطقة الشرق الاوسط وسنعود الى اجواء الحرب الباردةواجواء المحاور السابق .

، لكن الامر لا يبدو هكذا فمل المؤشرات تقول ان الصراع لا ينحو نحو القوة العسكرية اوالمواجهة ولن يتعدى التصريحات والباربگاندا الاعلامية ، فالظروف ليست مهيأة في ظلالجائحة وكذلك في ظل تغيير معادلات الصراع ، فلم تعد الجيوش والدبابات القوةالحاسمة في المعركة بقدر ما تكون التكنلوجيا ودورها الحاسم .

فقد اثبتت التجارب في  حرب اليمن و حرب غزة ، كيف تفوق الضعفاء على الاقوياء .

لكن يبقى السؤال كيف ينجو الشرق الاوسط من من هذا الصراع ؟

(Visited 14 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *