الشرق الاوسط بين مؤشرات  الصِدام  ورسائل السلام

الشرق الاوسط بين مؤشرات الصِدام ورسائل السلام

المحرر السياسي  / المستقل

شهد الشرق الاوسط  في ظل عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب توترات كبيرة  ،فكان  على شفير الحرب، ومع تسلم جو بايدن إدارة البيت الأبيض، بدت ملامح الانفراجالسياسي تلوح في الأفق ، وتغلبت العقلانية على الانفعالية في سلوك الدول .

خطوات وخطابات تصالحية تهبط على دول المنطقة ،

بدأت بخطاب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، أعقبه جلسات الحوارالسعودي الإيراني في بغداد،  ثم إشارات المنامة لطهران ،  وتخفيف حدة الخطابالإعلامي بين الأطراف المتخاصمة  ، وتسريبات وزير الخارجية الإيراني ظريف، التيعدَّها البعض تبادل ادوار في القيادة الايرانية، ورسائل الى الغرب تقول ان هناك تياراً  لديه ملاحظات على الأقل على السياسة الخارجية الإيرانية.

وهناك تباشير بعودة العلاقات السورية السعودية بعد وصول وفد سعودي برئاسة رئيسالمخابرات السعودي خالد الحميدان،  ليتفق على فتح السفارة في دمشق ، وصولاً الىالتقارب المصري التركي .

فبعد سنوات من القطيعة ، والتصعيد الاعلامي ، تعود لغة الحوار لتضفي على المنطقةجواً من الهدوء .

ويبدو ان  الحاجة لثقافة التطبيع ، لم تكن محصورة بين اسرائيل والدول العربية، بلكانت ضرورة  مُلِحّة  لكل دول الشرق الاوسط.

  السعودية وايران وتركيا ومصر وسوريا والعراق  دول  محورية و وذوات ثقلجيوسياسي مهم، فلا بد من سيادة لغة الحوار بينهم  لضمان مصالح الجميع .

فتركيا التي تعدُّ الدول العربية والاسلامية عمقها الاستراتيجي ، وبوابتها الاقتصادية ،  كان عليها ان تبدأ، وقد بدأت ، بعد ثماني سنين من القطيعة مع مصر ، إثر لجوء  قادةالاخوان المصريين اليها ، بعد الإطاحة بمحمد مرسي .

واستمر التصعيد التركي ضد الرئيس السيسي حينما سمحت تركيا  بفتح قنواتإعلامية مصرية  معارضة ، كـ  قناةمكملينالموالية لجماعة الإخوان ، و  قناةالشرقالتي يملكها المعارض المصري الليبرالي ، أيمن نور. ومن ثم  قناة ثالثة تحمل اسموطن“.

وتبث القنوات الثلاث برامج معارضة للنظام المصري وللرئيس عبدالفتاح السيسي، وهيمن نقاط الخلاف الرئيسة بين البلدين.

لكن بوادر التقارب واجواء المصالحة ، فرضت نفسها وابلغت ادارات هذه القنوات بضبطخطابها الاعلامي ، وهذا ما قاله  أيمن، إن ما طُلب منه، بوصفه رئيس مجلس إدارة قناةالشرق، هو ضبط خطاب القناة الإعلامي بحيث يلتزم بمواثيق العمل الصحافي،ويتجنب النقد الشخصي للمسؤولين المصريين” . وربما سيكون مقدمة لانهاء وجودالاخوان السياسي في تركيا ، بعد ان ضعف دورهم داخل مصر ،ولم يعد لهم تأثير فيالشارع المصري .

هذه الخطوة  التركية بضبط الخطاب الاعلامي ، قابلتها مصر  بأحسن منها،  حينماوصلت تعليمات الى وسائل الاعلام المصرية  بعدم المساس بتركيا و بالرئيس اوردغان .   

التقارب المصري التركي لم يأتِ من فراغ ،بل جاء نتيجة ظروف المنطقة، وتدهور العلاقاتالتركية الامريكية ، وتراجع العلاقة المصرية_السعودية بعد التقارب السعودي مع قطروتوقيع (وثيقة  العلا)، وكان لعودة قطر للحضن الخليجي أثرٌ في  تقارب القاهرة وأنقره. فقد لعبت الدوحة دوراً مهماً غير مباشر في هذا التقارب ، ناهيك عما يكتنف  ملف الغاز  الطبيعي والهيدروكربونات و ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط ، الذي توليهانقره اهتماماً كبيراً،  اذ تتداخل فيه دولتان تدخلان في خصومة تاريخية  مع تركيا هماقبرص واليونان ، وقد وقعت مصر  مع قبرص اتفاقية لترسيم الحدود البحرية  ، ثم دشنتمصر في العام 2019  منتدى غاز المتوسط  الذي ضم الاردن واليونان ومصر وقبرصواسرائيل وايطاليا .

و وقعت مصر في العام 2020 اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان .

  لقد زادت الخطوات المصرية  من عزلة تركيا ، بالاضافة الى واقعها الاقتصادي المتراجع ،كل هذه الاسباب دعتها ، الى ارسال اشارات الغزل الى القاهرة، التي  رحبت بها  الاخيرة، خصوصاً وان القاهرة تحتاج الى هذا التقارب في هذه الفترة التي تشهد نزاعها معأثيوبيا حول تقاسم مياه النيل .

اللاعب القطري ، لم يفعل ذلك (لوجه الله)، بل ان للدوحة مصالحها في هذا التقارب وإبعادشبح الحرب عن المنطقة .

  قطر الحليفة القوية لتركيا والراغبة  بتصفية الاجواء ،وهي على اعتاب بطولة كأسالعالم التي ستقام في الدوحة ، سعت الى تقريب وجهات النظر  وحظ السعودية علىايصال رسالة لمصر بشأن تركيا ، وفعلت قطر الشيء ذاته مع إيران، اذ  شجعت  السعوديةوعلى لسان وزير خارجيتها بالتقارب مع طهران ، وعرضت  وساطتها في هذا الملف .

وقد حدث ما خطط له ، فهناك حوار سعودي ايراني ومصري تركي ، بالاضافة الى حوارفيينا حول البرنامج النووي ، الذي  سيشهد انفراجاً كبيراً  في ملفاته.

والتطور اللافت، وغير المتوقع ، واستكمالاً  لأجواء المصالحة والوئام، شهدت دمشقوصول وفد سعودي اليها حاملاً  اغصان الزيتون ، ومبشراً بعود العلاقات  ورجوعسوريا  الى جامعة الدول العربية وحضور القمة المقبلة في الجزائر ، وربما سيحل وزيرالخارجية السعودي ضيفاً على الرئيس الأسد  لتهنئته بعيد الفطر ،  وهي خطوة ستدعمموقف الأسد في الانتخابات المقبلة المزمع اقامتها في سوريا  .

كل هذه التقلبات حدثت وتحدث بسرعة كبيرة ، لم يكن احد يتوقع ان تحدث بهذا الزمنالقياسي ، لكن كما قال الشاعر :

ما بينَ طَرفةِ عينٍ وانتباهتِها .. يُغَيِّرُ اللهُ من حالٍ الى حالِ.

(Visited 6 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *