غازي التكريتي العملاق الذي قتل ( لجمن )
قحطان جاسم جواد
احيانا تاجيل موعد ما يمر مرور الكرام من دون ان يترك اثرا في النفس, واحيانا اخرى يترك اثرا يدمي القلوب ويوجعها, كما حدث لي حين سمعت بنبأ رحيل الفنان القدير غازي التكريتي في 4/5/ 1997 وهو اليوم نفسه الذي مات فيه موسيقارالاجيال محمد عبد الوهاب عام 1991، والسبب هو انني اتفقت مع الزميل علي زين العابدين للذهاب الى منزله ، لانه جاره , واتفقنا على ان نذهب اليه مابين يومي 6و7 لكن المنية كانت سباقة له فاختطفته يد المنون قبلنا ولم يتم اللقاء !! أليس ذلك يدمي القلب ؟ ! رحمة الله على روحه . تربطني مع الفنان الراحل عدة ذكريات منها صحفية واخرى فنية .وكان اول لقاء لي في مجلة الف باء مع هذا الفنان الكبير . واذكر حينها التقيته في مقهى قرب الاذاعة في عام 1981وكان الفنان التكريتي منتشيا ايما انتشاء نتيجة لنجاح دوره الشيخ ضاري في فيلم المسألة الكبرى ,الذي يقتل القائد الانكليزي لجمن ذلك الداهية , الذي اذاق العشائر العراقية الامرين نتيجة لعنجهيته وقساوته وشراسته , مما اضطر الشيخ ضاري المحمود للتصدي له وقتله منقذا للشعب العراقي من جبروته. !! واذكر جيدا حديث الفنان التكريتي عن لحظة اللقاء بينه وبين الفنان العالمي ( اوليفر ريد ) الذي مثل شخصية لجمن , وكان التكريتي يتحدث عن تلك اللحظات بزهو وفرح كبيرين . قال لي عندما شربت الماء وانا اشربه من ( طاسة ) الماء وهو يتحدث لي يقصد لجمن خرج الماء من فمي الى وجهه مما جعله يستشيط غضبا!!
وبعد انتهاء المشهد قال اوليفر ريد ان هذا الفنان عملاق ويمتلك موهبة وذكاء شديدين وبصراحة انا معجب بإدائه المتميز . ! ولا اعتقد ان مثل هذا الحديث يصدر اعتباطا او مجاملة من فنان نجم يشار اليه بالبنان في كل انحاء العالم.
وذهبنا انا والتكريتي بسيارة اجرة الى الشارع الذي يقع خلف سينما اطلس بشارع السعدون .وكان المكان بمثابة مطعم بار( فضحكت ) حين نزلنا من السيارة فاجابني بضحكة اخرى , وقال لندخل وكانت مفاجأة كبيرة لي اذ وجدت العديد من الفنانين والصحفيين كل مجموعة قد اخذت ركنا من المكان ! وكتبت اللقاء ونشر وفرح به الفنان الراحل ، لاسيما انه كان خلف الاضواء ومعتم عليه برغم من دوره الكبير في الفيلم .
قبل لقائي الاول بهذا الفنان المبدع كنت قد تعرفت اليه ممثلا في العديد من الاعمال الفنية الكبيرة , منها تمثيلية ( السنطور ) التي مثل فصولها بوجهه وتعبيراته الموحية وبلغة العيون المفسرة للاحداث ولما يقول. كان التكريتي في هذا العمل عملاقا ايضا كما قال عنه اوليفر ريد في المسألة الكبرى.وقد شهدت تصويراخر افلامه ( زائر الليل ) عرض على شاشة السكرين في سينما النجاح عام 1996.وكانت حالته الصحية متعبة جدا بحيث يطول تصوير كل مشهد , وكان المخرج علي هادي الحسون قد اختاره لاداء الدور لانه شعر ان ايامه الاخيرة لم يتبقى منها شيئا .!