د . نور الجابري
تمهيد ؛
أرض الرافدين؛ مصطلح تاريخي يشير الى بعد حضاري يشار له بالبنان، أذ يستحضر … القانون … الحرف … العجلة … بناءً على ذلك التراكم التراثي، الذي غذّى الأنسانية، بأدوات ومعطيات، والتي يقّر بها الباحث الموضوعي.
القرن الواحد والعشرون يشهد تطورات جيوسياسية، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، وما خُطط لها من سيناريو، في أروقة الغرف المظلمة، ومن تلكم التقليعات!! المعدة سلفاً منذ ثمانينات القرن الماضي، مخطط <برنارد لويس> الذي تبناه الكونگرس الأمريكي، الذي يقضي في تفتيت دول الشرق الأوسط، بأعتبارهم كما يُزعم بأنهم شعوب متخلفة !!!! تؤثر على الحضارة الغربية وثقافتها، وكذلك السيطرة الكاملة على ثرواتهم ! ومحو ذاكرتهم الحضارية، لغرض صيانة وبقاء دولة ما يسمى أسرائيل بعيدةً عن مكامن الخطر المحدق بها.
تجليات ذلك؛ تتضح من خلال شريان حياة العراق (دجلة والفرات)
هنا نتطرق الي الحيثيات التاريخية المتعلقة بالمنازعات المائية بين الدول، يرجع تاريخ المعاهدات الدولية، بشأن المياة إلى عام 2500 قبل الميلاد حينما قامت الدولتان المدنيتان السومريتان … لاكش …. وأوما … بصياغة أتفاق، أنهى نزاعاً بشأن المياه على طول نهر دجلة …. وتعتبر أول معاهدة لفض نزاع حول المياه. حيث نسلط الضوء الخاص بالموضوع ، من خلال النقاط التالية :
– [ ] أولاً : البعد القانوني … تلعب المياة دوراً أساسياً في حياة الأنسان، أذ نجد التجمعات البشرية، أُنشأت على ضفاف الأنهار … كحضارة وادي الرافدين (دجلة والفرات) وحضارة وادي النيل (نهر النيل) ، لذا أضحى اليوم مجاري المياة، مورد خلاف بين الدول المتشاطئة، وما يطلق عليها الأنهر الدولية التي تشترك في منافعها عدة دول .
– [ ] يعرف القانون الدولي بأنه مجموعة من القواعد القانونية لتنظيم العلاقة بين ألاشخاص القانونية (الدول، المنظمات الدولية، الفاتيكان)، ومصادر القانون الدولي والتي يمكن الرجوع أليها في فض المنازعات الدولية الخاصة بالمياه وما تحتله من أهمية، هي المعاهدات الدولية … والعُرف ….ومباديء القانون العامة، وأحكام المحاكم .. واراء المفكرين (الفقه). أما فيما يتعلق بموضوع، الأزمة التي يعاني منها العراق المتعلقة، بحجب حصته المائية المتعلقة بدجلة والفرات، والتي تعد حقاً قانونياً وشرعياً في نظر القانون الدولي … أذ المعاهدات الدولية والأعراف التاريخية التي أقرتها لوائح القانون الدولي المعاصر ، اذ نستعرض بعضاً منها :
* تقرير معهد القانون الدولي في ( سالبزيورغ) عام 1961 ، الذي يتضمن حق كل دولة حوضية ( العراق ) أستغلال المياه التي تجتاز أو تحد إقليمها بشرط أن تتقيد بالقانون الدولي وبحق أنتفاع الدول الأخرى ذات المصلحة في نفس المجرى << m. M whiteman, digest of international law, vol 3 , department of state publication , 1974, pp , 939>>
* تنفيذاً لتوصية الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها المرقم ( 3071 ) الدورة 28 سنة 1973 حيث جاء في التقرير … إن الدول المتشاطئة على النهر الدولي تستطيع أن تستخدم مياة النهر الدولي، طبقاً لأحتياجاتها، حريتها في ذلك للدول المشتركة معها في نفس النهر .
* أتفاقية هلنسكي 1966 التي تعرف النهر الدولي، أذا كان حوضه يمر في إقليم دول مختلفة، كل دولة تُمارس سيادتها على الجزء الذي يمر فيه النهر بشرط مراعات مصالح الدول الأخرى (الزراعية والصناعية والسكانية) .
* أتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية عام 1997، والتي تنص على الأنهار الدولية وتعريفها الذي يتعلق بالحقوق والواجبات المترتبة على الدول المتشاطئة، من خلال عدم أستخدام مياة الأنهار، بطريقة تلحق الضرر بمصالح الدول التي تمر بها الأنهار .
