سفينة الاتحاد تتسرّب… من يقفز أولاً؟

كتب المحرر الرياضي للمستقل

مع فتح باب الترشح لانتخابات اتحاد الكرة، اشتدت المعركة، لكن ملامحها لا تزال ضبابية. التحالفات تتشكل خلف الكواليس، القرارات تُرجأ، والتكهنات تتقدّم على الوقائع.

عدنان درجال، الرئيس الحالي، يراقب بصمت. ورغم إعلانه أن أي نتيجة ستكون “طبيعية”، إلا أن مصادر مطّلعة تؤكد رغبته الشديدة بالبقاء، حتى لو اضطر لتأجيل الانتخابات إلى ما بعد الملحق. ظهوره محدود، ولقاءاته السياسية باءت بالفشل، كما تشير الأوساط إلى أنه عرض التنازل عن كوڤند – الممنوع من الترشح بسبب عقوبة انضباطية – مقابل ضمان غياب مرشحين أقوياء. لكن ما يدور خلف الكواليس أكثر تعقيداً، فالعقوبة المفروضة على كوڤند قد تُرفع في أي لحظة ضمن صفقة سياسية، ما يضيف بُعداً جديداً للعبة التوازنات الجارية.

مصادر قريبة من الحدث تتحدث عن لقاء مرتقب من العيار الثقيل خلال الأيام القليلة القادمة، يهدف إلى تصفية الأجواء وتهدئة التوتر المتصاعد. هذا اللقاء، إن تم، قد يعيد رسم مشهد التحالفات أو يؤسس لتوافق مبدئي على تأجيل المواجهة. وفعلياً، تشير المعطيات إلى أن درجال يبذل كل ما بوسعه لتأجيل الانتخابات إلى ما بعد الملحق، في محاولة لكسب الوقت، وإعادة ترتيب الأوراق.

في المقابل، إياد بنيان، مستشار رئيس الوزراء، يتحرك بشكل أكثر وضوحاً، ويحظى بدعم حكومي مباشر. لكنه لا يزال متردداً في حسم الترشح، ما يثير تساؤلات حول احتمال انسحابه لصالح درجال في اللحظات الأخيرة، وهو سيناريو وارد بحكم العلاقة الشخصية القوية بينهما.

أما يونس محمود، فقد تحوّل إلى مرشح قوي فعلياً، إذ تشير مصادر موثوقة إلى أن نحو نصف الهيئة العامة باتت تقف خلفه، مع تزايد واضح في عدد الداعمين، إلى جانب حصوله على دعم سياسي مؤثر. حضوره الرمزي، وخطابه المتزن، وشبكة علاقاته داخل الأندية، جعلته أقرب المرشحين للفوز حتى اللحظة، رغم صمته الإعلامي، الذي يبدو متعمداً ومحسوباً.

دخول سرمد عبد الإله مرشحاً لمنصب النائب الأول هو ورقة ضغط لا أكثر، يُرجّح أن تُسحب حال تحقيق هدفها المرتبط بإزاحة علي جبار. كذلك، يلوح اسم شخصية رياضية بارزة تستعد لدخول السباق الرئاسي، ما قد يبدّل قواعد اللعبة في لحظة واحدة، خصوصاً مع استمرار تحركات المعارضة القانونية التي تبحث عن ثغرات قد تُقصي درجال من الترشح.

الملف المالي يضغط بقوة: ديون بمليارات الدنانير، عقود رعاية مؤجلة، وميزانية شبه فارغة. في الوقت نفسه، يطرح درجال خطط سفر وتوسيع علاقات دولية، ما يثير أسئلة حول الأولويات والموارد.

وسط هذه الفوضى، فشلت محاولة صلح جمعت بعض الأطراف برعاية عضو اتحادي، في إشارة إلى غياب الإرادة الجماعية لإنهاء التوتر. كما أن دور نائب الرئيس علي جبار لا يزال غامضاً: هل يبقى ضمن منظومة درجال؟ أم يعيد تموضعه وفق المعطيات الجديدة؟

اللافت هو غياب موقف واضح من وزير الشباب والرياضة، الذي فضّل التزام الصمت، في ما اعتُبر دعماً غير معلن لدرجال. هذا الموقف السلبي من جهة رسمية معنية مباشرة بالرياضة يزيد من تعقيد المشهد، ويفتح الباب أمام مزيد من التأويلات.

وفي غمرة كل ذلك، لا أحد يتحدث عن المنتخب الوطني، الذي تنتظره محطة مفصلية في الملحق، وسط إدارة غارقة في معركة بقاء.

الانتخابات المقبلة ليست مجرد تنافس على منصب. إنها اختبار لتركيبة النفوذ الرياضي–السياسي، ولشرعية القرار داخل الاتحاد، ولمدى قدرة أي طرف على حسم الفوضى دون خسائر أكبر.

الكل يتحرّك، ولا أحد يضمن شيئاً.

 

 


مشاركة المقال :