عبد الحميد الصائح
أمريكا العظمى ماهرة جداً باشعال النار، وعلى الآخرين أن يحددوا حاجتهم لاستخدامها . أنواع الاستخدام تلك تبدأ من توريث سيكارة الى توريث السلطة ، ومابينهما من مآرب وغايات ،بين أن تكون نار برومثيوس التي تصنع الحضارة والتنمية والمدنية والعلم والحياة، وبين أن تكون نارَ التوحش والإبادة التي تحرق البيوت والمدنَ والبلدانَ والبشر والحجر. الموالون لأمريكا يصفون ماتفعله باشاعة النور والمعادون لها يصفونه باشعال الحرائق . وهي بين الحالتين لاترى سوى مصالحِها التي تعلو على كل اعتبار مثل أي شركة عملاقة – هدفها الكسبُ فقط المشروع وغير المشروع . لذلك لاتجدُ لها عدواً محدداً، وأكثرُ من تفاجئهم وأحياناً تهينهم هم أصدقاؤها الذين يتوهمون أنّ التقاءَ مصالحِهم مع مصالحِها في حدثٍ ما أو مواجهة بعينها، إنما هو صداقة ورعاية طويلة الأمد وأنها ناصرة الضعفاء ومحررة المؤمنين من بطش أولياء أمورهم، وأنها وكالة جاهزة لمحاربة الدكتاتورية والفساد والمتجاوزين على عقارات الدولة في هذا العالم ! ، تلك الصورة الرومانسية لسياسة أميركا خَدعت الكثير وتحديداً الذين تعقّدت أمالهم بالتغيير السياسي فانقذتهم يوما ما ودخلوا في دائرة النفاق التاريخي ، يستدعونها في السر ويشتمونها في العلن ، يحصدون مالذ وطاب من السلطة الشهية الطيبة بسببها ، ويشكرون الله على نعمته داعين اياه الى نصرتها هنا وهزيمتها هناك ! مذكّرينه بحكمته ( الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه ) الحكمة التي أخطأ الكثير في تفسيرها وعمد الى الاتكال عليها فوقع في مثلبة دعم الفوضى الخلاّقة التي هي بالاصل ماركة أميريكية مسجلة سياسياً وأمنياً. تعمل على مدار الساعة في بلدان هذه الأمة الفاشلة دينياً ودنيوياً.. دينياً لكونها قتلت من انبيائها وأئمتها واتباعها مالم يرتكبه دين في التاريخ ..ودنيويا لانها الامة التي حاربت رعاياها ونهبت أرزاقهم وجعلتهم يعيشون افقر الشعوب في اغنى البلدان! . وعقدت تحالفات وانتجت ذرائع لتنفيذ عشرات المؤامرات ضد مستقبل بلادها .
الاعتراف بوجود هذه الشيزوفرينيا السياسية ، افضل مدخل لقراءة كل مايحدث سواء في العراق الذي لايعرف هل أن أميركا موجودة على أرضه أم لا .أو افغانستان التي سيدرج التاريخ قصة حربها مع أميركا في سجلات حرب البسوس والحربين العالميتين وحوادث وكوارث لاتنسى كعينات دراسة لكيفية تحريك الملفات وتوزيع الأدوار على الصغار والكبار في مشروع ادارة العالم ..تلك التي تعطي أميركا من خلالها دروساً قاسية للجميع ليس أقلهّا إدهاشا أن تضع يدها بيد طالبان متظاهرة بالهزيمة، لتشعل ناراً خفية اخرى في المنطقة ، أيا يكون من يحترق لن يكون من مواطنيها أو أفراد قواتها دون ادنى اعتذار ممن تعلقوا باجنحة طائراتها العائدة، عسى أن يجدوا بديلاً لوطنهم الذي أعادته امريكا الى بطن الحوت بعد ان سالت أنهار من الدماء لعشرين عاماً من أجل اخراجه،في اتفاق مريب تقول طالبان فيه بانها ستكون في سلام دائم مع الشيطان الاكبر ، ويقول الشيطان الاكبر لطالبان :
لكم دينكم ولي دين ..يمكنكم حكمُ بلدانكم كيفما تعتقدون، ومن حقكم القسوة على شعوبكم ما تشاءون، والتصرف بثرواتها كما تشتهون، لكن التحرش بنا ووصفنا بدولة الكفر يعني احراق الأرض من تحتكم في أي وقت . تفرغوا أيها الأصدقاء لعداء جيرانكم وأبناء دينكم وأفراد شعبكم، ابطشوا بهم ما استطعتم من قوة ، ولكم منا الدعاء بالتوفيق!!!.