سردية الحدث في فيلم الأنميش (vial)

سردية الحدث في فيلم الأنميش (vial)

 

 

د . عمار الياسري – ناقد وأكاديمي

 

ثمة حكايتان شيدتا المتن الحكائي لفيلم (vial)، الحكاية الأولى شيدها الواقع والثانية توسلت بالمتخيل، يناقش المتن الحكائي للفيلم تعاطي المخدرات عبر شخصية واحدة وبعد تناولها المخدر من الزجاجة ينتقل بنا الزمن من الواقعية إلى الفنتازيا إذ نراها في قعر الزجاجة وقد ذوى جسدها لينتهي بها الحال في مكب النفايات على يد امرأة، قبالة هذه الحكاية المرمزة حكاية حقيقية إذ تعود بنا الأحداث إلى ذات التوقيت الذي تعاطت به الشخصية المخدر لتتمرد على تناوله وترمي بالزجاجة خارج البيت هذه المرة.
في الحكايتين مبان درامية لها دلالاتها التي حققتها عناصر اللغة السينمائية بوصفها شفرات يقع على المتلقي فك مرموزاتها، فمع المشهد الاستهلالي نلحظ أن المكان المغلق وبألوانه العتيقة يشي بقطيعة وجودية مع ديمومة الحياة ولكن حاول صانعو العمل أن يعطوا للشخصية حضورا مؤقتا بوساطة الزوايا المنخفضة التي تشي بقوة الشخصية، ومع تطور الأحداث وقيام البطل بجلب زجاجة المخدر تحولت الزوايا المرتفعة إلى زوايا مستوى النظر في دلالة على واقعية الأحداث، ومع تناول المخدر الذي يخدع المتعاطي بنشوة وقتية نلحظ ان صانعي العمل قد وظفوا مع رقصة الانتشاء عمقا إضائيا تنوع ما بين اللونين الأزرق والأحمر في دلالة على صراع الحقيقة والخيال المؤقت، لنشهد بعدها تحولا دلاليا في بنية الفيلم، إذ يقع البطل في زجاجة المخدر لتتحول زوايا التصوير إلى مرتفعة تشي بضعف الشخصية وضآلتها لتكون نهايتها في مكب النفايات وهي دلالة شمولية عن خسارته للحياة، ومع هذه الخاتمة لم يكتف صانعو العمل بمعمارية سردية قوامها النسق التتابعي بل عمدوا إلى كسر النسقية التقليدية بوساطة التضمين الحكائي المتلازم مع بنية الاسترجاع الزمني، إذ نلحظ عودة الأحداث إلى حكاية مغايرة يقوم البطل فيها برمي زجاجة المخدر من الشباك قبل تناولها، وهنا تنوعت الخواتيم ما بين فضاءات مغلقة تشي بالفناء ومفتوحة تشي بالوجود وهذا هو المآل الحقيقي الذي تسعى إليه الصياغات السردية.
فيلم (vial) صنع بعناية العارف لذا جاء مبناه السردي بنسقين مختلفين وجاءت صياغته البصرية متنوعة بنيويا في عناصرها السينمائية.

(Visited 17 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *