كتب المحرر الياسي للمستقل :
لقاءات سياسية وزيارات معلنة وغير معلنة من قبل السياسيين لاسيما الشيعة الى كردستان لبحث تحالفات مابعد الانتخابات ومستقبل الحكومة الحالية وشكل الحكومة المقبلة .
فرغم أصوات العداء والانتقاد التي يصرح بها مسؤولون مباشرة أو عبر وسائل اعلامهم الحزبية ضد المسؤولين السياسيين في كردستان لكنهم في الحقيقة لم يكونوا قادرين يوماً عن لي ذراع القرار الكردي والاستغناء عن دوره في صناعة الملوك . ربما تُزعِج هذه الحقيقة الكثير لكن الوقائع تثبتها منذ نيسان 2003 ، ومنذ أنْ حَمَل السيد نوري المالكي ايام نهاية ولايته الاولى كل مايستطيعه من صلاحيات ووعود الى طاولة السيد مسعود البرزاني من أجل ان تعمل أربيل على منحه ولاية ثانية بعد انتخابات 2010 وقد حصل بعد أن استغرقت المماطلة في تشكيل الحكومة اكثر من عشرة اشهر ! وبدا الحديث عن امكانية تبني دولة عربية لحل الازمة بين الفرقاء بما عرف ( بطائف عراقي ) على غرار قرارات الطائف التي سار على هديها النظام السياسي في لبنان بعد الحرب الاهلية .
ورغم التثقيف ضد السيد مسعود البرزاني الا أن اغلب السياسيين الشيعة مازالوا يعتبرونه المرجع السياسي المؤثر في القرارات ، ولاتكاد حكومة تتشكل أو رئيس وزراء شيعي ياتي الا باذن من السيد مسعود البرزاني ، حتى حين حصل بين حكومة السيد حيدر العبادي وبين الحزب الكردستني على خلفية الاستفتاء الفاشل على استقلال كردستان . والمواجهة التي أضعفت موقف البرزاني في حينها ، رقّعته حكومة عادل عبد المهدي باستقبال البرزاني استقبال الأبطال على سجادة حمراء لاتمد الا للضيوف الزائرين من خارج البلاد ! ليعود السيد البرزاني ويشكل أعلى ولاية سياسية في كردستان بعد تسليم رئاسة الاقليم الى السيد نيجرفان ابن اخيه والحكومة الى ولده بمباركة جميع الأحزاب والكتل والوزارات والشخصيات والرئاسات والأديان العراقية دون استثناء .
ليس هنا مجال الحديث عن خلفيات ذلك واسراره والدور الدولي والاقليمي الذي يشكل هذه المعادلات ، لكن الشعب الذي يشهد مايحدث من حقائق ووقائع خلاف التثقيف الفئوي السائد ، لايرى تفسيرا الا ان شؤون السياسة العراقية تمر من بوابة كردستان وتحديدا من مكتب السيد البرزاني الذي جعل اعضاء مكتبه الاعلامي ومكتبه الخاص وزراء سياديين في الدولة العراقية لاكثر من دورة حكومية .
لايختلف الامر هذه المرة كثيرا خاصة بعد ملابسات ايصال السيد مصطفى الكاظمي الى رئاسة الوزراء والاطمئنان الكردي لهذا الترتيب ، لذلك تاتي المباحثات التي تجريها كتل واحزاب وشخصيات عراقية رغم اختلافاتها مع السيد البرزاني تحديدا ، في سياق هذا الامر وتحت جناح هذا النفوذ . والقيادة الكردية لاسيما في حزب البرزاني تستمع الى هذه الاراء والطموحات الشيعية المتضاربة ، حيث استقبل السيد مسعود في مكتبه قبل اشهر وفد التيار الصدري برئاسة الدكتور نصار الربيعي ، اللقاء النادر التي احيط بالتكهنات ابرزها الاتفاق على منح الكاظمي دورة ثانية كحل وسط بين مرشح صدري صريح ومرشح من كتل اخرى . اعقب ذلك الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها السيد نوري المالكي زعيم كتلة دولة القانون ولقائه السيد البرزاني وهو لقاء احيط اولا بتوجس من غريم المالكي التيار الصدري بدعوى ان الزيارة تهدف الى قطع الطريق على حصاد الصدريين من نفوذ الكرد ، وايضا من الكتل الشيعية المقربة من المالكي و التي ترى في هذا التقارب قفزا على ثوابت الخلافات التقليدية مع البرزاني باتجاه البحث عن دعم كردي لاعادة المالكي مجددا الى رئاسة الوزراء ، وعلى حد تعبير احد المراقبين الذي علقوا على ماوصفوه بكسب ود السيد مسعود بالقول ” اذا كانت القوى الكردية هي جزء من صفقة ابعاد المالكي عن رئاسة الوزراء في ٢٠١٤، فما المانع من تحولها الى جزء اخر من اعادته للسلطة مجدداً”. لاسيما وان القادة الكرد ربما يعرفون جيدا عن السياسيين الشيعة واحزابهم فرادى اكثر مما يعرف بعضهم عن بعض .
وفي كل حال فان ما يجعل حراك هذه الأيام من بحث عن تحالفات قُبَيْل أنْ يصوت العراقيون لانتخاب ممثليهم في انتخابات العاشر من تشرين المقبل يؤشر الى أن الطبقة السياسية مطمئنة بان التغيير الجوهري غائب تماماً وأن حراك تشرين دخَل أرشيف الإهتمامات الجدية لدى الحكام العراقيين على اختلاف تطلعاتهم ، وأن المرحلة القادمة ليست سوى جولات جديدة من نزاع الأقوياء .أمام جمهور المشاهدين الذي لايملك الا خياري التصفيق لمن يفوز أوالعودة الى البيوت بخفّي حنين .