حسين فوزي
إعلان قرار الخطوط الجوية العراقية عن بيع تذاكرها عبر جميع المنافذ بسعر البنك المركزي للدولار خطوة إيجابية تخفف بعضاً محدوداً من ضغط تكاليف شراء تذاكر السفر على شراء الدولار، خطوة مدروسة لمعالجة منفذ لزيادة الطلب على الدولار بما يزيد من المضاربة عليه.
كذلك فأن فتح منافذ بيع الدولار للمسافرين خطوة أخرى لتمكين المواطن البسيط من الوصول إلى الدولار بعيداً عن قبضة المضاربين، لكن هاتين الخطوتين تظلان إجراءات معنية بجزء صغير من منافذ التعامل بالدولار.
المشكلة الكبرى تظل قائمة، ومن المؤشرات التي تدعم هذا الرأي حجم مبيعات الدولار الأخيرة بعد التفاهم مع البنك الاتحادي الأميركي، فمبيعات تتخطى 300 مليون دولار يومياً، قد تعني أن التجار ورجال الأعمال يوفرون السلع للمواطنين بما يؤدي إلى الحد من ارتفاع الأسعار، لكن الأسعار ما زالت تتصاعد.
وموضوعياً عند دراسة مخارج التحويلات الخارجية بكافة اشكالها، تظل هناك فجوة كبيرة جداً بين الأموال المحولة إلى الخارج لشراء السلع وبين قيمة السلع المستوردة عملياً، حتى عند مراجعة قيمتها المكتبية المجردة، ناهيك عن حقيقة أن الكثير من “رجال المضاربة وليس الأعمال” باتت خبراتهم متنوعة في تخطي أساليب الرقابة والتدقيق، حد قدرتهم، كما شهدنا في مناسبات عديدة، على أدخال وهمي للسلع وتسجيل استلامها في مخازن أهلية وحكومية.
لقد كانت وستظل الأسواق المدعومة، سواء من قبل سلطات رسمية مباشرة، أو من خلال الجمعيات التعاونية، تشكل منفذا فاعلاً للحد من ارتفاع الأسعار، وضمان استيراد سلع حقيقية لمصلحة المواطن، بالأخص إذا ما دخلت الدولة طرفاً مباشراً في التعاقد على شراء العديد من السلع الضرورية، سواء بقصد توفيرها للتجار لاحقاً، أو لتغذية “الأسواق المركزية” المدعومة والجمعيات التعاونية.
وحتى في مجال الإنتاج يمكن أن تسترجع الأجهزة الحكومية تسهيلات حقيقية في دعم الجمعيات الإنتاجية والشركات المساهمة في تنمية قدراتها على انتاج سلع متعددة مما يحتاجه الإنسان العراقي. وهي الخطوة الأهم عما ذكرناه في تقليص حجم الاستيراد بالتالي تقليل خروج الدولار بجانب تشغيل الأيدي العاملة المنتجة والعمل جدياً باتجاه التحرر من الاقتصاد الريعي المعتمد على تصدير النفط.
إن العودة إلى أطلاق شراء العملة من قبل رجال الأعمال بالشكل الذي نشهده حالياً، بدون تطبيق الإجراءات التي دعا السيد رئيس الوزراء إلى تنفيذها في تدقيق المخرجات النهائية للتحويلات الخارجية، بجانب تدقيق أسعار السلع المستوردة كذلك مدى تطابق مواصفاتها مع الاستخدام الآدمي، الذي بات منفذاً آخر ليس لسرقة العراقيين فقط إنما لقتلهم…فما اكثر المواد الغذائية نافدة الصلاحية التي نتناولها، ومنها على سبيل المثال البسيط أنواع المكسرات من الجوز والفستق ..الخ المستوردة وهي تالفة لا تصلح للاستخدام الآدمي..
إن مراقبة تحويلات الدولار ومخرجاته التي تعود لنا، لم يكن ولن يكون، مجرد محاولة لوقف نزيف أموالنا من العملات الصعبة وتدمير اقتصادنا، فهي ايضاً أجراء ينبغي ان يكون لحماية سلامة العراقيين صحياً، وهذا يشمل حتى الأدوية المستوردة نافدة الصلاحية، فيما كان الأمل أن يحقق العراق قدراً كبيراً من الاكتفاء الذاتي في مجال الكثير من أنواع الأدوية “البسيطة” كذلك السلع المنزلية المعمرة على الأقل…لكننا ما زلنا نعيش نتائج إدارة بريمر في تدمير المنتج الوطني، حتى الطباعة التي باتت تستحوذ عليها ” مطابع الجوار.
العراقية .. خطوة على الطريق الصحيح .. لكن
(Visited 25 times, 1 visits today)