* أكدت محكمة التحكيم الدولية عام 1957 من خلال الحكم الصادر منها لفض النزاع الحاصل بين فرنسا وأسبانيا( بحيرة لانو ) والذي جاء فيه (( تمشياً مع مبدأ حسن النية يحب ان تأخذ الدولة صاحبة المجرى الأعلى في الأعتبار وعلى قدم المساواة جميع مصالح الدول النهرية الأخرى أسوة بمصالحها )) . ( د العطية عصام، القانون الدولي العام ص 172.
* معهد القانون الدولي أصدر قراراً في دورة أنعقاده في سالزبورغ عام 1961 يتضمن المباديء الأساسية، التي تنظم الحقوق والواجبات التي يجب أن تحترمها الدول التي يمر في أقاليمها نهر دولي ومن أهم هذه المباديء :
١- التعاون في الأنتفاع بمياه النهر .
٢- العدالة في توزيع المياه .
٣- التشاور عند أقامة مشروع على النهر .
٤- التعويض عن الأضرار .
٥- تسوية النزاعات . ( المصدر السابق )
* معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين العراق وتركيا في 29 آذار 1947 ويقتضي البروتوكول؛ أن تقوم تركيا بتزويد العراق بالمعلومات الخاصة بالمشروعات والأعمال، التي تنوي تركيا تنفيذها في المستقبل على نهري دجلة والفرات، أو على روافد النهرين، لتكون هذه المشروعات والأعمال على نحو يوفق بقدر الإمكان بين مصالح تركيا والعراق وذلك باتفاقهما المشترك . ( د. حامد سلطان ، القانون الدولي العام ، ص558 ) .
* بروتوكول التعاون الأقتصادي والفني بين العراق وتركيا رقم 52 لسنة 1971 الذي يتعلق بأجراء مشاورات تتعلق بتأمين حاجات العراق وتركيا من المياه ( جريدة الوقائع العراقية ، العدد 1975 في 10/ 4 / 1971 ) .
* معهد القانون الدولي تبنى إعلان مدريد عام 1911 في البند رقم 2/ 3 أنه (( حينما يعبر مجرى مائي دولتين أو أكثر بالتتابع، فأنه لا يجوز أن تقام مشروعات للتحكم في التدفق، أوتسحب كميات كبيرة من المياة تؤثر على الكمية التي تصل إلى أسفل المجرى )) .<< د . حمودة منتصر ، القانون الدولي المعاصر ، ص 507 >> .
ثانياً :الأجراء القانوني: لفض النزاعات بين الدول، هنالك وسائل عديدة منها ما يطلق عليها بالدبلوماسية الناعمة !!!! والتي تتضمن عدة مراحل لأدارة أزمة تنشب بين دولتين أو أكثر … المرحلة الأولى هي المفاوضات التي أقرتها المعاهدات الدولية، كما جاء في المادة الثانية / 2 … (يفض جميع الأعضاء منازعاتهم بالوسائل السلمية) كما أشارت ديباجة ميثاق الأمم المتحدة (يمكن في ظلها تحقيق العدالة وأحترام الألتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي) . لذا نحن في معرض الدخول في مفاوضات جدية، تقوم بها الحكومة العراقية ، وتسند في ذلك الى تلك الوثائق القانونية المشار لها سلفاً، وبالأخص الثقل العرفي، في موقعي دجلة والفرات ودورهم في أنشاء المدنيات والحضارات، التي يدان لها المجتمع الدولي المعاصر .
المرحلة التي تلي المفاوضات، الوساطة … والتحكيم …. من قبل طرف ثالث محايد، ونهاية الأمر، الدخول في ممارسة ضغوطات، اقتصادية، وسياسية …. .
المرحلة الأخيرة أستخدام وسائل
الأجراءات القانونية ورفع دعوى قضائية الى محكمة العدل الدولية …. والتي تعتمد بدورها على المادة 38 والتي تشير الى الرجوع الى اللوائح القانونية للمحاكم وغيرها من المصادر المشار اليها سلفاً، كمصادر أحتياطية للقانون الدولي … ومحكمة العدل الدولية.
أذ يقتضي الأمر، أن تبادر الجهات ذات العلاقة لأتخاذ التدابير القانونية من أجل أنقاذ الموقف المحرج والذي تسبب بأضرار مادية ومعنوية للمجتمع العراقي .
الحق يؤخذ … ولا يعطى …