بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا، فطوبى للغرباء

بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا، فطوبى للغرباء

 

محمد العبودي
لا أهتم كثيرًا بصحة سند هذا الحديث بقدر ما تحقق منه وما يقبع في طياته من وقائع دوّنها التأريخ وجعلها تتشابك بشكل كبير مع واقعنا المعاصر فمن تعمق بمضمونه أدرك جيدا مدى التشابه بين الماضي والحاضر.
ولعل التحدي الأول في مسيرة الرسول الكريم خير شاهد، عندما تم تكليفه من قبل الوحي بدعوة الناس الى الإيمان بالله كان الاصعب لطرح هكذا موضوع في زمن غلبت القبلية على جميع مفاصله وقد ساعده في ذلك كثيرًا المُثل العليا التي كان يتّصف بها قبيل الصدق والأمانة والأخلاق العظيمة، فكان كلامه غريبًا على مسامع الناس ولم يُفهم بسهولة خصوصًا عندما تعلق الامر بتصحيح المسار الفكري والقيمي في ذلك الحين وبقي يجاهد هو ومن اتبعه في إيصال كل ما كٌلف به من ناحية وترسيخ هذه المفاهيم الى ان تقوم الساعة من ناحية اخرى.
بعد ذلك وخلال مر العصور بدأ هذا الدين القّيم يتغير بمضامينه ومفاهيمه وبطبيعة الحال هنآك أسباب لهذا التغير أوجز أهمها بالآتي:
١- السلطة، وكان لها الدور الكبير في تفصيل جزء كبير من آيات القرآن على مقاس الحكام للحفاظ على النفوذ والمكاسب.
٢- المال، دوره لا يقل شأنًا عن السلطة فالدين اصبح عند بعض العاطلين عن العمل مصدر رزق فلا بأس عندهم بحرف مساره للضرورة.
٣- ركاكة الأرض المعرفية في فهم النصوص عند المفسرين.
٤- اندثار اللغة العربية في علم المدلول واقتصارها على علم النحو فقط.
٥- التبعية، وهنا تسكب العبرات حيث يجب لزامًا على أي باحث في الدين الإسلامي أن ينتسب الى احد المدارس الفقهية ويتماشى مع مصادرها في بحثه كي يعترف به ويصبح من الثقات والا فأمره مشكوك فيه ويحمل في جعبته أجندات خارجية.
اكتفي بهذا القدر من الأسباب وانتقل الى الافتراض بأن الدين الصحيح الذي إنزل على الرسول الكريم (ص) سوف يعود شئنا ام أبينا وانها مسألة وقت لا اكثر وسيبدو غريبًا أيضا كما بدأ ولكن هذه المرة سوف يكون للعقل والمنطق مساحة اكبر في فهم النصوص بشكلٍ دقيق وموضوعي على أيدي باحثين ربانيين لا يكترثون لغير الله في تصحيح المسار الآمن لكل من أراد فهم الكتاب والسير على نهجه فطوبى للغرباء (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ).

(Visited 28 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *