أ.د عبد الستار الجميلي
1. في ظلّ تصاعد بوادر حرب المياه في العراق والوطن العربي، والتي إرتبطت بشكل خاص بأنهار شط العرب ودجلة والفرات والنيل والأردن، والآثار المتوقعة والمحتملة لهذه الحرب، بعد أن تجاوزت إستخدامات الأنهار والبحار والمحيطات موضوع الملاحة البحرية التقليدي، إلى الحاجات والموضوعات الحياتية والسياسية والإقتصادية والأمنية والإستراتيجية، التي كانت وستكون دوافع ومبررات وأهداف هذه الحروب المعلنة. هذا التصاعد شكّل أزمة تعاني منها الأنهار العربية لأسباب داخلية وخارجية كما يتبين من سياق الورقة.
2. وتنحصر الموارد المائية في الوطن العربي، بمياه الأمطار، والمياه الجوفية، والأنهار أو المجاري المائية السطحية. وتنقسم الأنهار في الوطن العربي بشكل عام إلى ثلاثة أنواع: الأنهار الطويلة، وهي النيل ودجلة والفرات. والأنهار القصيرة، وهي أنهار بلاد الشام وأنهار المغرب العربي وأنهار الصومال واريتريا. والأنهار الداخلية، وأهمها نهر الأردن ونهر بردى. وعلى الرغم من وجود أكثر من(50) نهر دائم الجريان في الوطن العربي، منها (25) نهراً دولياً،إضافة إلى وجود إثنين من أهم الأحواض النهرية في العالم:حوض النيل الذي يضم مصر والسودان، وحوض دجلة والفرات الذي يضم سورية والعراق. إلاّ أن الدول العربية تعدّ من المناطق قليلة الموارد المائية في العالم. ويبلغ إجمالي الموارد المائية السنوية في الوطن العربي (394) مليار م3،منها موارد جوفية تبلغ (42) مليار م3، و(352) مليار مترمكعب موارد سطحية. لكن ما يستثمر منها بحدود (175)مليار م3 فقط. وينبع بحدود(65%) من هذه الأنهار من البلدان المجاورة، حيث فرض هذا الواقع ضعفاً جيبوليتيكياعلى الوطن العربي. لذلك تعدّ مشكلة المياه من أخطر المشكلات الحيوية في الوطن العربي، التي تمسّ أمنه المائي في صميم حياة مواطنيه اليومية وآفاق تنميته البشرية والمادية. والتي بدأت تبرز هذه المخاطر في العراق الذي يعيش الآن حالة من القلق الآني، في ضوء تناقص مستوى المياه في نهريه الرئيسين.
3. وتتمثّل أبرز مظاهر أزمة المياه في الوطن العربي، بندرة المياه على المديين المتوسط والبعيد، نظرا لوقوع الوطن العربي ضمن المنطقة الجافة وشبه الجافة من الكرة الأرضية، الممتدة من أواسط آسيا إلى الساحل الأطلسي. وتزايد عدد السكان في الوطن العربي الذي يشهد أعلى نسبة في زيادةمعدل النمو السكاني في العالم بعد إفريقيا، مما جعل حصةالفرد من المياه تتناقض سنة بعد أخرى، حيث لا يتجاوز نصيب العرب من المياه (0,7%) من إجمالي الموارد المائية في العالم، بالرغم أن العرب يسكنون عُشر مساحة اليابسة. ما إنعكس على نصيب الفرد العربي سنويًا من الماء العذب والذي يبلغ(13,4%) فقط من مستواه العالمي. ويُضاف إلى ذلك التدخل الخارجي في دعم المشاريع المائية لدول المنبع، بهدف الإضرار بالدول العربية وتهديدها عبر إستخدام المياه كسلاح إستراتيجي وسلعة مقايضة مع النفط. كما تتمثّل مظاهر الأزمة في محاولة أطراف المربع المائي الإقليميالخطر ( تركيا وإيران وأثيوبيا والكيان الصهيوني) التنصل من القواعد العرفية والإتفاقية الدولية العامة والبينية مع بعض الدول العربية، التي تنظم الإستخدامات المتعددة للمجاري المائية الدولية، خصوصا ما تعلق بالإلتزام بمبدأتقاسم المياه مع الدول المتشاطئة معها.
4. ولما كانت أغلب منابع الأنهار العربية الرئيسية وروافدهاتقع خارج نطاق السيطرة العربية على هذه الموارد، فإن عددا من مصادر التنمية العربية عرضه لتهديدات شتى. وتظهرتلك التهديدات بوضوح أكبر في الأحواض الدولية الرئيسية (دجلة والفرات، والأردن، والنيل)، خاصة بعد قيام دول المنبع بإنشاء عدد من مشاريع السيطرة على مجاري الأنهار الدولية، مما يجعل الدول العربية عرضة لضغوط دول الجوار التي تحاول إستغلال مياه الأنهار المشتركة لصالحها على حساب مصالح الدول العربية المشروعة. فقد أُستخدمتالمياه عامل ضغط يهدد الوطن العربي بشكل عام، والجزءالحيوي من الوطن العربي بشكل خاص، الذي يضمّ سبعدول عربية تشكل منطقة القلب فيه، لذلك فإنّ أزمة المياه العربية يشتدّ تأثيرها بشكل مباشر على هذه الدول العربية السبع، وهي: مصر والسودان، العراق وسوريا، لبنان،فلسطين، والأردن. فقد قام الكيان الصهيوني بمساعدة أثيوبيا في بناء ثلاثة سدود على نهر النيل الأزرق للتحكم بمياه نهر النيل، إلى جانب ممارسة هذا الكيان التعسف بمطالبه المائية تجاه الدول العربية المجاورة وحرمانها من حصصها المائية. كما قامت تركيا بتنفيذ مشروع الجاب على مجاري نهري دجلة والفرات، الذي يشتمل على سبعة سدود على نهر الفرات وستة سدود على نهر دجلة، ما تسبّب بحرمان العراق وسورية من حصتهما المائية المقررة بموجب الإتفاقيات الدولية، وتصحر مساحات شاسعة من أراضيهماالزراعية، وإرتفاع نسب الملوحة فيها، الأمر الذي يفرض إعادة استصلاحها إذا ما أُريد زراعتها ثانيا. وقامت إيران بتحويل مجاري بعض الأنهار مثل أنهار الكارون وديالى والوند إلى داخل أراضيها بدلا من وجهتها المعتادة نحو العراق، ما حرم مدنا وقرى كثيرة من مواردها المائية دون وجه حق. وإزاء هذا التصميم من قبل دول المنبع على تنفيذ مشروعات مائية وإقامة سدود ضخمة، وإستيلاء الكيان الصهيوني بالقوةعلى مصادر المياه العربية، ومع الزيادة الهائلة في عدد السكان، تزداد حاجة الدول العربية للمياه، ما أفضى إلىظاهرة التقلص التدريجي للحصص العربية المستمد منالمياه.
وهناك أنهار دولية تستمد مياهها من الوطن العربي وتجري نحو دول الجوار، هي الأخرى مرشحة لأزمات وتهديدات من أطراف الطوق العربي( تركيا، والكيان الصهيوني)، إما لغرض زيادة حصة تلك الدول من المياه، وإما لإستخدام تلك الأنهار الدولية كحجة لتحقيق مأرب سياسية، كما هو الحال في نهر العاصي الذي تحاول تركيا من خلاله ممارسة الضغط السياسي على سوريا.
5. وتطرح أزمة المياه العربية الأهمية الخاصة للوطن العربي في الإستراتيجية الدولية، لوقوع قلب الوطن العربيإستراتيجيًا شرق البحر المتوسط بمحاذاة الجناح الجنوبيلحلف شمال الأطلسي، كما يحتوي الوطن العربي على أهم الممرات المائية الدولية في العالم وفي مقدمتها قناة السويس ومضائق باب المندب وهرمز وجبل طارق. وبالتالي فإنّ الدول العربية، تلعب دورًا هاما في ميزان القوى والإستقرار الإقليمي والدولي. فما تعانيه هذه الدول من مشكلات مائية حرجة يمكن أن تخل بالإستقرار إذا لم يتم علاجها. وفيضوء ذلك حاولت بعض الدول الكبرى، خصوصا أمريكا، أنتكون طرفًا في المشكلات المائية في المنطقة، مستثمرة عوامل الضعف لدول المصب، لتضغط عليها وقت ما تشاء لتحقيق أهدافها المركزية وتحافظ على مصالحها في هذا الجزء المهممن العالم، عبر المساهمة في تقوية بعض دول الجوار المائيالإقليمي كمراكز تهديد للوطن العربي. كما دخل البنك الدولي على خط أزمة المياه في الوطن العربي، عبر تمويلمشروعي جنوب شرق الأناضول في تركيا، وسد فينيشيافي أثيوبيا، وكذلك الترويج لبعض المفاهيم التي تحاول أنتخضع لها دول الوطن العربي، ومن بينها: ” تسعيرالمياه“،” إنشاء بنك المياه“ و“بورصة المياه” و “أسواقالمياه” .
6. وتُشكل تركيا وإيران وأثيوبيا والكيان الصهيونيأخطر مربع إقليمي يهدد الأمن المائي العربي، والمدعوم خارجيا، خصوصا من قبل أمريكا .حيث يهدف الدعمالأمريكي للكيان الصهيوني في مسألة المياه إلى إستقبال المستوطنين الصهاينة الجدد وإسكانهم فيفلسطين. كما قامت أميركا بدعم تركيا وتشجيعها على الإستحواذ على مياه نهر الفرات، والترويج لمشاريعهاالمائية المتمثلة بــ “أنابيب السلام” لبيع المياه إلى العرب والكيان الصهيوني، مما شجع هذا الكيان علىالتعاون الإستراتيجي مع تركيا لتمكينها من تنفيذمشاريعها الإروائية، خاصة مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، وذلك بهدف إستثمار منطقة “غازي عنتاب”، ليتمكن الكيان الصهيوني بذلك من التحكمفي حصص العراق وسوريا من مياه نهر الفرات.. فيما تستخدم إيران ورقة المياه للضغط على العراق وتنفيذ أجندتها التدخلية، عبر تحويل مصبات الأنهار إلى داخل إيران أو إستحداث مصبات على الخليج العربي بحيث لا يستفيد منها العراق.
كما قدّمت أمريكا مع الكيان الصهيوني الدعم لأثيوبيا، التي تمد مصر والسودان بنسبة ٨٥ %منمياه نهر النيل، وذلك بتقديم المال والخبرة لإنشاءمشاريع أثيوبيا الإروائية من أجل إستثمار عواملالضغط الجيوبوليتيكي الأثيوبي ضد كل من مصروالسودان. وكذلك دعم حركة الإنفصال في جنوبالسودان سابقاً، لعرقلة تنفيذ مشروع جونكلي، إضافة إلى منع البنك الدولي من تقديم الدعم المالي للعربلبناء مشاريعهم التنموية. ومازالت مشكلة سدّ النهضة مستمرة بسبب الإصرار الأثيوبي على ملئ السد وعدم إحترام قواعد القانون الدولي المنظمة للأنهار الدولية والحقوق المكتسبة لكل من مصر والسودان.
7. ويلعب القانون الدولي دوراً مهماً في تحديد ملكية الموارد المائية وتنظيم إستغلالها، سواء داخل حدود الدولة الواحدة أو بين عدة دول، وذلك من خلال وضعهلقواعد تنظم ملكية الدول للموارد الطبيعية بما فيها المياه، وقواعد لمعالجة المشكلات الناتجة عن تنازعهاحول هذه الموارد. وقد نظّم القانون الدولي قواعد التعامل بين الدول في إطار احترام السيادة لكل منها،وذلك في حالة عدم وجود إتفاقيات بين هذه الدول. وهذا ما كان عليه الحال بالنسبة للأنهار الدولية حتى أيار1997عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، إتفاقية دولية جديدة تنظم الإستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية. وقد ظلت بعض القواعد التي وضعها العرف القانوني سائدة للإسترشاد بها عند بحث النزاعات الإقليمية حول إستغلال الأنهار الدولية. وتتفق جميع مصادر قانون المجاري المائية الدولية، الأصلية والإستدلالية، على وجوب التوزيع العادل لمياه المجاري المائية الدولية بين دولها المتشاطئة، والإمتناع عن تغيير مجرى النهر، أو إقامة منشآت من شأنها أن تمس بحصص الدول الأخرى، وعلى إحترام الحقوق المكتسبة للدول المستفيدة، مع مراعاة حاجات كل دولة، ومدى إعتمادها على النهر الدولي، وإلزام الدولة المسببة للضرر، بالتعويض المناسب عن الأضرار التي تلحق بالدول الأخرى. وغير ذلك من المبادئ والقواعد والأحكام العرفية والإتفاقية التي نظّمت وتنظّم الإستخدامات المتعددة للمجاري المائية الدولية، السطحية منها والجوفية.
وتتمثّل أزمة المياه العربية في جانبها القانوني، في المشكلة القانونية التي يعانيها العرب والمتعلقةبمفهوم النهر الدولي والأحواض المائية الدولية، لأن(65%) من مواردهم المائية الجارية مرتبطة بالمفاهيمالقانونية للأنهار الدولية. وفي ضوء تلك القواعد القانونية الدولية التي نظّمت إستغلال المجاري المائية الدولية، عُقدت على مستوى الوطن العربي الكثير من الإتفاقيات والمعاهدات لتنظيم إستثمار مياه الأنهار المشتركة بين بعض الدول العربية، وكذلك بينها وبين بعض الدول المجاورة كتركيا وإيران وأثيوبيا. وهى تصبّ في ضمان حقوق الدول المشتركة في الأنهار الدولية، إلاّ إن ما يواجه هذه الإتفاقيات وبالتالي يُضاعف من مخاطر مشكلة المياه في الوطن العربي، هو عدم إلتزام أطراف الإتفاق الإقليمية بتطبيقها، وإتخاذ موضوع المياه سلاحا وسلعة إستراتيجيين لتحقيق المصالح الخاصة لهذه الدول. أما بالنسبة للطبقات المائية الجوفية المشتركة بين بعض الدول العربية، فإنه لم تُعقد أية إتفاقيات بينية حول تنظيم إستغلالها حتى الوقت الحاضر، من حيث الحقوق والإلتزامات المتبادلة. إلا أنّ عدم الترشيد في إستغلالها من قبل بعض الدول العربية على حساب حقوق الدول الأخرى المشتركة معها، قد يخلق نزاعاً حولها في المستقبل، مما يوجب عقد مثل هذه الإتفاقيات.
8. وبموجب معايير القواعد القانونية الدولية، فإنّ أنهار شط العرب ودجلة والفرات، والنيل، والأردن، تعدّ الأنهار الدولية الرئيسة في الوطن العربي، والتي ترتب على تنظيم إستغلالها مشاكل وصراعات وتوترات وصلت إلى حدّ النزاع المسلح. ما يتطلب ترسيخ صفتها الدولية، وتطبيق القواعد الدولية الخاصة بالمجاري المائية الدولية عليها، مع إحترام حقوق وواجبات الدول المتشاطئة عليها، لأنها قد تكون مصدراً للعلاقات التعاونية، أو قد تكون مصدراً للعلاقات الصراعية، بين الدول العربية وأطراف المربع المائي الإقليميالخطر.
9. وفيما يخص العراق، فتتمثّل أنهاره الدولية بشط العرب ودجلة والفرات، وتجسد المشكلات التي رافقتها، أزمة المياه في الوطن العربي في إطارها العام الذي تم تناولها في الفقرات السابقة. وبحكم وجود المنابع الرئيسة لهذه الأنهار، والأنهار التي تصب فيها، خارج العراق في تركيا وإيران، فإنّ ذلك خلق مشاكل سياسية وقانونية وفنية، وصلت إلى حدّ النزاع المسلح، خصوصا بين العراق وإيران طيلة ثماني سنوات. ورغم أنّ تعقد هذه المشكلات تعود في طبيعتها إلى خصوصية علاقات العراق مع كلّ من تركيا وإيران، القائمة على الصراع القومي التاريخي، والتنافس الإقليمي وتعارض المصالح، والخلافات الحدودية والسياسية، وغير ذلك، إلاّ أن الجوانب القانونية تظهر بشكل خاص، في موقف كلّ دولة من قواعد القانون الدولي الخاصة بالمجاري المائية الدولية، وتفسيرها لهذه القواعد، والرؤية لأنهار شط العرب ودجلة والفرات والفروع التي تصب فيها، كأنهار دولية أم بالعكس. حيث تبنّت كل من تركيا وإيران التفسير الخاص بها في التأكيد على عدم دولية الأجزاء التي تنبع منها وبالتالي ممارسة السيادة المطلقة عليها، وعدم الإعتراف بالإتفاقيات الثنائية إلاّ في ما يخص مصالحها، والإصرار على إقامة المشاريع والسدود الضخمة التي كان تأثيرها السلبي على العراق مباشرا.. فيما تمسك العراق بقواعد القانون الدولي والإتفاقيات الخاصة الثنائية والجماعية، وحقوقه المكتسبة عبر آلاف السنين.
10. وقد مثّلت هذه الأنهار الثلاثة مشكلة دائمة للعراق مع كلّ من إيران وتركيا، ودون الدخول في تفاصيل كلّ نهر على حدّة التي لا تتسع لها حدود الورقة، فإن هذه الأنهار تتشابه في عدد من النقاط، ومن أهمها:
1. إنها ذات صفة دولية بموجب القواعد العامة للقانونالدولي للمياه والإتفاقيات الخاصة به، حيث يمثل شط العرب نهرا دوليا حدوديا يفصل بين العراق وإيران في أجزاءه الجنوبية الشرقية، فيما يمثل نهرا دجلة والفرات نهريين دوليين يجريان في أكثر من دولة(تركيا، سورية، والعراق)، ويصبان في العراق.
2. خضوع هذه الأنهار الدولية خلال فترتي الإحتلال العثماني والإحتلال الإنكليزي، وخلال فترتي النظام الملكي والجمهوري لعدد من الإتفاقيات الدولية والثنائية.
3. ظلت مشكلة ترسيم الحدود بين العراق وايران، لاسيما فيالممر المائي “شط العرب“، مصدر التوتر الرئيسي بين العراقوايران ومنبع الكثير من الخلافات والصدامات التي بلغتذروتها في حرب دامية لثماني سنوات. وقد منحت المعاهداتالتاريخية التي ورثها العراق عن الإحتلال العثماني، الحقله في السيادة على هذا الممر المائي عدا مناطق محددة أمام“المحمرة” و“عبادان“. وظلت إيران تطالب بتقاسم السيادةعلى مياه الشط، بينما كان العراق يجد في الشط منفذهالأساسي إلى الخليج العربي لاسيما أنه يعاني ندرة في منافذه إلى مياه الخليج العربي العميقة التي تسهلإستقبال وارداته ووصول صادراته إلى الموانئ العالمية.
4. تعتبر تركيا نهري دجلة والفرات غير دوليين، وإعتبار حوضيهما واحداً مع إمكانية نقل مياه نهر دجلة إلى نهر الفرات من خلال منخفض الثرثار في العراق، ورفض مبدأ تقاسم المياه، والتفسير المتعسف لتعبير الإستخدام الأمثل للمياه وخطتها عن المراحل الثلاثة للإنتفاع الأمثل والمنصف والمعقول، والتذرع بعدم وجود قانون متكامل للمياه الدولية، وإنكار مبدأ الحقوق المكتسبة، وحريتها بإقامة السدود على أراضيها ووقف تدفق مياه نهري دجلة والفرات لتعبئة سدودها. وهو موقف لا ينسجم مع المعاهدات والأعراف والمبادئ القانونية.
5. لا يختلف الموقف الإيراني عن الموقف التركي، حيث تقومإيران بتحويل أغلب الروافد المائية التي تغذي نهر دجلة ممايخفض المياه المتدفقة باتجاه الأراضي العراقية ويسئ إلىنوعية المياه ويزيد من نسب التلوث، كما تقوم بإنشاء المشاريع والسدود الضخمة دون الأخذ بنظر الإعتبار المصالح العراقية.
6. يَعتبر كل من العراق وسورية أن نهري دجلة والفرات نهرين دوليين، وأنّ حوضيهما حوضين منفصلين، وضرورةالتوصل إلى اتفاق ثلاثي يحدد الحصص المائية على أسسعادلة ومنصفة، ومراعاة قاعدة عدم الإضرار بالغير عندتنفيذ المشاريع الإروائية على نهري دجلة والفرات، وأنّ قاعدةالإستخدام الأمثل للموارد المائية لا تعني بأي حال تحديدأصناف الترب، وإنّما ضرورة التمسك بمبدأ الحقوقالمكتسبة لكل بلد.
11. في ضوء ما سبق، فإن أزمة المياه في الوطن العربي تهدد الأمن المائي العربي في حياة الناس اليومية ومستقبل وجودهم وتنميتهم، ما يتطلب بلورة موقف عربي موحد، لمواجهة تحديات هذه الأزمة، عبر وضع الخطط والمشاريع المشتركة، والتحرك دوليا وقانونيا، على أساس تغليب المدخل القانوني لإدارة الأزمة على وفق الأعراف والقواعد القانونية الدولية المنظمة لإستخدام المجاري المائية الدولية، والنظر إلى هذه الأزمة بالجدية والخطورة التي تمثلها كمظهر من مظاهر حرب المياه التي بدأت بوادرها في أكثر من قارة ومنطقة جغرافية.
5
(Visited 62 times, 1 visits today)