المحرر السياسي / خروج القوات الاجنبية بين الطرق الدبلوماسية وصواريخ الكاتيوشا
كتب المحرر السياسي للمستقل:
يجهل الذين يواجهون الدولة العراقية ويرتكبون التجاوزات من خلال عدم التنسيق مع جهاتها الرسمية لأي إجراء أمني أو سياسي داخلي او خارجي أنهم يدفعون باتجاه دعم رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يجد نفسه بلا ظهير سياسي من قبل الشركاء فيذهب الى حالتين، الإعلان عن خياراته السياسية الجريئة حتى وان لم يستطع تحقيقها بهدف تحكيم الرأي العام وجعله طرفاً وشاهداً على ما يحصل من إعاقة وإضعاف للدولة التي اختارت عدم المواجهة مع من يتجاوز على مؤسساتها! ، فالكاظمي الذي قرر عدم المواجهة ما وصفه فريق من المراقبين بالانحناء أمام العاصفة فيما راه فريق آخر حكمة وامتصاصاً للتوتر من منطلق أن الكاظمي لم يات بانقلاب عسكري يتعهد في بيانه الاول بانقاذ البلاد من مشاكلها دفعة واحدة ، بل ان مجيئه من مخرجات الازمات الاساسية في البلاد وحصاد اتفاق الفرقاء مهما تنصلوا عن ذلك ، ولهذا فان وجود السيد الكاظمي على راس الحكومة خيارٌ سياسي يشترك فيه الجميع وأولهم الشيعة السياسيون الذين لولا اجماعهم او اغلبيتهم لما يمر الكاظمي، وانهم جميعا صوتوا بالنهاية على تمرير كابينته الوزارية .. اذا فشل في حل الازمات العاجلة فهذا يعني فشلهم ، واذا نجح فمعنى ذلك ان خيارهم كان سليما وان اختياره بديلا لعادل عبد المهدي يعد دهاء سياسياً احتوى الأزمة التي فجرتها تظاهرات تشرين وايضا ابقت الطبقة السياسية بمناى عن خطر جدي أو في أقل تقدير ايغال في العداء والمواجهة مع الشارع المحتج ضد الفشل والفساد .
لكن لاشيء من هذا حصل ، بل على العكس ، تم تصوير الكاظمي على انه خيار خارجي ، فكيف يكون خيارا خارجيا وانتم صوتم له!! وكيف يكون خيارا خارجيا وأنه اعطى رسائل اطمئنان للطيف السياسي الحاكم مثلما اعطى تعهدات للشارع باجراء انتخابات واقامة بعض الاصلاحات وكان يفترض بالحريصين على مستقبل الدولة أن يعينوه على ذك ، بل ان يعينوه حتى على كشف قتلة المتظاهرين والناشطين ليجعلوا المجتمع يطمئن الى ان الطبقة السياسية مازالت منتجة وتقدم اشخاصا بدلاء وانها اهل للادارة ومعالجة الازمات ومصدر أمان للمجتمع لا العكس .
مالمطلوب عمله فعلا ؟ هذا السؤال يساله حتى الذين يعترضون على الكاظمي ، ونقولها بحيادية، لايوجد انسان متوازن يعترض على الكاظمي او يحمّله المسؤولية لشخصه بل إن المواقف المحرجة التي يوضع فيها انما تشير الى فشل الدولة التام منذ ثمانية عشر عاماً ، فالرجل يتصرف اليوم بمبدأ اما أن تتحقق هذه الافكار أو ان هذه حكومتكم ردت اليكم .. عجزي عجزي عجزكم ، ولابد للعراق من ان يكون ايجابيا وقائدا في المحيطين العربي والدولي .
في هذا الاطار يمكن قراءة التصريحات الحاسمة التي اطلقها الكاظمي ضد مطلقي صواريخ الكاتيوشا الذين يتسببون بازمات اكبر من الفعل نفسه ، فالولايات المتحدة تعمل بخبث على ادامة التوتر مع الفصائل المعادية لها ، تريد مزيدا من الاخطاء ضدها بل تعمل على الاستفزاز والاعتداء ، واي رد ضعيف وخاطف يجعلها تتمسك بك كذريعة لاستفزازها لا كرد عليه !! وهو رأي بدا يتسرب من داخل منظومة الفصائل المسلحة حيث اعلنت حركة الابدال في بيان لها عفب هجوم عين الاسد أن هذه العمليات انما تضر بالعراق وتخدم اميركا حصرا .كذلك يوعز المراقبون قوة لهجة الكاظمي هذه المرة الى مايشبه توزيع الادوار حيث رافقها تنصل عن المسؤولية من قبل قادة بعض الفصائل المسلحة ورمي المسؤولية على تشكيل جديد باسم ( ثار الشهيد المهندس) وهو فصيل ليس من قوائم الوية الحشد وليس معروفا سابقا بالاسم على الاقل.
وبين هذه الدوامة يغيب القرار السياسي ، بل يحرج القرار السياسي في اية مباحثات . خاصة وان هذا التوتر ياتي في ظل فضيحة اكبر وهي فضيحة
الكهرباء التي أيضا اعلن الكاظمي وللمرة الاولى على لسان رئيس وزراء عراقي بان السبب هو عدم تنوع الاعتماد على دول اخرى غير ايران في مجال دعم الطاقة رغم أن هذا لايعفي الحكومة والحكومات المتعاقبة من التقصير والكذب والتستر على الفساد في مجال الكهرباء . بمعنى آخر أن الكاظمي خلال هذا الاسبوع وحده يتحرك خطوة باتجاه مواجهة ناعمة مع اطراف تريد الاصطدام معه .. وقد حشد بذكاء وحكنة جهات لها اذرع قوية لصالحه بالاضافة الى الرأي العام الذي بدا القناعة من زمن ليس بالقصير بان رئيس الوزراء ليس مسؤولا عن الفوضى بل هو احد ضحاياها ،يقاوم بهدوء ويدرك ان القوة المباشرة في الرد او التعامل مع المواقف ليس صحيحا بل هو ما يطلبه غرماؤه الذين يسيئون لشخصه ويتحدون سلطته .