خلافة  السيد السيستاني بين الجدل الديني والحذر السياسي  

خلافة  السيد السيستاني بين الجدل الديني والحذر السياسي  


كتب المحرر السياسي :
 
علمت المستقل من مصدر مباشر موثوق من محافظة النجف الاشرف أن حراكا دينيا ونقاشات تدور في الاوساط الحوزوية المقربة من المرجعية الدينية الشيعية العليا حول الشخصية التي ستخلف المرجع الاسلامي الشيعي الاعلى في العالم السيد علي السيستاني بعد عمر طويل باذن الله.
وقال المصدر إن شخصية السيد السيستاني ذاتها ودورها السياسي وتاريخ تعامل مرجعيته مع التعقيدات التي حصلت في العالم الاسلامي لاسيما الاحداث التي عصفت بالعراق  وكاريزما الشخصية التاريخية فضلا عن اعلميتها خيمت على اجواء النقاش.
 
توريث المرجعية
 
وصف المصدر النقاش الدائر في اروقة الحوزة العلمية في النجف بالحاد ومتعدد المقترحات ، لاسيما خلال مقترح قدم من طلبة الحوزة العلمية الى  السيد محمد رضا السيستاني نجل المرجع السيستاني لان يكون خليفة لابيه  و أن يصدر توجيه من المرجع الوالد يشير الى ذلك ، لكن السيد محمد رضا اعترض بحزم على طلبته ( حسب المصدر)   وقال:  ان هذا الأمر لايمكن أن يكون وراثياً و ولا يوكل لي أو لغيري بهذه الصفة ، والنجف لم تعتد على مثل هذا الامر   .  
 
وحسب المصدر دعا السيد محمد رضا الى لقاء مع كبار اساتذة الحوزة منهم السيد جعفر الحكيم و  الشيخ هادي آل راضي والشيخ باقر الايرواني والشيخ حسن الجواهري. والسيد الاشكوري  واخرين ونقل لهم ما طرحه بعض الطلبة، فقسم منهم ايد الفكرة فيما رفضها القسم الاخر.    
 
الاهتمام الامريكي
 
تزامن هذا الموضوع مع دراسة وتقرير للمخابرات الأمريكية نشر مؤخرا ً عن خليفة المرجع ، من هو ؟ وماهي مكانته وتأثيره الروحي  في المجتمع الشيعي ، وهل سيكون بنفس الرؤى والقدرة في ادارة الازمات ؟
هذا التقرير  وصل الى بيت السيد السيستاني، ولم يتم الرد عليه، لكنّ شخصيات دينية رفيعة تفاعلت مع الموضوع وجعلته مادة للنقاش .
فالولايات المتحدة تنظر من زاوية مختلفة ، والنجف لها رؤيتها الخاصة .
الولايات المتحدة بالطبع لاتهمها الآليات بقدر ما ينتابها القلق من ان تاتي مرجعية مقبلة في النجف تتطابق مواقفها تماما مع الرؤية الايرانية للاحداث والخارطة السياسية في العراق والمنطقة ؟ باعتبار ان مرجعية السيستاني كانت رمزا للاعتدال والنصح وعدم الخوض المباشر في مستقع السياسة العراقية الذي اوصل البلد الى ماوصل اليه .
 
 
آلية اختيار المرجع الاعلى
 
في تاريخ المرجعية حينما توفي السيد محسن الحكيم الذي لم يسم خليفة بعده هرعت العشائر وجموع الناس الى السيد يوسف الحكيم ، وقد رفض الرجل هذا الطلب رفضاً قاطعاً .  
اختيار المرجع في مرجعية النجف الاشرف لايتم عبر انتخابات تجرى في دوائر وشخصيات السلطة العليا كما هو حال اختيار الولي الفقيه في ايران ، فالفرق بين المرجعيتين كبير ، مرجعية النجف  تمثل رمزية روحية بحته ، لها تقاليدها وعاداتها ، و ليس لها اي صفة رسمية سياسية او غيرها ، وان كان لها دور في  المشهد السياسي العراقي مؤخراً ، فرضته ظروف البلد.   وهذا ما يجعلها مختلفة عن ايران.
فالقاعدة العامة في اختيار المرجع في حوزة النجف تعتمد على قاعدة ” الأعلمية” بالاضافة الى شرطي الورع والتقوى .
هذه القاعدة فيها شيء من الهلامية، وربما مساحة للاختلاف في التقييم كذلك ، لكن منْ يحسم هذا الجدل  و منْ يحدد أعلمية الأعلم ، هنا نرجع للقاعدة الخاصة والتي هي  طبقة العلماء والاساتذة في الحوزة الذين يمتلكون القدرة على التشخيص بالاضافة الى المكانة التي يتمتعون بها عند طلبتهم ..
ولا ننسى ان هناك معايير خاصة تخضع لاعتبارات معينة .
فاختيار المرجع الاعلى من قبل هذه الطبقة  مهم جداً ، بالاضافة الى العوائل العلمية الشهيرة، كل حسب ثقله وتاريخه  كـ آل الحكيم و آل بحر العلوم  ، وآل الخوئي وآل الشيخ راضي و آل الجواهري، يلحق بهم بقية العلماء والشخصيات في الدول الاخرى  وغيرهم  ، فحينما تكون هذه الفئات في طرف ما ، سيتوجه المجتمع الشيعي لذلك الطرف ويتم  الاختيار  .
 
الصدر وايران والمرجعية
 
ما يختلف في جدل اليوم حول خليفة المرجع الاعلى يمكن حصره في نقطتين رئيستين .ربما تعتبران الاصعب والاكثر تعقيداً في المشهد الشيعي. 
الاولى :  التنافس التي لايخفى بين مرجعيتي النجف وقُم حيث منحت الاحداث السياسية والامنية في العراق والمنطقة زخما لتفسير الاختلاف على الاقل في الموقف من الاحداث ودعم جهات سياسية متعددة لاسيما في دعم فصائل عراقية تعلن ولاءها صراحة للخامنئي باعتباره وليا لامر المسلمين ونائبا للامام الغائب . حيث تتطلع ايران بالتاكيد لان يكون بديل السيد السيستاني اكثر انسجاما مع مرجعية السيد الخامنئي  بعد ان انقسم الموالون للمرجعيتين بوضوح . وعليه  لم تكن عملية اختيار المرجع الاعلى تنطوي على ابعاد سياسية كما هي اليوم .
  الثانية :  في كواليس التيار الصدري هناك همس  حول طرح السيد مقتدى الصدر كمرجع اعلى بعد السيد السيستاني كونه يملك تياراً شعبياً كبيراً مؤثراً وانه قد أكمل دراسته الحوزوية في البحث الخارج حسب قول مؤيدين، وانه مؤهل لمثل هذه المهمة, خصوصاً اذا ما علمنا ان التيار الصدري كسر كثيراً من القواعد والأعراف الكلاسيكية في الحوزة، وذلك في حياة السيد الراحل محمد الصدر   .
 
قيادة الشارع الشيعي
مع وجود اسماء كبيرة من الطبقة الاولى من المراجع  كالسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ بشير النجفي والشيخ إسحاق الفياض ، وكذلك من الطبقة الثانية السيد حسين اسماعيل الصدر والسيد علاء الغريفي ، والشيخ محمد اليعقوبي وغيرهم ،  يبقى  الامر ليس سهلا.. 
فالواقع يقول ان هذه الاسماء  ليست قادرة على قيادة الشارع الشيعي ، كما انها  لا تحظى باجماع الحد الادنى من الشارع او المؤيدين ، اذا ما استثنينا السيد محمد سعيد الحكيم الذي  له امتداد عائلي كبير . 
ورغم الحذر الشديد الذي يبدو عليه الجميع في الحديث عن خليفة السيد السيستاني الا ان ذلك لايخفي اهتماما دوليا ومحليا للبحث او التوقع او التعامل الاستباقي سياسيا من قبل الدوائر جميعها ممن ترى أن تاثير المرجع الشيعي في الحياة السياسية والاحداث بصورة أو باخرى له ثقل وسطوة روحية على سير المعادلات السياسية والتاريخية أيضا.

(Visited 278 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *