مالك مسلماوي
تمنحنا عتبة العنوان فضاء قرائيا يتسع او يضيق عندما تشكل العنونة نصا قائما بذاته يؤدي الى النص الكامن خلفها..ومع تعدد المفاهيم في تحليل النص ومنها مفهوم (حدود النص) الا ان لغة النص بما تمتلكه من ديناميكية تتجاوز تلك الحدود “ و ربمايجنح عدد غير قليل من الباحثين الى عدم الالتزام بحد معين للنص , ونجد لدى بعضهم تلك المراوحة و الانتقالات بين الاتساع والتضييق , تبعا لظروف التحليل ومعطيات المادة المدروسة مما مكن من استنتاج تصوّرين كبيرين للنص : احدهما استاتيكي والاخر ديناميكي متحرك ..”*(1) و لقد ذهبت الى قراءة عنوان مجموعة (نصوص لا تعرف الموت) كما هو في عنونة هذه القراءة , بتصور ديناميكي اذ قرأت ( لا تعرف ) ( لا تعزف ) و بايعاز بصري منشغل بصورة الغلاف التي هي صورة لعازف الكمان , اما حضور (لا) النافية بحجم اكبر من مفردات العنوان الاخر فهو بقصدية محسوبة لسحب الانتباه اليها وارسالها دالا اوليا على الرفض والمعارضة والاختلاف , ولا يختص هذا الدال بالعنوان فالنصوص حافلة بأدوات النفي على اختلاف صيغه مع ما تحمله من الايحاء المضمربالانحياز للحياة بوجهها الايجابي مقابل الموت والانكسار والشعور بالخيبة .
ويأخذ الموت حيزا واسعا في الشعر المعاصرلاسباب لا تحتاج الى تفصيل .. و بهذا العنوان يؤكد معدّ المجموعة الشاعر انمار مردان انشغاله بفكرة الموت, بعد اصداره عمله الشعري الاول الموسوم ( متى يكون الموت هامشا ) .. واذ يشكل الموت عتبة لعمل شعري يضع بين ايدينا دالا صريحا على مضمرات المنجز الشعري , وخلال سير القراءة يضيء العنوان ملامح جدلية (الموت / الحياة ) والموقف منها , فعبارة ( لا تعرف الموت) او لا تعزف الموت تنصرف الى معنى رديف هو ان هذه النصوص ( لا تعترف ) بالموت , و بالمقابلة المضمرة توحي بانها تعترف بالنقيض وهو الحياة .. فتمركز فكرة الموت في النص هي انحياز للحياة في ما وراء النص , لذا يمكن فهم الشعر على انه انحياز دائم للحياة .
يضم الكتاب *(2) (ثمانية عشر) نصا شعريا و (احد عشر) نصا قصصيا ..
و يفتتح باهداء ( الى اتحاد ادباء وكتاب بابل ) , ثم (المقدمة) بقلم انمار مردان عنون لها : النص الادبي الحلي (الصوت القادم في سماء الابداع الحلي والعراقي) ( جيل الانتصار على الارهاب )..يبشر فيها “بظهور اصوات ابداعية تبرهن على انبثاق الابداع في مدينة عريقة كمدينة الحلة..” ومن ضمن ما جاء فيها : ” ولم يكن منتدانا الذي تأسس قبل سنوات قريبة في اتحادنا العريق , اتحاد ادباء وكتاب بابل الا بيتا لاحتضان الطاقات الابداعية ..
ولقد وجدت الكتاب جديرا بالقراءة لسببين : الاول والمهم هو انه حوى خطوات واثقة و تجارب توافرت على الشرط الابداعي في الكتابة الشعرية والقصصية من حيث اللغة والبناء و الموضوع , فكل نص مؤهل لان يقرأ ضمن اطار الحداثة الادبية .. السبب الثاني هو اهمية الانتباه للتجارب الجديدة وهو ما ينطوي ضمن ( ادب الشباب) بعده رافدا للحركة الثقافية الابداعية ينبغي رعايته و دعمه ليشق طريقه نحو التطور المستمر .. اضف الى ذلك ان وراء هذه النصوص ادباء واديبات يظهرون للمرة الاولى سواء على المنصة او على طريق النشر, فهم مازالوا في الظل السميك و قد فتح لهم (المنتدى الادبي والابداعي) بابا واسعة لتحقيق الحضور في الساحة الادبية وبخاصة (الادب النسوي) , فقد شكل الكتاب حضورا لافتا بعدد الشواعر والقاصات ( عشرةنصوص من ضمن تسعة وعشرين نصا حواها الكتاب). فالنص النسوي حاز على نسبة الثلث و هي نسبة عالية قياسا الى حضور المرأة في الانشطة الادبية في بابل في الوقت الحالي ) . ويعود الفضل في ذلك لادارة المنتدى و تشجيع اتحاد ادباء وكتاب بابل والمؤسسات الساندة ومنها البيت الثقافي في بابل .
