*تدهور القطاع الصناعي في العراق .. الاسباب والحلول* /   ناجي الغزي

*تدهور القطاع الصناعي في العراق .. الاسباب والحلول* / ناجي الغزي

ناجي الغزي

*مقدمة*

لايزال قطاع الصناعة في العراق يعيش خمول وكساد وركود وينتظر من يسعفه وينهضبه بالمستوى المطلوب الذي يوازي المنطقة على أقل تقدير, في وقت يشهد العالم تطوركبير وهائل في مجال الصناعات المتنوعة. كما تشهد الصناعة العالمية اليوم تنافساكبيرا, بينما العراق يشهد تراجعا كبيرا عن مساحته الصناعية التقليدية المتواضعة.

في الوقت الذي تعاني الاسواق المحلية من ظاهرة الاغراق السلعي المستورد، في ظلانعدام الصناعات الوطنية المحلية. وذلك بسبب قرار بول بريمر الذي دعا الى تخفيضالرسوم الجمركية عن جميع السلع المستوردة إلى 5%  مما ساهم هذا القرار بشكل كبيرفي تدهور الصناعة العراقية. ورغم التشريع الاخير لقوانين التعرفة الجمركية وحمايةالمستهلك والتنافسية ومنع الإغراق السلعي في عام 2010 الا انه بقى حبر على ورق وذلكبسبب دخول الاحزاب وبعض الساسة النافذين على خط التجارة والاستيراد اضافة الىالفساد الإداري والمالي الذي نهش مؤسسات الدولة المعنية.

ويبدو ليس من مصلحتهم نمو القطاع الصناعي والإنتاجي في البلاد. فضلا عن ذلكتفتقد الحكومة العراقية لمنهجية الاستيراد الناجعة والمدروسة  حسب طلب السوق،وجميع البضائع والسلع المستوردة لا تخضع للسيطرة النوعية.

ونتيجة لتدني القطاع الصناعي الحكومي هناك مؤشرات تدل عن 83 شركة ومعمل تحتأشراف وزارة الصناعة والمعادن، لم يلمس منها المواطن العراقي إلا نسبة ضئيلة منالمنتج  تقدر بــ  5% من حاجة حاجة السوق, رغم توجه الحكومة الداعم للقطاعالصناعي.

وقد تجاوز حجم البضائع المستوردة من الصين عام 2018 و 2019 حوالي 21 مليار دولار  وفق بيانات عراقية رسمية، بالوقت الذي يقوم به العراق بتصدير ما قيمته 15 مليار دولارمن النفط مقابل استيراد سلع تفوق قيمتها سبعة مليارات دولار.

أما استيراد السلع  والطاقة الإيرانية عام 2019 بلغت ما قيمته 11 مليار دولار. أما تركيافي عام 2019 بلغت قيمة البضائع المستوردة إلى 20 مليار دولار. وهناك ارقام مهولة لدىالجهاز المركزي للإحصاء في العراق حول اجمالي الاستيراد للسلع والخدمات غيرالنفطية تقدر بمئات المليارات. وهذا سببه الاساسي تعطيل الصناعة الوطنية والمنتجالمحلي.

وهذا التراجع لايشمل القطاع  الصناعي فحسب بل حتى القطاع الزراعي الذي بات جلما يأكله المواطن العراقي في سلته الغذائية مستوردة على مستوى الخضروات والفاكهةوالدواجن واللحوم. رغم قرار وزارة الزراعة بمنع إدخال 12 مفردة زراعية لحماية الزراعةالمحلية  من ضمنها التمور والطماطم الا انها تدخل بطرق غير قانونية. وحسب وزارةالزراعة أن الأعوام الماضية 2018 و2019 شهدت استيراد محاصيل زراعية لا تقل قيمتهاعن 12 مليار دولار كل عام.

وعلى مستوى القطاع الخاص هناك حوال 57 الف معمل ومصنع مغلق كالمصانعالدوائية والنسيجية والورق والأدوية البيطرية والكيميائية حسب تصريح رئيس اتحادالصناعات العراقي (عادل عكاب الحسيناوي) في زيارة مع وزير الصناعة العراقي (منهلعزيز الخباز) الى سوريا معللين ذلك التعطيل بسبب الحروب والحصار وتدمير المنشاتالصناعية ومراكز الابحاث ومستلزمات الانتاج من قبل الاحتلال التي تعرضت أغلبهاللنهب والسلب والتخريب.

*اسباب التدهور*

ولعل من الاسباب الرئيسية لهذا التدهور هو غياب الخطط  وتفعيل القوانين  وسياساتحماية المنتج المحلي القادرة على احياء هذا القطاع، وكذلك رفع اسعار الوقود علىاصحاب المصانع والورش الصناعية الصغيرة مما ادى الى تعطيل المنتج المحلي. فضلاعن ذلك عدم قدرة المعامل والمصانع المنافسة بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وتقادم المكائنوالمعدات الصناعية وضعف الدعم والتمويل الحكومي للقطاع الخاص واعتماد الدولةعلى الاستيراد. والتحديات الامنية والارهاب والتدخلات الحزبية والسياسية.

*الحلول والسبل*

الحلول لاتصنعها الاراء المستقلة بل تصنعها الارادات السياسية القائمة على صنع القرار. ولكن هذا لايمنع من طرح الاراء والمقترحات نتيجة القراءات الموضوعية التي تلامس وجهالواقع وتؤشر على مكامن الخلل في تلك القطاعات الحيوية.

وعلى الدولة التي تبحث بجدية عن سبل النهوض بالقطاع الصناعي أن تأخذ بعينالاعتبار القيمة الحقيقية للمنتج المحلي ودور الصناعة في تطوير وتنمية البلاد.

فمن أهم سبل النهوض بهذا القطاع:

وضع أطر قانونية للقطاع الصناعي الخاص, وسن التشريعات الكفيلة بحمايته ودعمهابتداء من تأسيسه حتى العمال الى مخرجات الانتاج وحمايته.

وتوفير البنية التحية ومستلزمات الانتاج الحديثة. واعادة تأهيل وبناء مؤسسات البحثالعلمي الصناعي. وتنمية ودعم مراكز التعليم التقني والتدريب المهني ورفدها بالكوادرالعلمية والمهارات الفنية. وتوفير بيئة الامن وفرض سلطة القانون

وبناء وتطوير المدن الصناعية الكبيرة. وايجاد مصارف صناعية لتأمين وتمويل المشاريعالصناعية عن طريق القروض الميسرة وصناديق الاقتراض والتامين ضد المخاطروالحوادث والكوارث والازمات. مع الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية المرادفة للقطاعالصناعي التي تشكل تكامل اقتصادي عبر استراتيجية وطنية شاملة تحقق النهضةالاقتصادية في كل القطاعات. ومحاسبة الفاسدين ومحاكمتهم وابعادهم عن تلكالمؤسسات ذات العلاقة مع القطاع الصناعي.

(Visited 17 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *