كتب المحرر السياسي للمستقل
الحادي عشر من تشرين الثاني القادم سيضع حداً لكل الأقاويل التي تتحدث عن التغيير، فقد كثر الحديث عن الزلازل والبراكين التي تعصف بالعملية السياسية، وجمح البعض بأفكاره إلى نهاية العراق الواحد الموحد، فكل قومٍ بما لديهم فرحون.
٣٢٠ حزباً و٦٠ تحالفاً سياسياً يتنافسون على ٣٢٩ مقعداً هي عدد مقاعد مجلس النواب.
وقبيل إجراء الانتخابات، تصاعدت وتيرة الإشاعات التي ترهب الشارع، وتشكك في إجراء الانتخابات، والسبب كما يقولون أن تغيير النظام قادم.
لكن ما يلفت النظر عندما نطرح سؤالاً على أغلب العراقيين: هل هناك اعتراض على النظام السياسي، أم على الأداء السياسي؟
الجواب: نريد إصلاح النظام.
هذه المفارقة تجعلنا نقف أمام انشطار في الوعي السياسي العراقي وفقدان البوصلة السياسية، كما أننا نلاحظ أن المواطن لا يريد سوى تحسين الخدمات والعيش الكريم، ولكنه يردد جملة: تغيير النظام!!!!
بلا شك أن ما يوجّه الشارع العراقي نحو التخبط في الموقف السياسي هو التواصل الاجتماعي، الذي يضم الغث والسمين، ويتناقل الناس الأخبار دون فلترتها أو تحليلها، ومما يزيد الأمر سوءاً هو خروج بعض من يُسمّون بـ”المحللين السياسيين”، وأحياناً يحملون ألقاباً وشهادات عليا لكنهم يستقون معلوماتهم من الفيسبوك، أو ما تطرحه مجاميع الواتساب، أو أبطال منصة (X)، تويتر سابقاً، الذين يهرطقون بمعلومات فارغة.
ويبدو أنهم عاطلون عن العمل، وتسليتهم الوحيدة هي الجلوس خلف هواتفهم النقالة لإطلاق الترهات.
والأدهى من ذلك أن سياسيين كباراً انساقوا خلف هذه الأكاذيب.
مثل كذبة “فرض حالة الطوارئ”، لم يُتعب هؤلاء أنفسهم ويقرأوا قليلاً أسباب فرض حالة الطوارئ في البلدان، التي لا توجد منها ولا حالة في العراق.
المشكلة الأكبر في إعلام “الطشة”، الذي يلعب بعقول الناس. فبدلاً من أن تتوحد كلمة العراقيين باعتبار أن خطراً سيداهم بلدهم “كما يتنبأون”، ترى قسماً منهم يتشفى في البلد، وترى بعض الإعلاميين يدفعون باتجاه الفوضى، ويستضيفون من يطلق البذاءة والخصومة.
وهناك بعضٌ آخر يتضرع إلى الله أن يهدي أمريكا أو الكيان لإحداث الفوضى.
كما يقول المثل المصري: «زنّ الدبور على خراب عُشّه».
هذا المثل قد ينطبق على الإنسان الذي يعيش في أمان نسبي، لكنه يبحث عمّن يزعجه ويسبب له المتاعب، فهو يستعدي الآخرين على خراب بلده.
فموجة الدعاية المضادة ضد الانتخابات تتصاعد كلما اقتربنا من موعدها في شهر نوفمبر القادم.
لكن ما يبدو في الأفق أن الانتخابات ستُجرى في موعدها، وأن الكتل والتحالفات تعدّ العدة لخوضها.
فالشرق الأوسط لا يحتمل الفوضى، خصوصاً وأن الفوضى السورية مستمرة، وأن الحرب الإسرائيلية على إيران لم تضع أوزارها بعد، وأنها تمر بحالة هدنة، رغم توقعي أن الحرب لن تعود – على الأقل في المنظور القريب – لكن الجنون الصهيوني يبقى حاضراً ما دام هناك دعمٌ أمريكي.
