كتب المحرر السياسي للمستقل
كانت المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران بوساطة عمانية تسير بايجابية ، كما صرح بذلك الطرفان، وكان هناك أمل في التوصل إلى حل ، وربما كانت ايران جادة في خطواتها نحو الحل، ومما أكد هذا التوجه هي تصريحات الرئيس الأمريكي ” ترامب ” بوصف المفاوضات بالإيجابية ، لكن ما عقَّد العملية هو تحديد المدة الزمنية ، و ضغط اللوبي اليهودي في واشنطن على الرئيس الأمريكي .
ايران كانت راغبة في التوصل إلى حل ، لكنها في الوقت ذاته كانت تعلم ان إسرائيل رافضة للمفاوضات ، ولن تحترم نتائجها ، وذلك لعدة اسباب.
أولها : رؤية اسرائيل بان الوقت اصبح مناسباً ، وفرصة لا تعوض للقضاء على ايران ، بوجود رئيس أمريكي مضطرب ، بالإضافة إلى خسارة ايران لسوريا وتراجع قوة حزب الله.
ثانياً : اعتقاد إسرائيل الديني بان الوعد الإلهي سيتحقق بناءً على نبؤات التورات في سفر التكوين الإصحاح 18 الاية 15 التي تقول ” في ذلك اليوم قطع الرب ميثاقاً مع إبراهيم قائلاً : لنسلك أعطي هذه الارض منًنه. مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات “.
ثالثاً : تعاظم القوةًالايرانية واقترابها من دخول نادي الكبار في العالم ، وعندها لا تسطيع ان تفعل شيئاً .
لذا يعتقد الكثير ان إسرائيل لن تتوقف عن حدود الهجوم الذي ينهي البرنامج النووي الايراني والباليستي ، بل يتعداه إلى اكثر من ذلك بكثير ، وهو إسقاط النظام ، ليكون الطريق سالكاً إلى الفرات ، خصوصاً وان سورياً. اصبح في ” الجيب ” ولا يحسب لها حساب في الميزان العسكري .
و إسقاط النظام في ايران، يعني السيطرة التامة على المنطقة ، وستنتهي كل القوى المعادية للكيان ، فهي عملية استبدال كامل للمعادلة في الشرق الأوسط .
البعض يعتقد ان امريكا ممكن أن تلعب دوراً في لجم تغول الكيان ، وان دول الترويكا الاوربية « بريطانيا ، فرنسا و المانيا » في تفاوضها الاخير مع ايران يمكن ان تخفف من حدة المشكلة او تجد لهارحلاُ مناسباً .
لكن الأمر لا تتحكم بها امريكا. او الدول الاوربية الثلاث ، بل إسرائيل لها اليد الطولى في توجيه بوصلة المفاوضات ، كما رأيناه في الهجوم الاسرائيلي. على ايران والتنسيق مع الولايات المتحدة في ذلك .
إسرائيل لديها قناعة راسخة وهدف واضح ان نهاية إيران وسقوط نظامها سيجعلها شرطي الشرق الاوسط الاول، وسيحقق مشروعها “الشرق الأوسط الجديد “ الذي نظَّر له برنارد لويس عام 1955 وكتب عنه شمعون بيريز 1992 وعقب عليه نتينياهو في كتابه ” مكان بين الامم ” او في ترجمته العربية ” مكان تحت الشمس ” .
لذا لن يكون النووي آخر المطاف في العقلية الاسرائيلية، ولا القضاء على الباليستي الذي يؤرق الحكومة الصهيونية، وهي تعلم ان ذلك ربما يزول ويحدد بالاتفاق ، لكن ما يدور في رأس الكيان هو النظام في طهران .
ولكن يبقى ان نقول هل يسلِّم العالم للإرادة الصهيونية و تقف روسيا والصين وكوريا والباكستان وبقية حلفاء ايران يتفرجون ، والخطر يقترب منهم ؟
هذا ما نراه في الايام القادمة .
