بصيص ضوء … د. عواطف نعيم

بصيص ضوء … د. عواطف نعيم

 
 
د. عواطف نعيم
 
لم يكن الوضع في العراق بشكله العام ما بعد أحداث ٢٠٠٣ واضحا للكثير ، فالاجتهادات وفيرة والاقاويل تفعل فعلها لدى الآخرين ومحاولة التحرك من قبل البعض نحو أغطية وواجهات أيا كانمرجعها ونوعها تسير بخطى حثيثة متكتمة أحيانا ومعلنة في أحيان أخر لحفظ أرواحهم ومكانتهم وما بين أيديهم من إمتيازات ! الخوف والترقب ومرارة الانتظار كان مثل غيمة معتمة تظلل الرؤوسالتي تدور باحثة عن امان ومنفذ نجاة ، لم يكن الامر سهلا فالتغيير الذي حدث جاء بوجوه وأنتج سلوكيات ما كان لها ان تكون وتتواجد لولا الهول والرعب الذي اصاب العديدين ودفعهم للانزواءبعيدا ! وبدأت حركة الشطار واللاعبين من الذين ينتظرون فرصا للقفز والتسلق ، كانت هناك دعوة لبعض الأسماء من أصحاب الكفاءة والخبرة لاعادة الحياة الى مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي نهبو دمرت أغلب معالمه ، كان يقود هذه الخطوة شخص لبناني شديد الاناقة والترف ومعه عدد من المساعدين ومحاط بحماية من الجنود الامريكيين وحين إجتمع في  أحد مطاعم بغداد الفخمة كان حديثه ينصب على كيفية إعادة بناء الإذاعة والتلفزيون ضمن أهداف وتوجهات واضح انها تلغي خصوصية المجتمع العراقي وتناغم ألوانه وما يعتز به من قيم وعادات وتقاليد ، كما وتوحي بطريقة من الطرق ان هذا الوطن يجب ان يقسم حسب الطوائف والملل والاديان والثروات ، لم يخلُو ذلك اللقاء من مناقشات حامية ورفض عنيد لفنانين واعين لم تغرهم الكلمات الملونة ومغريات أرقام الاخضر الذي وعدوا بها بل غادروا المكان ولم يلبوا الدعوة حين وجهت لهم للمرة الثانية ، ولكن بالمقابل كان هناك من بقي وتعاون على وفق المنهج الذي جاء به رجل الأعمال والخبير اللبناني ومن معه من المساعدين الذين جاؤا معه والذين  انضموا اليه ، قامت إذاعة وتلفزيون العراق لتتحول بعد ذلك الى شبكة الاعلام العراقي وتم وضع قانون لها بعد سنوات و ليقم بالاشراف عليها وإدارتها عدد معين من الشخصيات تم إختيارهم من قبل جهات متنفذة ومتحكمة ، كما تم  استبعاد أخرين ممن كانوا يعملون فعليا في تلك المؤسسة ويعرفون كل مسالكها ويخّبرون ما فيها من إمكانات ولهم فيها تأريخ وإنجاز ، وما زال الامر لم يتوضح للبعض لاسيما بعد ان ظهرت إذاعات محلية تنطق كل منها بتوجه معين وتثير حالة من الجدل والشّد وتبث التساؤلات الموجعة وتتصيد في المياه العكرة ! ولأن الرقابة كانت في سبات الاخلاقية منها والوطنية والاجتماعية فقد أصبح البلد مرتعا للاشاعات والاقاويل والوشايات وزاد الطين بلة حين ظهرت بعض الصحف الصفراء التي تبحثعن الاثارة والتأليب والفُرقة وكان تمويلها من شخصيات تملك المال ولا تملك الوعي الكافي ويقوم على الكتابة فيها بعض من المنتفعين والباحثين عن الكسب السريع ، وإحدى هذه الصحف كانيمّولها صاحب محل حلويات ( زنود الست ) !! وما زال الحديث يطول عن ايام من الحذر والهزات والتوجع مرّ بها العديد من المثقفين والفنانين تحت ظل الاباتشي وبساطيل المارينز الأمريكي
(Visited 79 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *