نادية الكتبي
كم من مرة تعرضنا للاستغلال في حياتنا اليومية و العملية؟ وكم من مرة تسلق البعضعلى اكتافنا حتى وصلوا لمبتغياتهم؟ ولكن لِمِ الاستغلال وهل يُعتبر مرض نفسي أم سوءتربية؟
في الحقيقة ان الانسان المُستغل يُصنف بالانسان الأناني فهو ذلك الذي يُحب لنفسهالنجاح و الخير والتمييز ولربما الربح المادي على حساب غيره. بالأحرى هو الذييستخدم الآخرين سُلّما للوصول لأهدافه. يتمييز هذا الانسان بأنه يفكر كثيرا و يحللالامور وينظر ببعد من منظاره. فلا يهمه الدوس على الآخرين خلال رحلته ولا يأبه لماسيحل بغيره بمخاطر هذه الرحلة للوصول الى هدفه. ولكن النقطة الاساسية في المستغلانه قادر على التمثيل باحتراف بدور المحب و الناصح والمساعد للآخرين. فهو يتملقللآخرين لاجل استخدامهم . فيظهر القناع الجميل و المؤدب و الرقيق من خلال تعامله معمن يستغلهم في سبيل إقناعهم انه الانسان الصحيح في المكان الصحيح و انه مصدرثقة و اعتماد. من هنا تعتبر الضحية ان هذا المُستغل من اصدق الناس وعليه بالاعتمادعليه . وما ان تحين فرصة العبور يدوس على الضحية بكل برود وبكل ثقة ويصل بالطبعلهدفه منتصرا سعيدا بانجازه.
اما من منظار المُستغل , فهو لا يرى انه قام باي خلل بعلاقاته انما يعتبر نفسه ضحيةاللوم و العتاب و يستخلص ان كل ما يقولونه عنه سببه الغيرة و الحقد لانه انسان ناجحو طموح. نعم فهو يدافع عن نفسه بانه كان العون و السند و كان مصدر الثقة لمن حولهوعلى هذا يجب ان يُشكر بل يجب ان يكون الاخرون ممتنين له. وما نجاحه ووصولهلهدفه الا نتيجة للجهد و التعب و الطموح .وان المقربون(الضحايا الذي داس عليهم) ماهم الا حساد لنجاحه و انانيون لا يريدون التصفيق له و تهنئته على نجاحه و تحقيقطموحاته.
فما هي المسببات التي دفعت بالمستغل لسحق من حوله؟ هل فهي أمراض نفسية وعقدداخلية ؟ ام انها سوء تربية ؟
يعتقد علماء النفس ان المستغل انسان مضطهد في الصغر وقد تعرض للتنمر بحياتهبكثرة بل تعرض للاذية النفسية لدرجة انه قرر الانتقام على هيئة اللانسان الناجح. نظريةالانسان الناجح تنقسم الى صنفين فهناك الذي يريد النجاح ويعمل على تهذيب نفسهالمنتفضة و هناك الذي يريد النجاح فيستخدم كل ما يدور من حوله و يسخرهم للوصوللنقطة النجاح و هذا النوع خطير جدا لانه قادر على اذية اي بشر في سبيل الوصولويعرف بالاستغلالي او المستغل.
اما علماء الاجتماع فيعتبرون سوء التربية هي الدعامة الاساسية التي بنت شخصيةالاستغلالي. فلربما كان احد الابوين استغلاليا ونجح في حياته الاجتماعية او العمليةويعتبره الطفل قدوة له و اما ان الاهل لم يعرفوا ان يربوا الطفل الاستغلالي على قيمالصح و الخطا فتمادى الطفل في استغلاله حتى صار وحشا بالمجتمع. فتبدا منذ الصغرفعلى سبيل المثال، ان الطفل اراد قطعة حلوى ثانية ورفض اهله فيذهب حيلة لاخوه اواخته متملقا لهم بان يطلبوا قطعة حلوى. فان فعلوا و اخذها و استمتع بها حصلت لديهنشوة النصر . هذا التحقيق سيجعل في داخله حافزا للاستغلال باشكال شتى من اجلالوصول لهدفه في المستقبل.
في كل الاحوال الانسان الاستغلالي انسان منبوذ بالمجتمع بل مكروه مِن مَن حوله ولايُعتبر مصدر ثقة . و باعتقادي، الاستغلالي يتجرد من الصفاة الانسانية من حب الخيرللآخرين و حب المشاركة والاحساس بالغير و مشاعرهم والصدق والولاء و الاخلاص بالمعاملات وعليه ان يعالج نفسيا من امراضه و ان يلجا لربه عسى ولعل ربنا الكريمالرحيم ان يرحمه فيهديه للطريق السوي.