الباب الاول
المجموعة الشعرية
بعد قراءتي للنصوص الشعرية قلت ساجعا : شعركثيرْ في هذا السفر الصغير .. ذلك ما شجعني لخوض هذه المقاربة والاصغاء الى ما كتبه (الانبياء الجدد) في مدوناتهم الشعرية والقصصية … ومع ضرورة التباين بين النصوص الا اني وجدت كثيرا من المشتركات الشكلية و الموضوعية بينها كأنها تنطلق من بؤرة واحدة , ربما يعزى ذلك الى التقارب والاحتكاك بين الشعراء و تأثير عامل البيىئة (الزمكان) , وعدم وصول التجربة الى منطقة التفرد كونها في مراحلها الاولى . واهم هذه المشتركات هي رواية الواقع رواية ليست محايدة انما هي في الاصل اشتباك مع الواقع والمحاولة الدائمة على نقضه وفضح صورته المشوههة بنيّة الوصول الى واقع اخرمفترض .. وحسب تعريف ارسطو ” ان عمل الشاعر ليس رواية واقع بل ما يجوز وقوعه ” و تجاوز المظهر الى الجوهر .. نقرأ :
” ان تضغط سجائرك باقصى ما يمكن كأنك تضع بصمة في جبين المكان
الحرية أب رجع الى دياره حاملا بندقيته التي ملأناها ضحكا قبل اعوام
الدواء ان تضع جسد من تحب في باطن الارض ك كبسولة لتتعافى دورة الحياة
الرشوة ان تدس في جيب الارض عشرات الاصدقاء من العملة النادرة ..”
تعاريف لعبة الشطرنج/ حيدر عاشور ص 21
يقترح النص – هنا – اعادة تعريف الاشياء ليس بما تظهر عليه بصورتها المألوفة والراسخة في الذاكرة الكلية الساكنة , انما ذهب الى ما وراء الظاهر بحثا عن حقيقة وجودها الاخر , فالاشياء لها حقيقتان : حقيقة وجودها الظاهري , وحقيقة وجودها الفعلي و المتصل بحركة الواقع الخفية .. تلك الحقيقة التي يعمل النص على كشفها وجلب الانتباه اليها بمسحة من المكر والسخرية تعطي النص فعلا تأثيريا واضحا.. و تأكيدا لذلك نقرأ في نص اخر مثالا للاشتباك مع الواقع وكشف مكنوناته الفاعلة والمتحكمة بوجدان الانسان بما يواجهه من خذلان وخسارات ولكن بلغة تبدو بريئة و مكشوفة تتحول الى وسيلة رصد لمأساة واحاسيس انسانية مؤلمة :
” ام تقبل فرشاة الرسم
لعلها تلوح اصابع ابنها
فتسكب آهتين
الاولى على الفرشاة
والثانية على الرسمة الاخيرة ..)
علي فارس شريف/ الرسمة الاخيرة
والمشترك الثاني بين النصوص متعلق بسابقه اذ يفضي الاشتباك مع الواقع الى امرين : الاستسلام او الهروب , الامر الذي يؤدي الى ادانة الواقع وتجاوزه الى واقع مفترض يعيشه الشاعر باحلامه واوهامه ويشكله وفق رغباته المكبوتة واماله الضائعة في الازمات والحروب , نقرأ :
“كلما حاولت الكتابة عن الحرب !!!
اتذكر ابتسامتها…
فتصبح الحرب فرحا
ويضحك جميع الجنود الذين ابتلعتهم الحرب
وحتى اسماؤهم المذكورة في النص تبتسم ….. “
نصوص للراحل/ جعفر العكيلي
المفارقة في هذا النص هي العلاقة المقلوبة بين الحرب و الفرح , فالحرب هنا سبب للمسرة اذ ان التبسم تعبير عن سرور .. ( يضحك جميع الجنود الذين ابتلعتهم الحرب ) والمعروف ان الحرب تقف وراء مآسي واحزان وآلام الانسان ..!! ان الضمير في (ابتسامتها) في السطر الثاني يكشف صراحة عن علاقة حب عظيمة تقف ندا للحرب بحيث تتحول الحرب بكل قساوتها الى فرح … الامر الذي يحيل الى اثر هذه العاطفة الانسانية التي تتجاوز الخوف والموت والاحزان ..
