احتياطي الذهب الخامس عربيا وجيوب العراقيين فارغ
علي لفتة سعيد – كاتب عراقي
تفاجأ العراقيون باحتلال بلدهم للمرتبة الخامسة عربيا والتاسعة والثلاثين عالميا باحتياط الذهب الذي قدر بأكثر من 96 طنا، خاصة وان السنوات الماضية شهدت قحطا كبيرا في توفير السيولة النقدية وتوزيع الرواتب الذي ادى الى رفع سعر صرف الدولار الذي أدى بدورهالى ارتفاع كبير في الاسعار وصلت في بعض المواد الى أكثر من 40 بالمائة عن الأسعار السابقة.. ولهذا فان هذه الاحتياطي يعد كبيرا لاقتصاد أنهكته الحروب والحصارات والارهاب والصراعات الطائفية والفساد قد يكون بديلا لدى البعض في تقليل مديونية العراق مثلما يوفر الكثير من فرص العمل وانشاء المشاريع الصناعية والزراعية المدرة للأرباح بدلا من إنشاء مشاريع استهلاكية برأي الكثير من الموطنين وخاصة العطلين عن العمل لذا يطرح العراقيون سؤالا ما نفع هذا الاحتياط وجيوبنا فارغة وخاوية؟
قبل البداية
منذ انخفاض اسعار النفط العالمية في العام الماضي بسبب الصراع الروسي السعودي مارس من العام 2020 والذي هبطت فيه الأسعار الى دون الصفر للبرميل الواحد، ثم بدء ارتفاعه دون ان يتعافى لتلحق بهذه الاسعار المنخفضة للنفط جائحة كورونا لينكمش الاقتصاد العالمي الى أدنى مستوى له، وكان له تأثير عالمي على كل المستوياتـ لكن في العراق كان تأثيره كبيرا وصل الى عدم قدرة العراق على توزيع الرواتب لموظفيه البالغ عددهم أكثر من سبعة ملايين موظف بين مدني وعسكري وشهداء وسجناء سياسيين ورعاية اجتماعية وتوصيفات (رواتبية) كما يحلو للبعض إطلاقها على بقية الفئات التي تتقاضى أكثر من راتب. وقد وصلت الحالة لدى الحكومة العراقية الى طلب الموافقة لبرلمان على الاقتراض الداخلي والخارجي ليتسبب ارتفاع المديونية الى اعلى مستوى لها وبحسيب تصريحات منشورة لعضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي عبد الهادي السعداوي قد “تجاوزت مديونيات العراق 160 مليار دولار، بعد إقرار قانون العجز المالي، في حين يبلغ الدين العام الخارجي فقط نحو 60 – 70 مليار دولار” وهو ما اكده وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي في تصريح له قبل نهاية العام الماضي 20 نوفمبر إن حجم مديونية العراق الخارجي” تتراوح بين 60 و70 مليار دولار، فإن حجم الدين الداخلي للبلاد يبلغ نحو 100 مليار دولار“
موظفون وذهب مخزن
لقد ظن العراقيون ومنهم الموظفون ان خزينة وزارة المالية خاوية وان ارتفاع اسعار النفط خلال الاشهر الماضية زادت من احتياطي العملة الصعبة لكنهم تفاجأوا بخبر محافظة العراق على مركزه ضمن ترتيب احتياطي الذهب، في المستوى 38 من أكبر احتياطي للذهب في العالم، وفي المركز الخامس بين الدول العربية بكمية ذهب تزيد على 96 طنا هو ما يعني لدى الكثيرين ان الذهب كان متوفرا وكان على الحكومة ألا تلجأ الى الاقتراض الخارجي لترهن اقتصاد العراق.. وهو ما يقوله الصحفي سعد عواد ويضيف” بدلا من رفع سعر الدولار والاستدانة الخارجية كان على الحكومة موازنة انخفاض العملة الصعبة من الدولار بالذهب بدلا من اللجوء الى الاقتراض” ويوضح ان بيع الذهب افضل بكثير من الاقتراض وبعد ذلك وبدلا من دفع فوائد على هذا الاقتراض الذي يزداد في حالة التأخير في التسديد” ويعتقد ان الافضل يكون لشراء الذهب إذا ما ارتفعت أسعار النفط افضل بكثير من رهن المصير الاقتصادي بيد الجهات المقرضة” بل ويزيد إن الرقم الذي ذكر بمديونية العراق سيجعل“ الأجيال القادمة تعيش ضنكا ” ويضيف” هذ الأمر مقصود لإرهاق الشعب والموظفين خصوصا لأن هناك اجراءات تقشفية اخرى ستلاحق الناس والفقراء ولا معالجة في ترتيب أوراق دفع معونات للطبقة الفقيرة”
