مواويل جنوبية
عبد السادة البصري
هذه العبارة أردّدها كلّما يسألني أحد عن مشروع ما ولم يُنجز ، أو عن أخبار جديدة وليس في جعبتي منها شيء !
اليوم أردّدها أيضاً ونحن نعيش تحت رحمة أصحاب المولّدات وطمعهم وتباين أخلاقهم ، بعد أن أصابنا اليأس والقنوط من أي جديد في تحسن الكهرباء ، رغم سماعنا في كل مرة تصريحات نارية لهذا المسؤول وذاك ، حيث ما زلنا نتذكر التصريح الناري لأحدهم حين قال : ــ سنقوم بتصدير الكهرباء في العام القادم ، كان هذا قبل سنوات ، ولم نصدّر أمبيرا واحدا بل غادر المسؤول ذاته البلاد بعدما نهب ما استطاع من قوت الناس ليعيش متنعّما بالسحت الحرام في بلاد الكفّار كما كان يسمّيها في خطاباته النارّية ، ومانزال نشتري الكهرباء من الجيران وعلى مزاجهم ، إذ ينقطع الخط عند توقف الحكومة عن دفع المستحقات الماليّة للطرف الآخر !
في كل عام نقول أين الوعود؟ وتندلع التظاهرات والاحتجاجات ويسقط ضحايا وقرابين لأجل الكهرباء، ولم تتحسن أبداً، بل تسوء أكثر، ويظل أبناؤنا يعانون مرارتها في الامتحانات، والمرضى يتوسلون نسمة هواء عابرة، والكلّ يرفع أكفّه بالدعاء لها عسى أن تستقر لبضع ساعات، ولن تستقر، بل يخرج هذا الخط عن العمل وتعاني المنطقة الفلانية من الحرّ والظلام، وتسقط المنظومة تلك وتتوقف عن العمل ونبحث عن السبب والمسبب، فنحتار بالجواب!
لو أحصينا المبالغ التي أهدرت تحت ذريعة إصلاح الكهرباء منذ عام 2003 وليوم الناس هذا لوجدناها تبني بلدا بكامل منظوماته الخدمية من كهرباء ومجاري ومدن ومستشفيات وغيرها دونما أي خلل، طبعا إذا كان الصرف على وفق الخلق والضمير الإنساني الذي يعرف النزاهة والأمانة والأخلاق وحب الوطن والناس.
منذ 2003 ولحد هذه اللحظة لم تتحسن الاحوال، بل لم يأت جديد ما لنشعر بجمالية ضوء الشمس ونسمات الهواء الباردة، لأن الخدمات كل يوم لها شأن، ومن سيئ إلى أسوأ، الازبال والقمامة تملأ شوارعنا وأزقتنا وأسواقنا، والمجاري طافحة هنا وهناك، والكهرباء هي الطامة الكبرى، اضافة الى تردي التعليم، وانهيار العلاقات الإنسانية، وكأننا نسينا أن للإنسان أخلاقا يسمو بها!
تعالوا نتأمل وضعنا في كل مكان، كموظفين وعمال وفلاحين ومزارعين وإعلاميين ومسؤولين وما إلى ذلك، وكيف صرنا ندور في حلقة مفرغة وبلا أدنى تفكير في كيفية تطوير قدراتنا الفنية والإبداعية.
صناعتنا صارت في خبر كان، وبتنا نستورد كل شيء من الحبّة إلى القبّة!
وزراعتنا كذلك متوقفة، وما أن ظهرت بوادر زراعة هنا وهناك حتى اندلعت الحرائق لتأكل الأخضر واليابس دون أن تحرّك الحكومة ساكنا لمعرفة السبب والمسبب ومن المستفيد من هذا العمل وكذلك عندما تبدأ بوادر تشغيل شركة انتاجية ما ايضا .
المرضى دون علاج وان وجد فأما منتهي الصلاحية أو يباع في السوق السوداء.
والكارثة أن كل مسؤول يقف بشموخ ليصدّع رأسك بتصريحاته النارية ولا جديد !
أين الإصلاح والفساد تغلغل في كل مفاصل حياتنا؟
البائع في كل مكان يقول لك: ــ تريد أصلي لو عادي؟
نريد أي حاجة تسمو بالوطن والناس.. نريد أخلاقاً ونزاهة وإيثاراً وعلاقاتٍ طيّبة وصدقاً في التعامل !
نريد مسؤولا لا يصرّح إلاّ بالحقيقة حتى وان كانت صادمة !
نريد وطناً خالياً من الشوائب ولتكن الشمس بخيوطها الذهبية هي التي تبشّرنا بالجديد قبل فوات الأوان وضياع الوطن !!