ضياء الشكرجي
لندع الكلام عن المنظومة السياسية المتنفذة منذ ٢٠٠٣، فقد عبرنا ما يكفي عن معارضتنا لها، وفضحناها وكشفنا عن عوراتها، فلنقف نحن المتطلعين إلى تخليص العراق، وقفة شجاعة في نقد الذات، لا على نحو جلد الذات، بل لمواجهة أخطائنا بكل شجاعة، وتشخيص أمراضنا، والكثير منها مشابهة لأمراض الطبقة السياسية التي ندينها، ومن أجل العمل الجاد لتغيير أنفسنا، كي نؤهل أنفسنا لتغيير الواقع، عملا بقاعدة إن فاقد الشيء لا يعطيه، وقاعدة ما كان لقوى سياسية أن تغير الواقع، ما لم تغير ما بنفسها.
المقاطعون أخطأوا خطأً تاريخيا في المقاطعة، فمثلا بعض الأحزاب التي اتخذت قرار المقاطعة، وهي التي عرفت بأخطائها، رغم تاريخها النضالي وتجربتها التي لا يملك أحد مثلها على الأقل من حيث العقود الطويلة، فإنها لو اتخذت قرار عدم المشاركة، بمصارحة الشعب بعدم توقعها الفوز، رغم إيمانها العميق بمبادئها، لكون الأكثرية العددية ليست معيارا لتقييم ما هو أصلح وأنفع، مع احترامنا لقرار الأكثرية، حتى لو لم نقتنع به، فهكذا هي الديمقراطية، لنالت الاحترام الكبير لهذه الصراحة.
ولو كنا قد أهلنا أنفسنا، ليس فكريا وعمليا فقط، بل حتى أخلاقيا، كالتحلي بالإيثار وسائر الأخلاق التي لا غنى للمشروع الوطني عنها. لكننا عجزنا عن توحيد أنفسنا على المشتركات، فأصبحنا – ما شاء الله – عشرات الأحزاب والحراكات والتحالفات، فشتتنا الجهد الذي كان يجب توحيده، والأدهى فإن الكثير منا نحن المعارضين للمنظومة السياسية، سواء المقاطعين أو المشاركين على حد سواء، مصاب بأمراض لا يمكن أن نغير الواقع ما لم نتشافَ منها، من قبيل النرجسية والاعتداد بالذات، وحب القيادة، والازدواجية، مما كان سيجعل خطر فوزنا أكبر بكثير من احتمال تحقيق مصلحة وطنية من خلال وجودنا في السلطة التشريعية، ناهيك عن السلطة التنفيذية، إذ كنا سنخيب آمال الشعب بنا، ونزيد اليائسين يأسا من إمكانية التغيير، فإننا للأسف لم نبلغ بعد سن الرشد السياسي، لننال ثقة أكثرية الشعب، وننجح ولو بعض النجاح، في السير نحو التغيير المتطلع إليه.
أما المشاركون، فهم الآخرون لم يعدّوا العدة كما ينبغي، ولم يؤهلوا أنفسهم حق التأهيل للمشاركة، لقلة التجربة، وعدم الوضوح في الفكر السياسي، مع احترامنا وتمنياتنا لهم بالنجاح في أدائهم البرلماني، رغم أن تأثيرهم، حتى لو كان أداؤهم أداءً سليما، سيكون ضعيفا، لقلتهم.
الأسئلة، ونحن نواجه هذه الواقع، التي يجب علينا أن نضعها أمامنا:
– هل نحن مستعدون لنأخذ الدرس؟
– هل نحن مستعدون لنقد الذات؟
– هل نحن مستعدون لتصحيح الأخطاء؟
– هل نبدأ اليوم في ١٥/١٠/٢٠٢١، أم سنبدأ بخمسة دقائق قبل انتخابات ٢٠٢٥، لنثبت لأنفسنا ولشعبنا أننا أصبحنا فنانين بارعين في فن تفويت الفرص؟
كثير منا ما زال يستخدم الدين في خطابه السياسي، فمتى نفهم أن حرية الدين مكفولة، وأن للدين ميدانه وللسياسة ميدانها؟
متى يفهم السياسي عندما يبدأ كلامه بعبارة “باسم الله الرحمان الرحيم”، بأنه بذلك كأنه يقول لغير المسلمين أنتم غير معنيين بخطابي؟
نحن العلمانيين الديمقراطيين ندافع عن حرية المؤمن بدينه في الإيمان به والتعبير عن إيمانه، وندافع عن حرية المتدين في تدينه، لكننا نقول نرجوكم لا تقحموا دينكم، ولا يقحم الملحد إلحاده في الشأن السياسي، ونقول للمعارض المتدين، أنت ثرت ضد الأحزاب التي سيّست الدين، وأصبحت تُدَيِّن خطابك السياسي، فأخبرني ما الفرق؟
وهكذا أصبح المقاطعون الذين وجدناهم وكأن المقاطعة أصبحت إيديولوجيا عندهم، يمنحون وسام التشرينية حصرا للمقاطعين، وينفونها عن غيرهم.
هل من وقفة مراجعة؟
أخطاؤنا بين قراري المقاطعة والمشاركة / ضياء الشكرچي
(Visited 2 times, 1 visits today)