الكتله المشاكسه
امير الخطيب
في العمل النحتي، و الذي هو عباره عن كتله تملأ فراغا ما من هذا الكون ، يكون الوضوح و النتوء هو سيد الموقف، يكون الظل و الضوء او الخطوط المنحنية و المستقيمة طولا و عرضا هي التي تبرز هذه الكتله التي تملأ الفراغ.
في اعماله الاخيره تميز الفنان علي خضر ، و لانه نحات بارع، اقول تميز و انصرف عن هذه القاعده ، او ليسمح لي ان اقول شذ عن القاعده التي ذكرت ، فانفرد بملأ الكتله النحتية بالالوان، الالوان جميعها ، فقد عمل منحوتاته و غلفها بالوان حاره حين و بارده حينا اخر.
ان تملأ كتله نحتية الوان هذا شيء ربما يبدوا عادي للكثير من الناس لكنه ليس عادي بقياسات الاعمال النحتية التي تمتاز بلون واحد او لونين او بالكثير ثلاثة الوان، فمن منا لا يتذكر اعمال مايكل انجيلو او اعمال جواد سليم ، فعادة ما يكون التمثال من ماده واحده، البرونز مثلا، او الجبس او الخشب او اي مادة اخرى، و عادة ما يترك الفنان لون المادة التي صنع منها التمثال فمثلا (عمل تمثال الامومة) لجواد سليم من الخشب، و الذي طلاه الفنان سليم اعطاه لون واحد فقط، و ميز هذا العمل الخشبي باللون الذي وضعه ، و هكذا اعمال محمد غني حكمت البرونزيه، يتركها بلونها و التي تصدأ بمرور الزمن، فتترك او تتدرج و تصبح ذا لون اخضر طاعن او التي تصل احيانا الى اللون البني الفاتح.
علي خضر فكر في تقنية اخرى فقد استخدم الوان عدة لتماثيله التي صنعها ، فتبدوا الالوان افريقية او الوان ريفية قديمه، لكن معالجته لتماثيله بهذه الالوان جاء اضافة جديدة في رأيي ، لان موضوعاته الاثريه الى نفسه، الامومة، المراة، الرجل، اشخاص من هنا و هناك، هي التي الحت عليه هذه المرة ان يعطيها حياة اخرى غير التي نعتاد ان نراه في الغالب الاعم.
بقي ان اقول ان علي خضر فنان يحب التجريب، وهو مولع بالنحت و الرسم ايضا ، الا انه يجرب اشياء جديده، مواد مختلفه، اقمشه، مزج الوان غير مألوفه ، و هذا لعمري ديدن الفنان الجاد الذي يعشق الفن من اجل تلوين الحياة لا اكثر، و في اعتقادي انه شاكس في وضع الوان متعدده لتماثيله التي صنعها موخرا و التي عرضها في معرض خاص في لندن.
امير الخطيب