معايير هيئة الإعلام والاتصالات ونظرية التأثير العدائية / مجاشع محمد علي

معايير هيئة الإعلام والاتصالات ونظرية التأثير العدائية / مجاشع محمد علي

                                                                                     مجاشع محمد علي  

“المعايير المهنية” التي وضعتها هيئة الإعلام والاتصالات يوم 28-7-2021 في اختيار ضيوف البرامج التلفزيونية في العراق خطوة غير مدروسة ولا مهنية وهي خطأ كبير وقعت به الهيئة لأن باختصار شديد هذه المعايير ليست من مهام الهيئة ؛ هذه المعايير ذكرتني بنظرية إعلامية تسمى “نظرية تأثير عدائية وسائل الإعلام وهي من النظريات الحديثة نسبياً لانها طورت في سنة ١٩٨٥، ومن خلالها يفسر كل من الطرفين المختلفين (المؤيد والمعارض) المعلومات التي يحصلان عليها من التغطية الإعلامية بأنها متحيزة إذا لم تتسق مع وجهات نظرهما. وقد اعتمد القائمون على هذه النظرية في هذا التفسير على دراسةٍ قاموا بها تم من خلالها تعريض عدد من الطلاب  الفلسطينيين والإسرائيليين لنفس التغطية التلفزيونية لمذبحة بيروت عام ١٩٨٢ والتي جاء تقييم الطلاب المتحيزين للقضية من كل من الطرفين على أنها تغطية متحيزة وعدائية وتتفق مع مصالح الطرف الآخر، في الوقت الذي لم يدرك فيه الطلاب المحايدون أي تحيز لنفس التغطية الإخبارية، وهو ما يشير إلى أن الأفراد يميلون إلى تفسير المعلومات بطرقٍ مختلفة وفقًا لاتجاهاتهم نحو القضية.

وبالعودة إلى “معايير الهيئة يبدو انهم لا يعلمون أن المجتمع العراقي شهد منذ عقود ازمات والتي كان لكلٍّ منها تأثير كبير في المواطنين أجهزة ومؤسسات المجتمع كافة ، هذه الازمات المتلاحقة انعكست على ما تقدمه وسائل الإعلام من تغطية إعلامية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الجدلية التي انقسم بشأنها المجتمع العراقي بين مؤيد ومعارض، وهو ما جعل وسائل الإعلام تنتهج سياسات تحريرية وأجندات إعلامية متباينة أدت إلى اختلاف تقييم الجمهور لهذه الوسائل وثقته بها إلى الدرجة التي اتهم عدد منها بأنها موالية لجهات تسعى إلى هدم استقرار الدولة.

وهنا علينا مناقشة معايير الهيئة من جانب مهني وقانوني ؛ فهل يعلم الجميع أن للهيئة مبادئ ممارسة المهنة وقواعد البث والارسال وهو من مواثيق هيئة الاعلام فلا داعي لهذه المعايير وأن المخالف للمبادئ يعاقب حسب القانون ، اضافة إلى أن أغلب المعاييرالجديدة هي نقطة الخلاف في العراق ومثال على ذلك النقطة الثالثة وهي تجنب دعوة افراد محظورين دستورياً وقانونياً” وهي مشكلة معقدة في العراق لان بعض هذه الشخصيات يعتبرون (بنظر بعض الفضائيات) شخصيات وطنية وقفت بوجه الفساد وتريد إصلاح النظام السياسية لذا صدرت ضدهم قرارات قضائية مع العلم أن اغلبهم موجودين داخل العراق وبالتحديد في أقليم كردستان، وبالانتقال الىمعيار آخر فقد أوصت الهيئة بـ”الابتعاد عن الحوارات او الشخصيات التي تروج لأي شكل من أشكال الارهاب هنا ايضا مشكلة كبيرة لأن اغلب القنوات لديها توجهات ومعايير مختلفة فمن هو بطل للمقاومة في أحدى القنوات التلفزيونية يعد في قناة ثانية شخصية إرهابية. وحتى النقطة الرابعة التي توصي بعدم استضافة شخصيات تساهم في تعطيل الانتخابات، كيف يتم ذلك والآن قوائم وكتل سياسية كبيرة أنسحبت من المشاركة في الانتخابات لاسباب تراها موضوعية فهل يعقل مقاطعة تلك الجهات السياسية؟ علماً أن أغلبها لديها وسائل إعلام خاصة بها ، وهذه الملاحظات تنطبق على اغلب إن لم نقل كل المعايير الاخرى.

ختاماً أود القول إن الإعلام في العراق هو جزء من أزمة البلد والسيطرة عليه مهمة صعبة جداً خاصة بعد أنتشار الإعلام الالكتروني وفي مقدمته وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الهيئة التفكير بأساليب اقناعية للتأثير بالجمهور من خلال دعم إعلام الدولة واشاعة الثقافة الإعلامية وملاحقة الاشاعات وكل الافكار التي تؤثر سلباً على الدولة ومؤسساتها وفي مقدمتها أشراك خبراء الإعلام الحقيقيين وبقية الأختصاصات بحسب كل قضية يراد معالجتها.

(Visited 14 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *