القبانجي وابداعه الاستثنائي
قحطان جاسم جواد
فنان رائد وقديرقدم للموسيقى والغناء العراقي خدمة جليلة.وشذب المقام العراقي من الالفاظ الاعجمية. واضاف اليه نغما كان منسيا(مقام اللآمي) واعاد اليه الحياة ودخل في استخدامات المقام العراقي المتعددة،لا بل استعاره موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب وبنى عليه لحن اغنية يلي زرعتوا البرتقال.وهوالرائد لفكرة الدمج بين الالات الموسيقية الحديثه وآلات الجالغيالبغدادي،فأصبحت كل نتاجاته الغنائية فيما بعد تعتمد على هذه الصيغة الالية الجديدة،وتبعه في ذلك كل قراء المقام العراقي الذين جاءوا من بعده منذ نهاية الاربعينيات من القرن الماضي حتى يومنا هذا.وشارك في اول مؤتمر للموسيقى العربية عقد في القاهرة سنة1932 وغنى فيه واثار اعجاب المشاركين.وعلى هامش المؤتمر قدم المشاركون في هذا المؤتمر حفلاً فنياً ساهراً قدم خصيصاً للملك فؤاد الاول ملك مصر ومن على قاعة الاوبرا المصرية. وقد خصص 10 دقائق لكل فرقه تقدم فيها وصلة من غناء بلدها، وعندما جاء دور العراق في تقديم وصلتهم أعجب الملك فؤاد بما قدمته الفرقة الموسيقية العراقية وبغناء القبانجي فأعطى الايعاز بالسماح للوفد العراقي بالاستمرار .. فقدم الاستاذ محمد القبانجي وقتها ساعة ونصف من الزمن ،وهو يتنقل من مقام الى مقام وحلق في سماء الإبداع ما أبهر جميع الحاضرين فخرج الناس عن سكونهم وصمتهم،بالرغم بما تلقوه من أوامر بالصمت في حضرة الملك.. فانهالت الأكف بالتصفيق إعجابا وتقديرا ، وعلى أثر هذا الإعجاب استدعي القبانجي إلى القصر الملكي وقدم له مبلغا كبيرا من المال بأسمالملك ولكن ما عرف عن عفة القبانجي جعلته يمتنع عن قبول المال، لكن الحاشية الملكية أفهموه أن هبة الملوك لا ترد، فأضطر الى قبولها عندئذ معلقا:”أنالست بحاجة إلى المال وأن الله عز وجل قد أغناني ولكني سأقبل هذه الهبة من أجل البركة لا غير.
كما غنى القبانجي قصيدة (شمس الحميا) للشاعرمحمد سعيد الحبوبي. وكان هنالك الشاعر
محجوب ثابت الصديق المقرب لامير الشعراء احمد شوقي .. وقد نقل له ما سمعه واطربه .. فطلب شوقي ان يرى القبانجي وغناها امامه واعجب بها شوقي كثيرا. ثم طلب منه ان يغني المجرشة فابدع فيها القبانجي. كما ساعد القبانجي في انتشار المطرب ناظم الغزالي ضمن منهاجه بمساعدة الشباب، ووقف بوجه من اراد به السوء لانه خالف كل المقاميين بطريقته في الغناء وخروجه عن المألوف. القبانجي كان مثقفا ويطلع على كل جديد في الموسيقى ومن يتتبع اعماله يشعر بحجم التطور الذي اضفاه على المقام العراقي ، حتى باتت تسمى طريقته في الغناء بالطريقة القبانجيةفي المقام العراقي. الرحمة والغفران لهذ الفنان النبيل الذي بنى جامعا باسمه ودفن فيه.