د. ماجد حامد هوبي
لقيام أي دولة بمفهومها الاولي هو توفر مثلث معروف وقديم الفهم ايضا ألا وهو (الشعب ،الارض والحكومة)، فلا تقوم دولة بدون شعب ولا تقوم دولة بغياب الحكومة تقودها وتدير امورها ولا تقوم ايضا بغياب الارض .أما نظرتنا للأمور الان فأن قيام الدولة لا يعتمد على الامور أعلاه فقط يضاف لها (النظام والطاقة والاقتصاد وتسخير الموارد) فالنظام يتضمن العدل والقضاء والقوانين التي فيها خدمة كيان الدولة وأما الاقتصاد فهو الشريان الرئيسي لديمومة الدولة فبدونه انهارت الدول واختفت وهناك دول قائمة بسبب اقتصادها والامثلة كثيرة هنا.
في هذا المبحث سنأخذ موضوع مهم ناتج عن أخطاء تم صناعتها ويجب توضيحها الى القارئ تجاهلوها القائمون على السياسة في العراق وكذلك المخططين لها إلا وهو مكون رئيسي لبقاء الدولة العراقية التي وصلت الى حدود الفناء كدولة عصرية توازي دول العالم الاخرى وعنصر من عناصر بنيتها الاساسية وهي الطاقة. فكلنا نعرف أن مصدر العراق اليوم واقتصاده يعتمد بشكل قد يصل الى 99% من قيمته على النفط ووصل الحد الاعتماد في انتاج الطاقة على النفط والغاز ايضا الى هذه النسب بحيث وصل الحد الى الاعتماد عليه اليوم وبشكل لا يصدق حتى في بناء محطات توليد الكهرباء الجديدة في محافظات الوسط والجنوب واعتمادها بشكل كلي على النفط الاسود والكازولين والغاز لأنتاج الطاقة (نصف هذه مصادر المكرر منه معتمدة على الاستيراد صلاً؟؟؟) مع العلم أن من يقوم بأتخاذ قرار بناء هذه المحطات وحسب رأي الشخصي لا يرغب سوى الهروب من واقعه وتصدير الازمة ويريد ولو لفترة وقتية لأسكات التذمر الشعبي في تلك المناطق ولكن هنالك أيضا تجاهل للتخطيط السليم والبعيد المدى وبصورة قد تكون متعمدة يحاسب عليها القانون وبشكل صريح “الاساءة الى المال العام” ولو سألنا القائمين في بحوث النفط الدولي لوجدنا أتفاقهم جميعهم على أن النفط سينضب في خضون اقل من 50 الى 100 عام القادم في احسن الاحوال وهذا واضح وجلياً لدينا. حيث تقوم الدول العظمى بالاحتفاظ بمخزواناتها الاستراتيجية.
هذا من جانب أما الجانب الثاني والمخفي في هذا الامر هو ان هذه الكلف ستنتهي وتذهب ادراج الرياح بنهاية التغذية لهذه المحطات مع العلم أن كلفة هذه المحطات قد تجاوزت المليارات الدولارات مع العلم ايضا ان كلفة بناء المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية اصبحت مقاربة لهذه الارقام والمثال حاضر هنا لدولة الامارات العربية من الشروع ببناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال المحطات النووية كذلك أظهر بحث أجرته حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أن إنتاج كيلو واط/ الساعة من الكهرباء في محطات الطاقة النووية يكلف أقل من ثلث كلفة الكيلو واط/ الساعة في محطة تعتمد على احتراق النفط مع العلم أن هنالك 29 بلداً حول العالم يستخدم الطاقة النووية الآمنة والصديقة للبيئة لتوليد الطاقة الكهربائية ولكن الغريب ما في الامر عندما تناقش المسؤولين في العراق حول مشروع المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق ستجد لا يملكون اي مبرر لهذا الاستزاف المفرط للموارد الطبيعية للعراق… بحيث يتصورون بأن هذه المحطات هي عبارة عن قنابل نووية وليست محطات. ماحدث في اليابان بلد الزلازل اغلب المحطات النووية تعرضت الى هزات وسيول ولم نسمع انفجار محطة رغم الفيضانات الاخيرة التي ضربت اليابان المعتمد بحدود 30 % من طاقته على هذه المحطات وهذه الحالة مشابه لأغلب الدول العالم التي تحتوي على المحطات النووية. نحن نقول .. أن أستخدام النفط وأستنزافه واستنزاف هذه الثروة بشكل متصاعد مع وجود مؤشرات فساد وعلامات استفهام على المستوى الحكومي وشبهات فساد اخرى في تصدير النفط على مستوى المحافظات او الافراد اوالاحزاب المتنفذة .. ومستوى فساد آخر على مستوى الحكومة المركزية يدل على مؤشرات غامضة باستزاف هذه الثروة “الناضبة” مع العلم والكل على دراية بأن مجال التقدم في العراق يقارب مستوى الصفر وأن مستوى الفقر في صعود مضطرد تلاحقه نسب البطالة والتي تعتبر من انواع البطالة الخطرة واقصد بطالة حاملي الشهادات والتي هي بأعلى مستوياتها في العالم. ولم يمر على مسامعنا هناك من يقف بوجه هذا التجاوز الجائر على ثروة الاجيال أي ان كل ما يحدث على مسمع ومرئ القضاء العراقي “الادعاء العام” مع العلم أن وجود نائب عام مطالب بالحق العام هو ضرورة توقف هذا التدمير الشامل للبلد ومستقبله وثروات اجياله. والحلول ممكنة، تكمن في الاعتماد وتطوير مصادر للطاقة غير النفط والاحتفاظ به ولو بشكل من الاشكال والعمل بشكل جدي لتطوير الجانب الصناعي والزراعي لزيادة الدخل القومي للعراق ولكن هذا يناقض ويصدمنا بواقع الموازنة لهذا العام حيث اخذت الزراعة والصناعة مجتمعتين نسب مخجلة من الموازنة العامة للبلاد. لذلك نقول هذا خطأ في صناعة القرار. تطوير بدائل الطاقة ومنها المشاريع الهيدروليكية المنتجة للطاقة الكهربائية كالمخازن المائية والسدود التي تتعدد منافعها ما بين الزراعة والسياحة وتوليد الطاقة واقصد هنا المحطات المايكروهيدروبور Micro HydroPower. او الاكبر منها قليل على الانهر المتوسطة والقنوات Mini HydoPower . او محطات توليد الطاقة من الرياح التروبينات او مزارع حصاد الطاقة الشمسية التي يمكن العودة الى نموذج ناجح في صحراء المغرب. لذا لربما أن هذا المقال أو المبحث ليس في وقته ولربما سابق لوقته ولربما مـتأخر في وقته ولكن يجب التنبه الى أن أبناؤنا ستغيب عنهم مصادر الطاقة والتي هي مصدر رئيسي من مصادر وجود الدولة وديمومة الصناعة فيها واستقرار الشعب على ارض هذه الدولة وأن هذا البلد بهذه الاخطاء متجه الى هاوية اذا ما لم يتكاتف أبناؤه ليوقفوا مد الجاهلين وعديمي التخطيط في أدارة الدولة وهو واجب أنساني وأمانة يجب صيانتها قبل زوالها.