ايران و روسيا اختلاف الأيدولوجيا و وحدة الهدف

ايران و روسيا اختلاف الأيدولوجيا و وحدة الهدف

علاء الخطيب

بعد الهجوم الإسرائيلي على ايران بدت معادلة التحالف الروسي الإيراني أكثر وضوحاً ،واكثر تأثيراً  ، و رغم  ما قيل عن تزويد ايران روسيا بالسلاح في حربها ضد أوكرانيا ، الذي نفته ايران مراراً ، إلا ان صورة التحالف تعززت ابان الهجوم الإسرائيلي الأخير على ايران ، فقد  ذكر نائب قائد سلاح الجو الروسي أناتولي كونوفالوف ان ” أنظمة التشويش الروسية حرمت طائرات الـ F35  من التقاط الاشارة  من الأقمار الصناعية الامريكية  لضرب الأهداف الإيرانية .

اذ لعبت روسيا دوراً مهما في افشال الهجوم ، بل في فضيحة السلاح الأمريكي الأكثر تطورا، وادخلت معادلة  توازن ردع  جديدة ،كما أوضح هذا التعاون العسكري بين طهران وموسكو شكل التحالف الاستراتيجي بين البلدين .

وان ايران  لن تحارب لوحدها ، ولا يمكن لإسرائيل وأمريكا الاستفراد بها ، ولعل ما   موسكو ارادت  ان توصل مثل هذه الرسالة.

أو ربما كان الموقف الروسي طبيعيا ، فقد سبق وان وقفت ايران إلى جانب روسيا  في الصراع بين ارمينيا وكازاخستان، وكذلك تحالف البلدان في سوريا ،و افغانستان وفي كثير من القضايا .

كما ان هذا التعاون هو تمظهراً لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة المزمع توقيعها  بين ايران وروسيا في عشق آباد كما اوضح ذلك السفير الايراني في موسكو كاظم جلالي.

روسيا لن تتخلى عن ايران

لقد سرَّبت روسيا معلومات خطيرة عن توقيت  الهجوم الإسرائيلي على ايران   ، فقد كشفت الاستخبارات العسكرية  الروسية  ان الهجوم كان لابد ان يقع قبيل الانتخابات الأمريكية ، وسيكون محدوداً ، لذا استعدت إيران بشكل جيد لمواجهة الهجوم .

فقد بات التحالف الروسي الإيراني ضرورة ملحة لكلا الطرفين فروسيا التي تواجه امريكا في أوكرانيا تحتاج لحليف قريب وقوي تعتمد عليه ، ناهيك عن انها لا ترغب ان ترى طهران ضعيفة ، اذ سيمكن هذا الضعف واشنطن من انشاء حالة مقلقة لروسيا على حدودها ، وروسيا بدورها لا ترغب بوجود جار موالٍ لأمريكا في حالة الإطاحة بالنظام الايراني .

لذا الموقف الروسي بالتحالف مع ايران  هو  لحماية الامن القومي الروسي ،  ومنع امريكا من التوسع اكثر بمنطقة الخليج .

ايران ان من جهتها حسمت خياراتها بالتحالف مع روسيا الجار القوي الذي يمتلك حق النقض” الفيتو ” ، وهو الدرع الواقي لاي قرار اممي يصدر ضد ايران فيما إذا حصل ذلك ، بالإضافة إلى ان العلاقات الروسية الصينية القوية ،وهذا عامل قوة إضافي منحت ايران مزيداً من الاطمئنان والقوة  ، فالمعروف ان إيران تمتلك علاقات اقتصادية وسياسية متينة مع الصين ، وبهذا  التحالف الثلاثي تصبح طهران  في مأمن من التربص الأمريكي بها ، بل ان الظروف اثبتت ان روسيا  والصين حليفان يمكن الوثوق بهما ،  فلدى هذه الدول مشتركات مهمة ، ابتدأً  بالموقع الجغرافي مرورا  بالعداء للسياسة الأمريكية وخضوعها للعقوبات الغربية ، وليس انتهاءً  بالمصالح المشتركة وحاجة كل الأطراف  لبعضها.

سلاح روسي في ايران

منذ ان قصفت إسرائيل  القنصلية الإيرانية في دمشق وقتلت قادة في الحرس الثوري ، باتت إيران في مواجهة مباشرة وحتمية  مع إسرائيل، وكان لابد لطهران ان تستعد لهذه المواجهة ، فميزان القوة العسكرية الجوية يميل لصالح إسرائيل ، لامتلاكها طائرات الشبح والـF35  ، فمن الضروري ان تتزود إيران بأسلحة مواجهة فعالة ، وأهمها الصواريخ المضادة للطائرات ، وهو منظومة الـ S 400 , لذا قامت روسيا  وبسرية تامة بتسريع عملية نقل أنظمة الدفاع الجوي إلى إيران.

