من يقرأ وجع بغداد؟ – نهلة الدراجي

      نهلة الدراجي

لطالما كان الفن والثقافة سلاحاً ناعماً في وجه الجهل والفقر والتطرف و بينما تتسابق عواصم العالم فيتمجيد الكلمة وتكريم الفكر تقف بغداد، رغم جراحها، شامخةً كمنارةٍ ثقافية لا تنطفئ..

معرض بغداد الدولي للكتاب ليس مجرد فعالية عابرة بل هو حدثٌ مهم يُفترض أن يُعطي مؤشراً علىنبض الشارع الثقافي وحرارة الإبداع في هذا البلد العريق..

لكن…..!

كيف يمكن لأمةٍ أن تقرأ وتنهض، إن كانت القراءة فيها ترفاً لا حقاً؟ كيف نطلب من الفقير أن يقرأ وهو لايجد ما يسد به جوعه؟ أليس من المعضلات الأخلاقية أن نُبشّر بثقافة لا يستطيع الجميع الوصول إليها؟

الثقافة ليست مجلاتٍ براقة، ولا معارض فخمة تُفتتح بكلمات منمقة ثم تُختتم دون أن تترك أثراً.. الثقافة الحقيقية هي تلك التي تخرج من بين الأزقة وتُخاطب الإنسان البسيط بلغته واحتياجاته وتمنحهفرصةً للارتقاء لا مجرد التفرّج.

ما نحتاجه ليس فقط معرضاً للكتاب، بل مشروعاً وطنياً للقراءة، تتكاتف فيه المؤسسات التربويةوالثقافية والاجتماعية من خلال فرض القراءة في المدارس فهي ضرورة ملحّة لبناء جيل واعٍ ومثقفيساهم في نهضة الوطن.

يجب إعادة صياغة أولوياتنا، وأن نُركز على أهمية الثقافة….فكل كتابٍ يُقرأ وكل فكرةٍ تُناقش تُقربنا منتحقيق حلم وطن جميل وطن ينهض بأبنائه ويُعيد لهم كرامتهم ..

نحن بحاجة إلى جيل يعي قوة الكلمات ويُدرك أن الثقافة هي السلاح الحقيقي لمواجهة التحدياتيجب ان نحيي شغف القراءة ونجعل من الفن والثقافة جسرًا يُعيد بناء ما تهدم ونُحقق أحلام الأجيالالقادمة..

ينبغي أن تكون أسعار الكتب مدعومة تدعم المكتبات العامة وتُعيد الاعتبار للمدارس والجامعاتكمصادر للمعرفة.

في خضم هذه المفارقة، تبقى الأسئلة مفتوحة لمن تُكتب الكتب؟ ولمن تُفتتح المعارض؟ وهل من يقرأاليوم يقرأ فقط ليعرف، أم ليحترق أكثر؟

بغداد تقرأ نعم…. لكن من يقرأ وجع بغداد؟

ربما آن الأوان أن نعيد تعريف الثقافةلا بوصفها امتيازاً للصفوة بل حقاً لكل مواطنٍ يحلم بوطنٍ عادليقرأ فيه الإنسان ليعيشلا أن يُقمع لأنه قرأ.

                       

 


مشاركة المقال :