سِفر الذات في أعمال علاء السريح – عبد الحميد الصائح

عبد الحميد الصائح

شاهدتُ معرضِ صديقي الفنان علاء السريح الذي أقيمَ على  قاعةٍ وسطَ لندن لثلاثةِ أيام  من 5-7 ايلولسبتمبر الجاري ، لأحظى للمرة الأولى بمعرض كامل، بجهدٍ كامل، بكلمة وفلسفة كاملةٍ للسريح، بعد أنرأيته  في معارض جماعية مختلفاً  عن زملائه الذين يشاركهم اياها  ومختنقاً بأن لا يعبّرَ عن نفسِه بسعةوحرية .

لايمكنُ أن تنشىء تأويلاً لأعمال علاء السريح الفنية دون أن تتأمّلَ بيئةَ الأدوات التي يوظفها ومغزىالوسائل التي تفاجئك، الى جانبِ عوالمِه اللونيّة الجريئةِ التي يرسمُ بها. في عمليةٍ تبادليةٍ  بين اللونوموجودات يومية بكل حمولاتها الدالة . مثلا  مسامير ،بقايا كتب ، اغلفة مهملة ، أقراص أدوية ، ورق لفّالسجائر، أكياس الشاي المستعملة، أزرار الملابس، وغيرها مما هو معتاد في حياتنا ، ومرتبط بسلوكياتمحددة ، يوظّفه علاء السريح بصورةٍ مدهشة في لوحاتٍ ينسجُ من خلالها رؤاه وموقفَه الفلسفي منالعالم. لتجدَ في مخيِّلة اللوحة الريفَ والتراثَ والفلكلورَ، وحتى التطريز المنظّم متجاورين متداخلين معفوضى الخيال

الطفولي الذي يبدأ من اللعب بالماء حتى اللعب بمصير الانسانِ النهائي . فرح وخوف،طفولة وكهولة، شبق ورهبنه،في عالم يسعى لالتهام الحياة كلّها دفعة واحدة . حيث تتحول الالوان ذاتُهاوالمساحات اللونية  المتداخلة المتنوعة فيها ، الى ساحة يتبادل فيها الذهني التعبيري مع اليوميالمالوف مهمة قول الحكاية، حكاية هذا الفنان الشاعر المختلف مع العالم، مع الحياة التي يمثلها الماءُكمصدرٍ لتموجات الوانه وتنوعِها شكلا ، فيما مضمونها ، هو المتغير السلوكي  كالهدوء والدعة والغضب، الماء الذي يأتيك تجريدياً مع رحلة علاء لكنك تتحسس واقعيته المفرطة  في دلالات لوحاته المختلفة .

علاء السريع نسخة أصلية لمْ يكرّر تجربة أحد ، ولا أظنّ أنّ أحداَ قادرٌ على استنساخه ، فهو في معرضهِالرائع المتنوع الشخصي له وحده هذه المرة ، يعلنُ عن نفسه بجراة : إن رحلته تبدأ من ذاته باتجاه ذاته،بوصفها السفرَ الخامس على حدّ وصفِ الفنان الكبير فيصل لعيبي  في كلمته بمقدّمة بروشور المعرض،حين  اعتبر  سِفرَ الذات لدى علاء سفراً خامساً بعد الجنوب والشمال والشرق والغرب . في التفاتة ذكيةعارفة بمآلات هذا الاتجاه من الرسم النفسي الذي لن تجد في مساحاته مضموناً صريحاً، لأنّ مايبوح بهمع لحظات المشاهدة الاولى للوحة ، يربكُك فتنتقل عدوى خطوطها والوانِها وفوضاها اليك .

أهنئك جدا ياعلاء ، وأنت تكتبُ قصائدك الخاصة في هذا المعرض بعَرَقِ شاعريتِكَ المدهشة، دون أنتتكيء على سواك.


مشاركة المقال :