و نتيجة لما تقدم نجد مشتركا اخر هو طابع (القلق) الذي تكشف عنه النصوص , واذا كان الشعر هو ذات تتكشف او تتعرى فحالة القلق هذه هي انعكاس لذات قلقة محبطة محاصرة , وكما نقرأ هنا :
” اندفع فاخرج من خرم ابرة
تنسحب الوجوه على اثري
فابحث عن طريق اخر
بطول خيط اسحبه من رئتي الممزقة ..”
الوقفة الاخيرة/ امل عايد البابلي
فخرم الابرة / خيط / رئة ممزقة / طريق آخر دوال مشبعة بحالة التوتر والضيق والقلق لرسم صورة متحركة تعبر عن الاندفاع نحو الخارج الذي هو كناية عن الهروب .. ومعروف ان (خرم الابرة) هو اضيق طريق يسلكه الخيط ما يعني المرور المتعسر , و لا بد من الاشارة هنا الى ديوان بهذا الاسم (من خرم ابرة ) للشاعر عباس السلامي من بابل , و ربما يعدّ هذا نسخا , والنسخ هو : ” اخذ المعنى واللفظ من غير زيادة عليه ” *(3)
و ربما نعود الى تعريف الشعر على انه انفعال او ردة فعل تجاه حركة الواقع . فحالات القلق والتوتر والالم و ما يعالقها من تمرد ولامبالات وسخرية تظهر جلية في نص طويل لناصر ابو الورد يعرض لذات مهزومة تستقرئ تفاصيل الواقع بمجازات متشظية تلاحق تشظي الواقع وتبعثره :
” شهقة قلمي …
استنساخ للاشباح
زفيره… (ليلة السكاكين الطويلة) في عيون هتلر
وربما قصف عشوائي على سواحل (نورماندي) الامل
سواتري الورقية تكشف عن عورة الضحايا و وعورة الحياة ..”
ويستمر النص متنقلا بين الازمنة والامكنةوالاحداث والصور ومنقبا في الذاكرة عما يوفر له فرصة الكشف عن غرابة الواقع وما يحويه من التشويه والعبث .. هذا الانشغال بالزمن يجعله ميالا الى السرد , والتناص مع المقولات كواقع مدون , لكنه ليس تناصا بريئا انما يخضعه للانحراف لتوليد دلالات غيرية عما هي في النص المتناص معه :
” كنت قاب قوسين او ادمى … من سدرة المقصلة “
” لا انكر انَ ل (كان) اخوات … بنات ليل وفراشات اسرة”
” لارى مصرعي بصورة ثلا ثية الاوجاع”
” حتى في مزرعة المستقبل ازرع …. يخرج عباد الامس “
بريد البراري/ ناصر ابو الورد
وتؤكد نصوص المجموعة هويتها الغنائية وسطوع الذات البائحة , و هو ملمح قار في الشعرية العراقية , كما هو سمة طاغية في الشعر العربي منذ نشأته .. فالشعر العربي شعر غنائي وجداني تبرز فيه شخصية الشاعر و رؤيته و موقفة من مظاهر الحياة التي يعيها ويحسها .. ضمن ثنائية الذات والموضوع او ما يطلق عليه بالداخل والخارج , لكن المهم هنا هذا التداخل او التماهي بين قطبي تلك الثنائية حتى ان مسألة الفصل بينهما لتبدو امرا غير وارد في النص الحديث اذ يعكس احدهما الاخر, ” والغالب على النص الحديث هو تحقق التفاعل المزدوج بين القطبين اذ يدور حول ثيمة معينة في الوقت الذي يدور حول الذات النصية “.*(4) نقرأ :
” هولا يحب الشاي
هو لا يشرب الخمر
و لا يستسيغ القهوة في الصباح
هو يدخن لحظاته ويطلقها من النافذة
هو يدخن لحظاته ابتغاء للامل
لم تكن الفعالية بمستوى الموت يا صديقي
يفترض ان يشترك الجميع في القمع
ولكن كما قلت لك انتبهنا لموتنا متأخرين ..”
