كتب : صائب غازي
 وأنا أتابع هذا النمو المتصاعد والاهتمام المتزايد للعالم في صناعة افلام الرسوم المتحركة الانيميشن وما
تقدمه هوليوود واليابان وأوروبا من تحف فنية تتنافس نتاجاتهم فيها بشدة محمومة أتوقف متحسرا لأتساءل عن أسباب ضعف الاهتمام بهذه الصناعة وهذا النوع من الأفلام في العالم العربي وفي العراق أيضا حيث تعاني صناعة الرسوم المتحركة نقصا حادا في الدعم والتمويل على المستويين المادي والثقافي والأكاديمي والإعلامي أيضا.
الجسماني الـذي كان متفاوتا بين تفصيلات أعضاء الجسم من يدين وأرجـل وأبـدان ، على مستوى السرد القصصي كان التسلسل والبناء الدرامي معبرا ومنطقيا وإن كان يحتاج الى مزيد من التفصيلات المهمة على وجه الخصوص في علاقة كلكامش مع سنده وصديقه انكيدو لما لهذه الشخصية من أهمية في التأريخ والسرد الأسطوري ، أما الالقاء فهي مشكلة متجذرة في ثقافتنا العراقية والتي تعتمدها أعمالنا الدرامية والفنية والبرامجية وحتى الاخبارية بشكل عام وهي الطريقة الخطابية الحماسية المبالغ فيها بينما كنت اتمنى أن تقوم الشخصيات نفسها برواية القصة من خلال حوار وبناء درامي متحرك حتى يخرج العمل من الطريقة الوثائقية الى الدرامية الروائية ، لا أريد أن اسرف في قسوتي على المخرج المبدع أنس الموسوي فهو قدم جوانب إيجابية مهمة منها مساهمته في تقديم فن جميل يسمى الانيميشن وأيضا سعيه الحثيث في ترسيخ مبادئ هذا النوع من خلال المشاركة في المهرجانات والإنـتـاج المستمر
الذي نفتقد اليه منذ أول فيلم كارتوني عراقي (الأميرة والنهر) للمخرج الكبير فيصل الياسري والذي
أنتج في العام 1982 ، أتـلـمـس عـنـد أنـس الموسوي طاقة إبداعية وحـــمـــاس واجــتــهــاد مخلص و مـحـاولاتـه الدؤوبة في أن يكون للعراق مكانة متقدمة في مجال إنتاج أفلام
الانيميشن.
ذلك في النفور منها حيث أن رسم البؤبؤ في العين يكسب الانسان بعدا طبيعا منطقيا كما ان العيون الجميلة تمنح الوجه ملامح واضحة تعرفنا بمن نرى ونشعر بوجوده إلا أن وجوه شخصيات فيلم كلكامش جـاءت بـدون ملامح بسبب تلك العيون البيضاء المخيفة ولو قارنا بين عيون الشخصيات الكارتونية في أفلام والت دزني مثلا شخصيات فيلم (Frozen ملكة الثلج) أو حتى ميكي ماوس تجدها قريبة الى الناس لأن ملامحها جميلة و واضحة وتستطيع أن تحاكي الجمهور وتخلق علاقة متبادلة معه الى درجة انه تم تسويقها تجاريا بشكل مهول ، أيضا التكنيك المفقود في حركة الشخصيات داخل فيلم كلكامش وظهورها ثابتة بدون حركة أضعف من حضورها واذا ما تحركت فهي تتحرك بقدر محدود بينما العنصر المتحرك في العمل هو الكاميرا أو بعضا من محتويات المكان مما أفقد الشخصيات القدرة على الإقناع فضلا عن الإقناع المفقود في أبعاد الشخصيات البيانية كالتكوين
صائب غازي
اردنا أن نقدم شخصية تاريخية مهمة ونحبب الجمهور فيها يجب علينا أن نفكر في الطريقة التي نرسم بها الشخصية كجعل ملامحها جميلة وجذابة وذات حضور متميز ، بينما في فيلم
كلكامش كـانـت جميع الشخصيات بعيون بيضاء مسطحة بدون بؤبؤ مما جعلها تبدو وكأنها مخيفة ومكروهة وبدلا أن يتقرب الجمهور اليها تسبب
كلما دخلت صالة عرض سينمائي لواحد من أفـلام الانيميشن أنتبه الى أن الجمهور من الشباب والكبار اكثر انتباها وانسجاما ومتابعة للفيلم من الأطفال وصغار السن ولعل أسباب ذلك تعود الى أهم مافي تلك الأفلام من ميزة وهـي الابهار الصوري المنقطع النظير الذي تقدمه تلك الوجبة السينمائية الجميلة والتي تتيح لذهن المنتج والمخرج فسحة اكبر من الابداع وتوظيف الخيال فيه كما يشاء وبشكل يتفوق على الواقع وبالمقابل لن يطالبه الجمهور بالتفسير أو أن يكون منطقيا كما يفعل مع الأفلام السينمائية التقليدية الأخرى لأن كل مايراه على الشاشة هو متخيل ومرسوم وليس واقعيا ولكن ذلك الابهار لا يأتي اعتباطا أو مجانا فهو فضاء يستند الى قيم وسياقات فنية كبيرة ومراحل انتاج مهنية راسخة كما يستهوي نجوم السينما من الفنانين للمشاركة فيه باصواتهم وتقمص تلك الشخصيات الكارتونية باداء متقن ومعبر للغاية ونـرى في المقابلات التلفزيونية كيف أن النجوم من الفنانين يتحدثون عن اداءهم الصوتي في فيلم الكارتون وكأنهم يمثلون فيه بأنفسهم وليس بأصواتهم ، ان تكاليف انتاج الفيلم الكارتوني عالية جدا وصناعته في كثير من الأحيان تفوق تكاليف صناعة الفيلم العادي
وربما هذا واحد من أسباب عدم اقبال المنتجين العرب على هـذا النوع الفلمي خصوصا أنه لا يعود عليهم بمقابل مادي مربح ، منذ مدة وانا اتابع نشاط الفنان المخرج الشاب العراقي أنس الموسوي والذي اختار أن يدخل مجال إخـراج وإنتاج أفلام الانيميشن وأختيار هذا التخصص الصعب والدقيق يحسب له مهما كانت الأعـمـال التي يقدمها لكن سوف اكون قاس معه قليلا في نقد فيلمه الذي شاهدته مؤخرا (كلكامش العظيم) وهي قسوة ناقد محب داعم وبناء ، إن تناول الشخصية الأسطورية كلكامش في فيلم انيميشن يعد خطوة متفوقة ومهمة جدا ويمكن لها ان تتحول فيما بعد الى سلسلة أفـلام توثق الشخصيات العملاقة في التاريخ العراقي الثر ولكن يجب أن يكون التناول بطريقة أكثر اقناعا واحترافا خصوصا مع تطور التقنيات الرقمية في فن الغرافيكس فاذ