ايام في الشركاط الاشورية
قحطان جاسم جواد
لم ازر الشركاط سابقا باستثناء المرورعلى حافاتها عند السفر الى الموصل.لكن الرجل النبيل د. ياسرتركي اتاح لنا الفرصة عندما استضاف مسرحية ذا هوم للفنان المعلم غانم حميد وفريق عمله. المسرحية هي اول عمل يقدم في المدينة منذ قرن من الزمان.وقد اجتهد حميد برؤيته الصحيحة للاحداث والمنطقة بتقديم عمل شعبي بأمتياز على حد تعبير د.ماهر الكتيباني.قدم قضية الارهاب ومحاربته بشكل سلس ومطعم برؤية شعبية صرفةومؤطر باللغة المحكية والاغنية المعبرة،والتنافسالشديد في امتطاء صهوة الابداع بين الممثلين (هناء محمد ومحمد هاشم ود.مظفر الطيب وبيداء رشيد ومحمود شنيشل).لقد كانوا شعلة مضيئة للتعبير عن الافكار والاحداث وفضح الارهاب ومراميه. بصراحة افرحونا وابكونا على نحو كبير.وقد خرجت جماهير الشركاط عن بكرة ابيها لتحضر العرض، بينما المكان يتسع ل300 مقعدفعانى المخرج في اخراج الواقفين والجالسين على الارض.لان العرض يتطلب صمتا وهدوء.
لقد تمكن العرض بقيادة مخرجه الكبيرغانم حميد من تحقيق الكثير من الامور منها(انه قدم بطريقة المسرح الشعبي المثالي، بعيدا عن عروض المهرجانات/ حول القاعة الى مكان للعرض المسرحي رغم انها لاتنفع لذلك/استفاد من التجربة الماضية للعرض/ استثمر طاقات الممثلين استثمارا كبيرا وناجحا للغاية/جعل اهل الشركاط قاطبة يحضرون العرض ويتفاعلون معه بحرارة، رغم انه يحمل فكرة فلسفية/ اثبت فيها المخرج انه فنان بدرجة معلم/الفنان حيدر ود.امير قدما اسهامات راقية في الانارة والصوت وجلبا اجهزتهم من بغداد بسيارتهم الخاصة من اجل انجاح العرض.كسبجمهورا جديدا للمسرح من طلبة وكاسبين ونساء/الارتقاء بذائقة الجمهور نحو الافضل،النجاح في الشرقاط سيشجع على عروض اخرى في اماكن اخرى من الوطن،ذهب الى الجمهور في اقصى العراق جغرافيا). وهذه امور ليس من السهل توافرها في كل عرض مسرحي،لكن توفرها في (ذا هوم) معناه النجاح.كنا متوجسين من التجربة وفرص النجاح، لان المنطقة لم تستقبل عرضا مسرحيا عراقيا منذ عام1908 فكيف ستضمن النجاح.لكن عبقرية المخرج الذكي،وارتقاء الممثلين الى مستوى تقديم عمل ناجح يحاكي الجمهور بطريقة ذكية،وفطنة الجمهور ذاته رغم اختلاف مستوياته الاجتماعية والفكرية،جعل النجاح ضرورة حتمية. وهنا وقف المخرج وقفة مشهودة حين قرر ان يعود يوما الى الشركاط بعمل كوميدي راق يشبع ذائقة الجمهور في المدينة.اما عن الاستقبال والضيافة فحدث ولاحرج. فكان ابناء المدينة يتسابقون في تقديم الضيافة العربية المنشودة.فهناك من فرغ منزله لنكن في ضيافته.وهناك من اقام مأدبة عشاء اوغذاء على شرفنا.اما صاحب الدعوة الكريمة د(ياسر تركي) فكان كخلية نحل لااكل ولانوم ولاراحة. يعمل بلا كلل او ملل من اجل راحة وسعادة ضيوفه، متحملا تكاليف النقل والسكن والطعام منذ لحظة مغادرتنا بغداد ظهر يوم الاربعاء وحتى عودتنا مساء السبت. لقد كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس.نجحاهل المدينة في ضيافتنا واستقبالنا استقبالا كبيرا. ونجح العرض ذا هوم بطريقة تثير الاعجاب.كما قرر مهندس العرض(المخرج المعلم) ان تطوف المسرحية في انحاء العراق.انطلاقا من مقولة المسرح بلا جمهور لايسمى مسرحا.وان لم يأت الجمهور الى المسرح فعلى المسرح ان يذهب الى الجمهور.وهكذا كانت ذا هوم مسرحية في قلب الحدث في المدينة الاشورية(الشرقاط)، التي تعرضت الى التدمير والتدنيس من عصابات الارهاب الداعشية.وبما انها تحكي قصة الارهاب وداعش وافعاله،فكانت تتكلم عن حدث وويلات عاشها ابناء المدينة فنجحت المسرحية في عرض الاحداث وادانة الارهاب كما نجح الجمهور في استيعاب فلسفة العمل. تحية اكبار للجميع لانهم كانوا يحبون العراق(غالي وطنة….وطنة غالي)وهو ماتقوله الاغنية في نهاية العرض.