امس في الكرادة/ سرمد بليبل
واذ كان الضمير (هو) قد امسك بمداخل النص ليكون ايقونة تعبر عن الذات المنعزلة بتكرار حرف النفي ( لا يحب / لا يشرب / لا يستسيغ ) التي يستلبها الموت دون وعي منها, نرى في نص اخر ضمير المتكلم ( الياء) يقوم بهذا الدور في نص يكشف عن الاحساس المرهق بالزمن :
” تغرس عيونها في صدري
كل استعجال منها ذنب
كل مراوغة عقاب
تجيد الضرب بالسياط
تمدها كحبل مسد الى عنقي
تلفه حولي مثل مشنقة…” عقارب الساعة/ رغد المعموري
هذه الذات القلقة , المتوترة , المتمردة نجدها في نص بساط خشوعي ل أركان الحمداني و نصوص ل باقر حسن و نص رأيتكم ل زهراء فلاح و مروة العميدي ومنتظر العقابي وعلي شاهين وعلاء حسين حمود ..وفي المجموعة قصيدتان عموديتان مثلا تلك الغنائية تمثيلا اصيلا وبروح معاصرة و على نمط ما اطلق عليه (قصيدة شعر) من حيث الصورة الشعريةالمبتكرة وتحرير اللغة من مرجعياتها الضيقة , وهذه ابيات من (مرايا الحذف) ل عمار الصلف.. نقرأ :
لها ان جفّ نهر العوز حرف ولي ان فوق هذ النهر اغفو
ولي من عودة التيار طعم فلا ظل لنا باق ليطفو
فما عادت تجوع لنا المرايا ولا نصفي على المرآة نصف
والقصيدة الثانية ذات العنوان المبهم (سفر الى معاني مبهمة) فالمعاني في القصيدة لا ينقصها الوضوح , و ذات غرض تقليدي معروف في استلهام واقعة الطف, و يشعرك ذلك بقطع حاد بين عتبةالعنوان وما تؤدي اليه .. الا ان القصيدة احتشدت بالصور الجاذبة التي توكل مهمة توجيهها الى المتلقي :
“ماض الى معناك حيث سأنشرُ
حبرا من الآهات فيك تسطر
ماض ودمع العين حفنة ابحر
انى لهذا الحزن تكفي الابحر …
و مما تقدم نرى من المهم ان نسلط الضوء على ابرز المعطيات النصية التي انمازت بها النصوص الشعرية حيث تفاجئ القارئ بلغتها الناضجة بما فيها من ايحاء و فضاء تأويلى وقدرة على المناورة والادهاش , وما تمتلكه النصوص من جرأة في خلخلة الوقائع واللعب بالمعاني , ولنأخذ بعض الامثلة بشكل مبتسر لكنه يسعف مطلبنا .. نقرأ :
” لست ضليعة بما يكفي فعلى ارصفة حنجرتي مشردة من جنوني
بلا مأوى
بلا قافية
بلا مفتاح
امضي الى سراب المجد راجلة
اركل الاحجار من دروبي
ابحث عن بصيص وجهك في حفنات التراب ..”
23 نيسان .. ما عاد نيسان يعنيني / مروة العبيدي
احتشاد ادوات النفي هنا يحيل الى السلبية واليأس , وهو ما يعبر عنه بالصورة الغريبة في مطلع النص ( ارصفة حنجرتي مشردة من جنوني) صورة سريالية تشكل انعكاس ل (سريالية الواقع) ..
………….
ومثال آخر على تأزم الواقع يطفح النص بصور متنافرة تحكي تنافر الواقع :
” كأول سمكة يصطادها الصياد مبتهجا
افسم ان لا اهرب
ابي كان يعلقنا من افواهنا
بسنارة تخترق سقف منزلنا الكهل
كالطعام الذي تيبسه جدتي
الى موسم الشتاء ….. ” طعام ابي /محمد فاضل
و غير الغزارة في رسم الصورة تجد انها تتخذ طريقة (الكولاج collection) وتجميع الصور المتنافرة او المنسجمة مع ملامح سردية مفتتة, (قراءة كتاب الوجه) مثالا :
” ابتكار فوضوي
يصنع نساء للاحلام
يتخم قلبه بعشق
غير دسم
يرتدي قميص الشوق
يمسح باكمام دموع
تفاهة الحاضرين …” قراءة كتاب الوجه / على شاهين
و كما في نص (القيامة) اذ تحضر الطبيعة بجمالها و ديمومتها لتجاوز لحظة النهاية بكثافة الافعال المضارعة في رسم اللحظة الحاضرة ( يركض / يجمع / اصب / يثمل / تغني ..) :
” كطفل يركض خلف فراشات الحقول
يجمع الازهار قبل ان تحين آلهة الذبول
اصب روحي خمرة
ليثمل الرحيق
حتى تغني العصافير ..” القيامة / منتظر العقابي
هذا الانشغال باللحظة الحاضرة و رسمها من جهات متعددة بصور كنائية للمرأة الحبيبة نجده واضحا في نص (اوريا حداثة الظل) :
” بين العبقرية والجنون حزمة
من ضفائرك
صوت يهوى عتمة
العود
يمسح بردائه عنجهية الارض
لتستحيل مرغمة
الى مكحلة…” ………………. علاء حسين حمود
كذا في نص (بساط خشوعي) ذي اللغة الحسية بين انفتاح الصور وتتابعها بحروف العطف :
“اهوى مكوثك في السراء
وانت تسكنيني كواد غير ذي زرع
تعري وارتدي عزلتي
وعودي بي حيث انا
فالقمر تأفف
لانعكاسك في ظلي
ونظرت اليك الشمس في حنق ..” …………. اركان الحمداني
وبهذا الحضور الطاغي للصور الشعرية الى حد الترهل احيانا , يمكننا تلمس مجمل خصائصها , واللغة التي كتبت بها تنتسب الى مرحلة ما بعد الحداثة , فهي نتاج منطقة تتراوح ما بين الوعي واللاوعي في اداء يهيمن عليه الفضاء الحلمي او الانزلاق في ( الدادائية) العبثية او الايهاميةاحيانا..وكما يقول احد النقاد : ” اعتقد ان الشعر هو ثمرة التعاون والتصادم بين النصف الواعي والنصف اللاواعي لدى الانسان “*(5) و الميل الواضح الى تقنية (الكولاج) في ضخ الصور الشعرية المتراوحة بين الانفتاح والانغلاق …. يحيلناهذا الى ” مفاهيم التفكيك التي خذفت المؤلف وعد اللغة في النص هي التي تتكلم وليس المؤلف وعد الكتابة عملية اولية لا تعبر عن مقصدية المؤلف.. وهي لا تستند الى شخص بذاته …. وانما هي متحدرة من منابع ثقافية عديدة ترسب فيه لتصبح نسيجا من العلاقات الصماء خالية من الاهواء والمزاجية ليس فيه رؤية او معتقد وهو عبارة عن كتابة آلية كتبها ناتج حل محل المؤلف الذي مات “*(6) و عليه يمكن عد النصوص الشعرية*(7) هنا ضمن نص ما بعد الحداثة الذي تشكل من اجزاء وصور متناثرة ومتشظية مع عدم الاحتفاء بالمعنى والهدف , فمع غياب سلطة المؤلف يترك الدور لسلطة القارئ ليقول ما يشاء .. حسب وعيه وثقافته وتفاعله مع النص .. (انتهى)
يتبعه الباب الثاني (النصوص القصصية)
………………………………………………………………………………..
(1) علم لغة النص / المفاهيم والاتجاهات / أ.د. سعيد حسن بحيري / مؤسسة المختار للنشروالتوزيع / القاهرة 2004.
(2) ( نصوص لا تعرف الموت / مجموعة شعريةوقصصية مشتركة) الصادر عن دار الفرات للثقافةوالاعلام/ العراق/ بابل لسنة 2017م , وبرعاية رئيسمجلس محافظة بابل . الشيخ رعد حمزة علوانالجبوري . وهي ضمن نشاطات المنتدى الادبيوالابداعي التابع لاتحاد ادباء وكتاب بابل / اعدادوتقديم انمار مردان / تصميم الغلاف أوس عبد علي.
(3) قسم النقاد السرقات الشعرية الى خمسة اقسام: هي النسخ والسلخ والمسخ واخذ المعنى مع الزيادة عليه و عكس المعنى الى ضده .. انظر / قضايا النقد الادبي / تأليف د. محمد ربيع / دار الفكر للنشر والتوزيع 1990.. ومع سعادتي بهذا المنجز لا اخفي قلقي من كون بعض الشعراء الشباب (اتكأ) على غيره بشكل ما الامر الذي يودي به في اول الطريق , ارجو ان لا يحدث ذلك.. واحذر من هذا المنزلق
(4) قصيدة النثر العراقية / العودة الى الذات/ مالكمسلماوي/ الموسوعة الثقافية159/ دار الشؤونالثقافية العامة 2017
(5) كيمياء الكلمات/ حوار في النقد والشعر والرواية والمسرح/ ترجمة د. محمد درويش/ دار المأمون لترجمة والنشر
(6) وليد قصاب/ مناهج النقد الادبي الحديث ./ دمشق / دار الفكر 2009
(7) قدمت الدراسة في امسية البيت الثقافي/ بابل بتاريخ 17 تموز 2018 تحت عنوان مقترح من الناقد زهير الجبوري مدير الجلسة هو ( فضاءات الصوت القادم/ قراءة في كتاب نصوص لا تعرف الموت ).