إلا أن صحيفةنيويورك تايمزالأميركية كتبت عن هذا بالإشارة إلى اثنين من المسؤولين الإيرانيين.

وبحسب الصحيفة،تمت مناقشة الإمدادات العسكرية خلال لقاء بين القيادة الإيرانية وأمين مجلسالأمن الروسي ووزير الدفاع السابق سيرغي شويغو خلال زياراته المتكررة لإيران الصيف الماضي” .

وفي طهران، التقى شويغو  الرئيس الإيراني وقائد القوات المسلحة الإيرانية، وخلال الاجتماع، بحسبوسائل إعلام إيرانية، قال شويغو إن روسيا مستعدةللتعاون الكامل مع إيران في القضايا الإقليمية“. ووفق مصادر متطابقة،  وفي الوقت  ذاته طلبت إيران أيضاً، عبر شويغو، إضافة إلى أنظمة دفاع جويمتطورة من طرازأس-400 تريومفوما فوق، مقاتلات من طرازسو-35″ من روسيا.

وعند إعلان واشنطن  نصب منظومة ” ثاد” في إسرائيل ، سارع الروس وقرروا تسريع عملية تسليم ايران بما تحتاجه من منظومات الدفاع الجوي، مع خبراء روس  لدراسة طبيعة الرد.

 فقد ذكرت صحيفة ” واشنطن بوست ان مسؤولون أمريكيون قالوا : ” إن عدد الأنظمة الدفاعية التيوفرتها موسكو لطهران غير معروف، مؤكدين أن التكنولوجيا الروسية يمكن أن تحول إيران إلى خصمأقوى بكثير، مع قدرة معززة على إسقاط الطائرات والصواريخ.

مقاتلات سوخوي 35 هل تغير المعادلة

منذ مدة وايران تفاوض موسكو على الطائرات الروسية الأحدث  والأقوى سوخوي35 ,  فقد نشرت الواشنطن بوست  تقريرا  يقول : ان روسيا كانت مترددة في تسليم هذا النوع من الطائرات إلى طهران ، وذلك لعدة اسباب أولها الخشية من اختلال موازين الردع في الشرق الأوسط ، بالإضافة كما ذكرت الصحيفة تأخر إيران في دفع مستحقات الطائرات.

ولكن يبقى السؤال حتى لو تسلمت إيران هذا النوع من الطائرات، كما أعلنت  العام الماضي، بأن صفقة شراء مقاتلاتسوخوي-35″ من روسيا، قد تمت دون إضافة أي معلومات حول عددها أو موعد وصوله . فهل سيتسنى لطهران استخدمها؟

لكن من جانب اخر  ذكر التقرير ان  وجود المقاتلات الروسية بكل الاحوال  سيزيد من قدرة ايران الدفاعية، وان تواجد الخبراء الروس مع الايرانيين  سيعمل على تبادل الخبرات التكنولوجية العسكرية وهذا ما تسعى اليه ايران .

وحدة الهدف

ان ما يجمع البلدين الجارين علاقة وطيدة منذ عشرات السنين ،رغم ان ايران دولة دينية وروسيا دولة علمانية كانت توصف بـ ” المتحدة ” .

فمنذ  انتصار الثروة الإيرانية ، فهمت القيادة الايرانية بان صراعها مع الولايات المتحدة طويل وسيمتد ، ولابد لها من حليف  وان اختلفت معه ايدولوجياً لكن المصالح  ستبقى المحرك الاساس في العلاقة بينهما   ، لذا توجهت نحو الاتحاد السوفيتي انذاك الذي  كان يترنح ، بخطواته الاخيرة ،  و بينما الرئيس السوفيتي  الاخير غورباتشوف  يعلن   عن البروسترويكا ” إعادة البناء “، وقد اشتدَّت الأزمة على موسكو وهبط سعر صرف الروبل  وتدهورت الحالة الاقتصادية . راحت ايران تستغل الفرصة لنقل التكنولوجيا المتطورة من الدول التي أعلنت انفصالها عن الاتحاد السوفيتي ، وبوصول فلاديمير بوتين تبدلت الحالة ومدت إيران جسور التواصل مع موسكو ، ووقعت امريكا بالخطأ القاتل حين جعلت روسيا في خانة الاعداء والمنافسين ، فازداد التقارب بين طهران وموسكو ، واجتمعوا على وحدة الهدف في العداء لأمريكا ، حتى تطور إلى تحالف استراتيجي وتعاون وثيق، رغم اختلاف الأيديولوجيا ، وها هي اليوم تجني إيران ثمار هذا التعاون ، لتحمي نفسها من اي عدوان أمريكي ، وحتى لو حصل فسيجعل امريكا تحسب الف حساب للمواجهة .

(Visited 2 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *