مركز الرافدين للحوار : نموذج أستثنائي لمراكز الابحاث والتفكير في العراق

مركز الرافدين للحوار : نموذج أستثنائي لمراكز الابحاث والتفكير في العراق

 

د.أحمد عدنان الميالي – كاتب عراقي

تعد مراكز التفكير والابحاث العالمية، مختبرات لوضع وصنع الخطط والاستراتيجيات والمعلومات وطرح الحلول والبدائل وماتحتاجه الدول من خطط تنموية، كما تعد اشبه بحكومات ظل تراقب صناع القرار عند صنع السياسات العامة، كما تعد ايضا تلك المراكز في الوقت الحاضر حلقة امتداد للسياسات العامة في الدول الديمقراطية.
اما في دول العالم الثالث فتثار تساؤلات عديدة عن فاعلية وواقع تلك المراكز ودورها الحقيقي.
وعلى سبيل المثال في بلد مثل العراق لم يعرف منذ تاسيس الدولة العراقية ظاهرة تعدد المراكز البحثية وانتشار منظمات المجتمع المدني الا بعد عام ٢٠٠٣ ، اذ كان التخطيط المدروس غائبا وادارة البلد تخضع للميول والاراء الفردية والحزبية، وبقي صانع القرار العراقي الى حدٍ ما بعد ٢٠٠٣، بعيد عن الاستماع والاخذ بآراء ودراسات وملتقيات مراكز الابحاث ومنظمات المجتمع المدني، ولعل تسيد الثقافة الواحدية والموروث الاستبداي الطويل الذي مر فيه تأريخ العراق له الدور الاساس في ذلك.

لكن يمثل مركز الرافدين للحوار نموذج استثنائي فاعل ونقطة تحول في عمل المراكز ومنظمات المجتمع المدني في العراق، من ناحية استقطابه لصناع القرار وحضورهم بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، وايضا شفافية الطروحات والحوارات والنقاشات، بما يشكل احد عناصر الضغط على صناع القرار، كما للمركز دور في تقديم المقترحات والبدائل والحلول ومشاريع القوانين، فضلا عن تحركاته وانشطته الاقليمية والدولية التي لها دور اساس في تسليط الضوء على فاعلية العراق ومصالحه الوطنية.

متابعة انشطة وفعاليات المركز تضعه في مرتبة المراكز الفاعلة على المستوى الوطني وحتى الاقليمي ، اذ من من النادر ان تقوم مراكز الابحاث ومنظمات المجتمع بادوار وتحركات متعددة المستويات كالتي يقوم بها المركز ، سواء على مستوى البحث العلمي من الاصدارات والتراجم او على مستوى عقد ورش العمل والحلقات النقاشية والندوات الحوارية او على مستوى المؤتمرات والملتقيات التي يعقدها المركز بابعادها الوطنية والاقليمية والدولية، واخرها ملتقى الرافدين ٢٠٢١ “حلول” الذي عقد في بغداد من ٢٩-٣١ آب المنصرم، بحضور دولي واقليمي ومحلي نخبوي، اذ تحاور في الملتقى اكثر من ألف شخصية سياسية ومجتمعية واكاديمية من عشرين دولة عربية واجنبية، بموضوعات متنوعة اثرت اسهاماتهم النقاش العلمي والسياسي والاقتصادي والامني حول المشكلات والتحديات التي تواجه العراق والمنطقة، وهذا اسهم في عودة بغداد عاصمة للحوار والتباحث الدولي والاقليمي وتسليط الضوء عليها كمحور اساسي للسلام في المنطقة، خاصة ان الملتقى ضم اطراف تعبر عن وجهات نظر دولية واقليمية ومحلية بعضها متقاطعة ومتصارعة، سعياً لتقريب وجهات النظر، وتوفير مساحة الحوار والتفاهم، بما يعزز موقع العراق ليكون بوابة للتقارب وعقد اللقاءات وتعزيز الشراكات المحلية من جهة، والاقليمية والدولية من جهة اخرى.

ملتقى الرافدين ٢٠٢١ نجح بكل المعايير والمقاييس حتى انه تصدر ترند العراق على منصة تويتر، كما ان مستوى الحضور للرؤساء والقادة والنخب في الملتقى بدءً من رئيس الجمهورية د.برهم صالح، ورئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي، والسيد عمار الحكيم وشخصيات سياسية وتنفيذية واكاديمية واعلامية وشبابية مستقلة، اضافة الى مضامين ومحاور الملتقى من ورش وحوارات ونقاشات وجلسات مفتوحة، تعزز الدور والفاعلية لمركز الرافدين للحوار، كنموذج استثنائي متميز عن باقي المراكز ومنظمات المجتمع المدني الموجودة في العراق، التي نأمل ان تتطور لتكون تجمع فكري ناضج وناجح على مستوى الادارة والاداء والتنظيم والتأثير، كما هو عليه الان مركز الرافدين للحوار .

(Visited 25 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *