هناك ظواهر اجتماعية
كانت ولا زالت ترغم
الفتيات على نمط حياة
طبقاً لما ترتأيه الثقافة
الذكورية في العراق.
تقديم الفتاة كهدية الى
رجل كبير في السن او
من المقربين للعائلة او
فدية لحل نزاع عشائري
او ما يعرف ب « الفصلية .»
والفتاتان، المهداة
والفَصْليَّة، ليس لهما
حقّ المطالبة بالتفريق أو
الطاق، لأنَّهما مجرَّدتان
من حقوقهما وفقاً
للأعراف العشائريَّة.
ففي منتصف سبعينيات
القرن الماضي،أصدرت
حكومة الرئيس العراقي
الأسبق أحمد حسن
البكر قراراً مُنع بموجبه
تزويج الفتيات وفق
أعراف الدية أو الهدية. ومثَّل القرار خطوة أولى في توجه المجتمع نحو
المدنيّة، وعزوفاً واضحاً عن ترسبات المجتمع القبلي أو البدوي.
لكن هذه القرارات لم تصمد طويلاً وعادت بعد الحرب العراقية الايرانية
القيم والأعراف العشائريَّة والبدويَّة البالية الى الانتعاش، وهي التي
تشكِّل المرأة إحدى أهم ضحاياها، على حساب قيم الدولة المدنيَّة.
وقد شهدت سنوات الحصارالذي فرضه مجلس الأمن الدولي على
العراق، والتي امتدت من عام 1990 لغاية عام 2003 ، اثر غزو الكويت
تراجعاً كبيراً في الوضع المعيشي للفرد العراقي. وقدَّرت منظَّمة الغذاء
والزراعة الدوليَّة أن الفقر اتسع بين عامي 1995 1996 ليشمل 71 في المئة
من السكان. وإثر هذا، أصبح العراقيون يعيشون في ضائقة مالية كبيرة
عجزوا خلالها عن توفير أبسط مقوِّمات الحياة، مما دفع ببعض الآباء
إلى تزويج بناتهم بأعمار مبكِّرة ليحقِّقوا هدفين في آن واحد، أوَّلهما
التخلَّص من عبء أحد أفراد العائلة، وثانيهما الاستفادة من المهر
المقدَّم للعروس.
وبعد التغيير الذي حصل عام 2003 ، بإطاحة نظام صدام حسين واحتلال
القوات الاميركية للعراق، ازدادت حالات الفقر. وجاءت مصحوبة بظاهرة
التأجيج الطائفي الذي شرّد مئات الآلاف من العوائل العراقية داخل البلاد
وخارجها، مما زاد في حالات الزواج المبكِّر، بعيداً عن رقابة القانون
وأجهزة الدولة ومنظَّمات المجتمع المدني، على الرغم من أن هذا الزواج
يمثَّل انتهاكاً لحقوق
الإنسان، وخرقاً لمواثيق
ومعاهدات دولية وقَّع
عليها العراق.ويؤكد
مسح أجراه الجهاز
المركزي للإحصاء،
التابع لوزارة التخطيط
العراقية بشأن «معارف
وسلوكيات وطموحات
الفتاة المراهقة ،»
بالتعاون مع هيئة
إحصاء إقليم كردستان،
ووزارتي الصّحة والمرأة،
إن التقديرات السكانيَّة
تشير إلى أن عدد
الفتيات في العراق
ضمن الفئات العمريَّة
) 10 14 ( سنة بلغ 1.9
مليون فتاة. ووفقاً
لهذه التقديرات، فإنِّهن
يمثِّلن تقريباً 6 في المئة
من إجمالي السكان.
وبحسب نتائج المسح فان الفتيات من هذه الفئة العمريَّة يتوزَّعن بواقع
65.4 في المئة في المناطق الحضرية و 34.6 في المئة في الأرياف.
وتلفت نتائج المسح إلى أن أغلب الفتيات في هذه المرحلة العمرية على
مقاعد الدراسة، إذ بلغت نسبة الملتحقات بالتعليم 82.4 في المئة، وترتفع
هذه النسبة في إقليم كردستان لتصل الى 92.9 في المئة.وقد أظهر
المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق الصادر عام 2007 أن 21
في المئة من الفتيات تزوجّن قبل بلوغهن سن ال 19 سنة، مقارنة ب 15
في المئة في أعوام 1997 و 2004 ، فيما يظهر الجهاز المركزي للإحصاء
عام 2011 أن 5 في المئة من الفتيات العراقيات تزوَّجن بعمر دون 15 سنة،
ونحو 22 في المئة دون سن 18 سنة. ومع أن قانون الأحوال الشخصيَّة
في العراق رقم 188 لسنة 1959 يُعدُّ متوافقاً إلى حد ما مع القوانين
الدولية التي تدعو إلى أن يكون الحدّ الأدنى للزواج عند اكمال ال 18
عاماً، )إذ يمنع القانون زواج الفتاة دون ال 15 عاماً، ويعطي التقدير للقاضي
وبرضا الوالدين في تزويج الفتاة بين ال 15 وال 18 عاماً(
ولكن القانون لا يمكن ان يطبق في ظل التماهي بين السياسيين
والمتنفذين العشائريين ، اذ لا يزال السياسيون يهرعون إلى شيوخ
العشائر لتحشيدهم من أجل الحصول على أصوات أبناء عشائرهم في
الانتخابات، ما يعطي لهؤلاء قوَّة تتعدَّى حدود القانون في الكثير من
الأحيان.
فتيات الهدايا والفصليات ضحايا الذكور
(Visited 8 times, 1 visits today)