خطوط فقر وتحذيرات أممية
ورغم ارتفاع اسعار النفط خلال الأسابيع الماضية ووصوله الى أكثر من 75 دولارا للبرميل وهو ما لم يحصل منذ انهيار الاسعار وما تبعها من انهيار خطير عام 2019 ووصول سعر البرميل الى الصفر إلا ان مؤشر الفقر يزداد في العراق.. وبحسب ما أعلنت عنه وزارة التخطيط العراقية وبحسب تصريح المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي الذي أكد انه“ بعد رفع سعر صرف الدولار فإن مؤشر التضخم ارتفع بنسبة 4.9 الى 5 بالمائة، بينما ارتفعت مؤشرات الفقر الأولية بنسبة 26 الى 27 بالمائة”. والوزارة ذاتها تقول ان” نحو 32بالمائة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر” ونه في عم 2020 زادت نسبة الفقر في العراق ثلاثة بالمائة عن عام 2019، أي أن عدد من يعيشون تحت خط الفقر بلغ أكثر 12 مليوناً و600 ألف شخص” وكان البنك الدولي، قد أطلق تحذيرات مؤخراً تفيد باحتمالية” وصول نسبة الفقر في العراق إلى 50% هذا العام، في حال غياب الاصلاحات الحكومية الجدية“
ولم يفت الأمم المتحدة حين رجحت من خلال تقرير لها وضعته في ابريل نيسان الماضي ان اخفاض قيمة الدينار سببت بارتفاع“نسبة الفقر في العراق بين سبعة و14 في المئة” ويقول التقرير الذي اشتركت في إعداده منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي إن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي“ على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 مليون عراقي” ليضاف لها ما تسببت به جائحة كورونا وكما يقول التقرير ذاته .
تقصير حكومي
لكن الخبير الاقتصادي ملاذ الامين يشير الى ان” العراق بلد غني بإيراداته المالية التي تحتل مبيعات النفط الخام فيها نسبة تفوق عن 90بالمئة من الإيرادات الاخرى” ويرى ان من ” واجبات البنك المركزي أن يحافظ على قيمة العملة الوطنية- الدينار- لذا فهو يعمد على شراء كميات من الذهب تعد احتياطي للعملة الوطنيةـ وعلى هذا الأساس فإن العراق يحتل درجات متقدمة عالميا في سلم الاحتياطي من الذهب” ويذهب الأمين الى ان تزايد اعداد الفقراء ومن هم تحت خط الفقر في العراق سببه” سوء ادارة الأموال وعدم وجود خطط لإنشاء مشاريع في القطاعات الانتاجية.. صناعة.. زراعة.. نقل.. سياحة..خدمات. .. توفر فرص عمل للعاطلين عن العمل” بل ويضيف سببا آخر وهو “ تقصير الحكومة في تأمين الخدمات الاجتماعية والصحية والمعيشية لشريحة كبار السن والمقعدين والعاطلين عن العمل من خلال استقطاع هامش بسيط من إيرادات الدولة لهذه الشريحة” ويعتقد في تلخيصه للمشكلة في العراق ان الحل يكمن في ” إدارة الأموال بشكل رشيد في انشاء مشاريع إنتاجية جديدة تنعكس بشكل إيجابي على المجتمع بشكل عام وتنمي الأموال بشكل خاص من خلال تحقيق الأرباح والتي يمكن أن تسهم من جديد في تطوير المشروع الانتاجي او انشاء مشاريع إنتاجية اخرى“