كاظم لفته جبر – كاتب عراقي
إن الدماء التي سألت على أرض كربلاء علامة ارد بها اللهإنارة طريق البشرية بنور الحقيقة ، واستعادة فرض كيانهعلى الشر وإيقاظ مفهوم فكرة الحق من جديد عبر تاريخالوعي الإنساني الذي يسير نتيجة صراع التراكمات بينالشر والخير كمفاهيم عليا ،والحق والباطل كمفاهيم دنيا ،فتاريخ الوعي الحسيني جزء لا يتجزأ من ذلك التاريخ الذييدشن صفحاتهُ الدم ، فالدم ليس مادة تسيل يرتوي بهاجسم ، بل هو افكار يحملها الإنسان في عروقه يقدمها عندالدفاع عن أفكاره ، فالدم يتزكى بالفكرة ، والفكرة تعلووتُخلد بالدم ، فالحسين فكرة سقاها الدم ، وخلدها التاريخوالسماء ، وكانت ثمارها فكرة اتبعها كل الاحرار ومنهم مانديلا عندما قال : ( تعلمتُ من الحسين أن أكون مظلومافانتصر ) .
فالظلم يتأتى كمفهوم يرتبط بما هو شر من الظلام الذييكسو افكار الأفراد ، لكن يقابله المظلوم الذي يرتبط بمفهومالخير والذي يكتسي به كل من كان نورا كالنهار فجاءهُ الليللكي يلقي بظلمته وسط النهار ، لكنه لم يدم ، فالدهر خالدبالنور الإلهي ، والزمن باقٍ بالنهار ، هذا هو تاريخ الحقيقة ،لكن يأبى الظالم أن يرضخ له ويهتدي به ، فيحاول في كلصفحة من تاريخ الوعي الإنساني أن يغير معاني الأحداث، إذ يلبسها لباس الألم بالصوت (الإعلام ) ، فالأفكار كلماتحقيقية لكن معانيها قد تكون ملتبسة من خلال أيديولوجياكل فرد يحرك الأحداث بمعانيها لا بحقائقها ، ففكرة الدمالحسيني حدثا حقيقيا قلب تاريخ الوعي الإنساني إلىشطرين لا يمكن أن يكون وسطا بينهما إلا كوسيلة وليسغاية ، ففي صفحة تاريخنا المعاصر نجد اختلاط الدمبالسياسة ، والظالم بالمظلوم ، والليل بالنهار ، والحسينبيزيد ، اترون كم السياسية ملتبسة ، وكان دم الحسين قدعراها من قبل ودلنا على طريق الاصلاح والحق ، لكنالطريق الذي دشنه الوعي الأيديولوجي للمحسوبين علىالإسلام السياسي يربط الحق بالباطل ، والخير بالشر ،وأصبح الصلح اصلاح ، و الفساد فلاح ، تلعبوا بالمفاهيموالمعاني وحتى بدم الحسين للوصول لمغانمهم ، فتاريخ الدمالحسيني يكتسي الحقيقة عارية ، ويستحي الناس أنينظروا لها نتيجة الالتزام بتقاليدهم واعرافهم العربيةالأصيلة ! ، وكان قد جاء جد الحسين محمد بن عبدالله لكييغير تلك الأعراف والتقاليد ، لكن أصروا على تقاليدهمورفضوا الاخلاق ، ولا زال الحسين يُقتل كل يوم بعرفهم فدمالحسين فكرة وفلسفة تنمو مره يكتسي بها المزيفون وتموت ،ومره يكتسيها ويهتدي بها الاحياء والحقيقيون فتزهر . فالدمفلسفة إصلاحية تعلمنا الآباء والنصر .