تضع الكتل السياسية العراقية مصير رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي أمام احتمالات كلها تشدد الخناق على حركته ومشروعه الذي اعلن عنه في برنامجه الحكومي الذي وصفه مراقبون بالثوري والمنفعل والمليء بالامال فضا عن تماهيه مع المناخ الجماهيري الذي احدثته تظاهرات تشرين العام الماضي. وتتسم الية الخناق تلك في إصرار الفصائل المسلحة وقوى سياسية على تنفيذ قرار البرلمان بجدولة الانسحاب الأميركي من الباد، في سقف تقول إنه يجب ألا يتجاوز منتصف العام المقبل. وتتهم تلك القوى الكاظمي بأنه يسعى إلى تنفيذ أجندات أميركية على حساب العلاقة مع طهران. وهو اصؤار بدا يربكه كثيرا بوصفه تحديا يضاف الى تحديات عدة، أبرزها تلك المتعلقة بالأزمة المالية التي تضرب البلاد،والتي تسببت في عجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، وتراجع سعر صرف الدينار العراقي، وكذلك أزمة كورونا . التهديد والإتهام والتلميح بالعمالة تارة وبافتعال أزمات اقتصادية وسياسية هي في حقيقتها أزمات موروثة من سلفه المستقيل الذي ورثها هو بدورة دون إصاح او انجاز، وكأنّ هذا هو المطلوب. لان الواقع السياسي الذي يشهده العراق صنعته طبقة سياسية بصيغ مختلفة وهي مازالت تملك مفاتيح الاقفال العراقية التي يراد لها ان تظل مقفلة وهي طبقة تبدو واضحة المكونات المعروفة – الشيعة – السنة – الكرد – الاقليات لكنها معقدة جدا بحكم تباين مرجعياتها ومتغير سياسات تلك المرجعيات المتعادية اميركا – ايران ومن هو سائر في ركابها – تركيا – الخليج .. الخ. ورغم تقاسم المسؤولية المفترض في جرف البلد الى هذه الحال لكم الثقل الاكبر يقع على عائق رئيس الوزراء – الشيعي الذي تم اخياره من الاغلبية ومازال الطيف الشيعي اليساسي منقسما بشانه وتحديدا الفتح وسائرون وبتفصيل اكثر )بعض( الجماعات المنضوية تحت عنوان الحشد الشعبي التي هددت الكاظمي علنا وتجرأت عليه، هناك منها من اتهمه بالعمالة و وبانه خيار امريكي في وقت تقضي فيه التقاليد السياسية العراقية ان لامسؤول يمر لاسيما رئيس الوزراء الا عن طريق تواقيع الكتل الشيعية الرئيسة وابرزها الفتح ، لذلك ياخذ المراقبون هذا النمط من التهديدات والاتهامات يهدف الى دائرة الاضعاف والتخويف والتوقف عن أي اجراء يتخذه ، بحيث وصفت احدى الجماعات مايسمى بانجازات الكاظمي بانها دعائية متخذة من فورة المنافذ الحدودية والتعهد بالقاء القبض على قتلة عدد من النشطاء واتخاذه قرارات احتفالية مثل الغاء رواتب السجناء السياسيين ثم العدول عنها ، وقرارات كثيرة تُصوّر السيد الكاظمي عاجزاً وربما مدانا وربما تستكمل خطوات الخناق في التوجهٍ لإجراء تعديل وزاري في حكومة مصطفى الكاظمي، يطاول خمسة وزراء هم وزير المالية علي عبد الأمير عاوي، وزير التجارة عاء الجبوري، وزير الصناعة منهل عزيز الخباز، وزير الكهرباء ماجد حنتوش، ووزير النفط إحسان عبد الجبار، رغم انها كما يفترض حكومة مؤقتة قصيرة العمر ذات اهداف محددة. ويؤكد هذا التوجه أن تعامل القوى السياسية النافذة في العراق مع ملف إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة بعد نحو 6 أشهر من الآن، غير جدّي في ذات السياق وتصعيدا للموقف صرح ممثل كتلة صادقون الجناح البرلماني لحركة عصائب اهل الحق السيد احمد الكناني «بأن هناك توجه لاستضافة واستجواب الكاظمي على خلفية الاخفاقات المستمرة لحكومته وانه – أي الكناني – لم يستبعد اقالة الكاظمي اذا ماحظيت بموافقة الكتل السياسية على ذلك .» لكن الكاظمي الذي يحاول بذكاء وتحمّل وصبر الإمساك بالعصأ من المنتصف رغم انه يراها عصا لاوسط فيها اساسا ومدببة بالالغام يوحي بان اللعب من اجل التغيير السياسي يطبخ على نار هادئة ، ولذلك يرى المراقبون ان الكاظمي اختار طرفا قويا في المعادلة هو التيار الصدري كحليف ومتنفذ في ابرز شؤون الدولة ليلعب بنفسه مع اللاعبين الكبار ، وربما شعر بشيء من الاطمئنان خاصة بعد احداث الناصرية التي بقي غافا عن مواجهاتها تارة ومتدخا لحماية المتظاهرين بصيغة استعراضية تارة اخرى. لكن هذا الامر يجعل من مستقبل السيد الكاظمي اكثر غموضا ، امام حقيقتين .. الاولى سعي التيار الصدري نفسه للحصول على منصب رئيس الوزراء ، والثاني محاولات معارضية داخل الاحزاب الشيعية لقبر مشروع الانتخابات المبكرة الذي يمثل انجازه الوحيد حتى الان. حيث تمضي الجهود الى تعطيله وحرف غاياته، منها عرقلة اكمال الاجراءات القانونية والتذرع بالجو الحار في الموعد المحدد ، ومشاكل كثيرة ستخلق من اجل تاجيل المبكرة الى شهر نيسان 2022 وهو الموعد الاعتيادي للانتخابات البرلمانية بعد انتخابات 2018 . وبذلك تكون فكرة المبكرة قد تمت مصادرتها في التوقيتات،مثلما تم تقويضها بتحشيد الاحزاب الحاكمة لللمشاركة فيها بذات المشاريع وذات الوجوه . فمن سيكون بديل الكاظمي في المرحلة المقبلة
تكهنات ثاث حتى الآن – الاول هو صعود نجم حميد الغزي القيادي في التيار الصدري والامين العام لمجلس الوزراء في حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي، وهو المسؤول الوحيد الذي فرضه السيد مقتدى على الحكومتين ويعول على نشاطه وادارته والمامه بشؤون رئاسة الوزراء ، وهذا الامر سيفتح باب التنافس داخل البيت الشيعي على اشده لتسميته، والبديل الآخر هو عودة محمد شياع السوداني الى الواجهة بتنبني دولة القانون ومكونات الفتح التي ترى ان تسميته تحقق هدفين، الاول فرض ما ماتوهّم المتظاهرون بانهم قطعوا الطريق عليه كبديل لعادل عبد المهدي. وهي حركة ذات بعد رمزي والثانية اعادة دولة القانون الى الواجهة رغم ان السوداني نفسه اعلن استقالته من حزب الدعوة ودخل الانتخابات بكتلة جديدة. هذه الارضية تفتح شهية الكثير من المرشحين السابقين للمنصب من الذين لم يحالفهم الحظ لاسباب مختلفة والذين يدخلون الانتخابات بكتل متعددة مثل عدنان الزرفي ومحمد توفيق عاوي والقائمة تطول، لكن واحداً من الخيارات يظل قائما لدى السيد الكاظمي في ان يكون هو نفسه مرشح التيار الصدري ليعمل السيد الصدر على دعمه وتثبيته ومواجهة الغرماء لفرضه بالقوة. لاسيما وان الكاظمي حتى الان لم يصطدم بمكونات الاحزاب الشيعية رغم تجازواتها عليه وتهديدها اياه مرة بالاستجواب ومرة بالاقالة ومرة اخرى بالضعف والعمالة .
من هو بديل الكاظمي في المرحلة المقبلة؟
(Visited 3 times, 1 visits today)