قصيدة حب الى بغداد / د. احمد مشتت

قصيدة حب الى بغداد / د. احمد مشتت

 

من يعقصُ شعرها للخلف

أُحبكِ
لأنكِ أنت لا تأتين في الموعد وتتركين العاشق شاحباً في السكون
لأنكِ تضيقين بأجنحة الحمام
ولأنكِ أنتِ
طفلةٌ نسيت من يعقص شعرها للخلف
أُحبكِ
أذهبُ في خرابكِ وأعودُ حر اليدَين
منذ اعترافكِ أن الصوت الوحيد الذي أذهل السامعين
هو صوتكِ
تكورتِ شمساً تضيء الضحايا
ذابلة في المنعطف
سأختلس منكِ الأسى
وأعقص شعركِ خصلتين إلى الخلف
إنني أحسدكِ إذن
تأتين… ترتبكين
تدفعين الباب أمامي
تنهالين على مكتبتي مثل شرطي قديم
تحشرين أنفي بين أحذية غليظة
تكفين عن اصطحابي في نزهة البرد
معطفكِ الصوف لم يعد يكفي… تبتعدين…
ترتعشين…ومعطفي يكفي
سأصحبكِ إذاً ونسعل مثل شتاءٍ قديم
منذ عرفتكِ
دامية.. داكنة.. عالية.. عادية.. خبزنا الوحيد
خائنة.. خاسرة..خاشعة.. طفلةٌ طارت ظفائرها نحوالسماء القصية
طاعنةٌ في السن أرجوكِ انتظار المرايا
طيفٌ طال انتظاري له
سمريني إذن في الدهشة الأولى
فيكِ سأحتضر.. فيكِ سأنتصر
كدسي همسي إليكِ… ربما صار صوتاً
رتبيني مثلما شئت
صيفاً على ساحل
لاعباً بارعاً يتذكر أجمل إصاباته
ممسوساً… يهزمكِ هزيمة كاملة
مؤكداً انه لن يتخلى عنكِ
لا عليكِ إذاً
سأرجوكِ.. أَن تشغلي المقعدَ المجاور في مساءاتِ “سينما الخيام”
وأُداعبُ عنقكِ بتلذذٍ فاضح
نختفي في الضبابِ قاتمين
أَنتِ امرأةٌ فاتنةٌ.. وأَنا.. إلهٌ صغير
يضربُ عن العملِ ليرافقكِ في المصادفةِ السعيدة
أَشكوكِ قسوةً على أَتمِ الودادِ معي
تشربينَ حتى الثَمل..

وتنهينَ مكالمةً تلفونية معَ طائشٍ مثلي
يصغي لإيقاعكِ محبة في الخصام
أَغمركِ بالضوء أَيتها الشاحبة
باحثاً في أَشكالكِ البدائية
لن تكوني بأي حالٍ حبيبتي التي تنتظر
أَنتِ أُمي إلى حدٍ استثنائي
وفيكِ شبهٌ لا يُصدق من حقيبة السفر
دعين أَراك لأولِ مرةٍ وأَترنح مثل طفلٍ صغير
سأهزُ أَذيال ثوبكِ لتفرشي جسدي النحيل
وأستلقي على حجر الانتظار
ستكبرين وآكل من يديكِ حد الجوع
سأحملكِ أيتها العجوز نحومرآتكِ الوحيدة حين تفضلين السهاد
وتحسدين العنب على احمراره الطاغي
من أين لكِ غصن الغار
وهذا الهروب المفاجئ من أسى الوحدة
لا أتذكر
ربما اقتربت من الأربعين
وتستطيعين إكمال الحكاية
هل نرجئ ذلك ريثما يصاب رواد الحانة بالخيبة
أغلبهم من الجنود عادوا بالشاحنات مشدودين إلى الريح

أنت لا تعلمين.. كم هي جميلة أغانيهم
ويرعبهم وجهكِ حين يميل إلى العنف
يا صبية لا تشيخي
في الشارع
نرزم عمركِ الهارب… تأريخ بدء الجنون
صفيراً سيمتد من السعدون… إلى السلاسل
هل تهدئين إذن
وتمضين أمامي في سيارة الاجرة
تعقصين شعركِ إلى الخلف
ولا تبادلين النظر… ملاككِ الصغير
تستطيعين إكمال الحكاية وأنتِ تذوبين في صيف الملل
نسمعكِ مثل التلاميذ
في البدء نسمع ثم نشرد في الفصول
ثم نشهدُ انكِ أسوأ راويةٍ للمحن

(Visited 108 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *