امنيات وليست نصائح: الدولة الحضارية الحديثة / محمد عبد الجبار الشبوط

امنيات وليست نصائح: الدولة الحضارية الحديثة / محمد عبد الجبار الشبوط

محمد عبد الجبار الشبوط

الانتخابات، في الفكر السياسي الديمقراطي، هي الية لتداول السلطة سلميا فيالمجتمع. ومن هنا جاء تعريف الديمقراطية بانهامنظومة اليات محايدة لتداول السلطةسلميا ودوريا عن طريق الانتخابات“.

وهي مباراة تنافسية سياسية ودية وليست معركة بين اعداء وخصوم وليس الفوز فيهاانتصار بالمعنى العسكري.

وموضوع هذه المباراة هو خدمة الانسان، او المواطن. “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ“.

ذلك ان تعريف السياسة عندنا هي: رعاية شؤون الناس.

ومن اجل تحسين الاداء الديمقراطي الخدمة للحكومة، اقدم في هذه السلسلة من المقالاتمجموعة امنيات لي كمواطن، وربما تكون نصائح، ارجو ممن سوف يتولى تشكيلالحكومة نيابة عن الشعب الاخذ بها وتنفيذها.

الامنية الاولى: ان تعلن الحكومة انها تعمل من اجل اقامة الدولة الحضارية الحديثة فيالعراق.

خلال السنوات التي مرت على العراق بعد ١٤ تموز عام ١٩٥٨ تبنت الاحزاب السياسيةالرئيسية اهدافا وشعارات ايديولوجية. الحزب الشيوعي تبنى الماركسية اللينينية. حزبالبعث تبنى هدف الدولة القومية العربية. الاحزاب الاسلامية تبنت الدولة الاسلامية. وعمّقت هذه الاهداف الايديولوجية الخلافات والانقسامات في المجتمع العراقي. وبسببالتخلف الحضاري للمجتمع جسدت هذه الانقسامات نفسها على شكل ممارساتصراعية عنيفة وقاسية ذهب ضحيتها الكثير من العراقيين، وهدر بسببها المال والجهدوالزمن.

آن الاوان ان يكون الهدف هو اسعاد الانسان العراقي عن طريق تحسين نوعية الحياةالتي يحياها، وتطويرها، وهذا ما يمكن تحقيقه عن طريق زيادة انتاجية المجتمع،والعدالة في توزيع الثروة والسلطة، وتحسين الخدمات، وتبسيط الاجراءات، وبسط الامن،والحرية والمساواة، وتوفير فرص العمل العادلة، والسكن، والرعاية الصحية، والتعليم،وغير ذلك.

وهذا ما لا يمكن تحقيقه الا في اطار ومن خلال الدولة الحضارية الحديثة، الامر الذيجربته وحققته شعوب اخرى كثيرة في اوروبا واسيا وافريقيا، كما في اليابان وماليزياوسنغافورة، والدانمارك والنرويج وفنلندا وهولندا، ورواندا، وغيرها من الدول.

وانا اعلم ان اقامة الدولة الحضارية الحديثة لا يتحقق خلال اربع سنوات فقط، لان الامريحتاج الى وقت اطول، الى اجيال؛ لكن الشروع في السير في الطريق المؤدي الى تحقيقهذا الهدف يتم في لحظة، هي لحظة اتخاذ الحكومة الجديدة قرارا باتخاذ الدولةالحضارية الحديثة هدفا اعلى للحكومة ومعها المجتمع كله. وهذا هدف انساني عاممشترك يمكن ان يجمع تحت مظلته العراقيين باختلاف تنويعاتهم العرقية والدينيةوالمذهبية والحزبية والمناطقية.

والدولة الحضارية الحديثة دولة قيمية، وهذا هو ما يميزها عن الدول المتخلفة،والاستبدادية، والدكتاتورية، وغيرها.

ومنظومة القيم العليا للدولة الحضارية الحديثة هي التي تمكن الفرد والمجتمع والدولةمن تشغيل المركب الحضاري وعناصره الخمسة (الانسان، الارض، الزمن، العلم، العمل) منالاشتغال بطريقة تضمن تحقيق الاهداف الانسانية والخدمية التي ذكرتها قبل قليل. وتضم منظومة القيم العليا مفردات مثل التعاون، والتطوع، والتسامح، والحوار،والتهذيب، والنظافة، والاخلاص، والوسطية، وغير ذلك.

وتقوم الدولة الحضارية على ركائز واسس متينة منها: المواطنة والديمقراطية وحكمالقانون والمؤسسات والعلم الحديث.

وبناء عليه، فان على الحكومة الجديدة ان تعمل على تعزيز هذه الاسس الخمسة، فيمختلف المجالات، بحث تكون هذه الاسس اساسا ومقياسا لتصرفاتها واجراءاتهاوقراراتها. وسوف تتعلق هذه الاجراءات فيما يمكن ان نطلق عليه عنوانا عريضا هوالاصلاح الحضاري الذي يشمل العديد من المفردات الاصلاحية الفرعية مثل: الاصلاحالسياسي، والاصلاح الاقتصادي، والاصلاح الحزبي، والاصلاح التربوي، وغير ذلك.

كانت الحكومات السابقة تضع الكثير من التفاصيل في برامجها العملية، لكنها لم تضعتلك التفاصيل في اطار رؤية شاملة جامعة، وقد ان الاوان بعد عقود من المعاناة والحرمانان تتصرف الحكومات العراقية بوحي رؤية مستقبلية علمية متكاملة هي الدولةالحضارية الحديثة.

يتبع

(Visited 2 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *