خور عبد الله إرث صدام الذي اثقل العراق

كتب :المحرر السياسي للمستقل

خور عبد الله المشكلة الجديدة القديمة، وهي سيئة من سيئات  ” صدام ” التي تركها للعراق ، فهي ليست المشكلة الوحيدة ، وليست  الخطوة العبثية الفريدة ،فقد أضيفت إلى مجموعة العبثيات التي قام من حرب الثمان سنوات إلى غزو الكويت ، وجعل العراق دولة منبوذة عربياً وعالميا ، والحصار القاتل الذي جوَّع فيه العراقيين،وأنهك بنيتهم الاقتصادية  والصحية ، وتعويضات غزو الكويت التي بلغت 55 مليار دولار وحتى كيمياوي حلبچة وغيرها من الخطوات الكارثية . واليوم يتحدث العراقيون عن شبه ضياع خور عبد اللهالعراقي كما ضاعت منطقة الحياد مع السعودية ومناطق في حدود القائم مع الأردن والسماح للقواتالتركية بالتوغل في شمال العراق .

فبعد تحرير الكويت، فرضت الامم المتحدة لجان لتحديد الحدود وكان نظام صدام بضعفه و وانكفائه ليس لديه الشجاعة ليعترض فتم تحديد الحدود البرية والبحرية مع الكويت ،وعادت المشكلة للظهور مرة اخرى بعد سقوط النظام ، و  في زمن المالكي والعامري تم التوصل لاتفاقية مع الكويت تنظم بموجبها استخدام خور عبد الله، ولكي يقف القارئ على اصل المشكلة وجذرها، علينا تثبيت بعض الحقائق .

لابد من الاعتراف اولا ً بمسألة مهمة قبل الدخول في تفاصيل المشكلة ، ولابد من القول  ان الكويت دولةمعترف بها من المجتمع الدولي وهي محمية بموجب قرارات الأمم المتحدة ولابد لنا من الإقرار بذلكواحترامه مهما اختلفنا فيه.

ولكن وبعيداً عن التضليل و المتاجرة بقضية خور عبد الله والتي اصبحت بين معارض وبين رافض وبين مسلم بالآمر.

كان خور عبدالله تحت السيطرة العراقية طوال العقود الماضية وحتى ما بعد احتلال الكويت في العام1990 وما جرى بعده.

كان الخور ومايزال فاصلا بين بر الفاو وبر بوبيان وكان العراق يستخدم قناته بكل حرية ومن دون أيتدخل خارجي ومن دون أن تكون للكويت  اعتراض، وهذا  ما يثبته الواقع والدلائل ويؤكد ان الخور عراقي،فهو قناة  حيوية وضرورية للعراق، ليست بذات الأهمية للكويت ولأنها كذلك، فقد أخذ العراق على عاتقه تأهيلها وتأثيثها لتكون دوما صالحة للملاحة أمام السفن القادمة والخارجة من موانئنا في أمقصر ، و خور الزبير ولم يكن  للكويت أي دخل في ذلك.

بعد العام 1991 تدخلت إرادة دولية لتفرض علينا جانبا من الحدود  في خور عبدالله بين الدولتينفجعلت الخور مناصفة بيننا بقرار يحمل  من  الظلم والتعسف كثيراً، و بدلا من أن يكون التقسيم علىأساس خط الثالوك ( خط النقاط الأعمق ) صار التقسيم بخط وسطي والقصد من هذا القرار أن تكونالقناة الملاحية ضمن مياه الكويت و أن يفقد  العراق سيطرته على حركة الملاحة في الخور، وان تكون بغداد  خاضعة لإرادة الكويت. وهو ما يمكن تعريفه ” بقانون سلطة المنتصر .

ما تقوله الكويت اليوم ، هو يتماشى مع القرار الأممي الذي فرض على العراق نتيجة مهاترات. النظام السابق .

المنطق الذي تريد الكويت فرضه في مشكلة خور عبد الله  هو   إلزام العراق بالانصياع   لقرارات الامم المتحدة  المفروضة في حالة ضعف العراق ، وإلا فإن المطرقة ستكون على رؤس العراقيين من جديد، وسيحرمُّون من استخدام القناة فتتوقف الحياة فيها تقريبا.

ولحل هذه المشكلة  وتشغيل  موانيء العراق وتأمين المصالح الوطنية يقرح البعض الحوار مع حكومةالكويت، لكن ما شكل الحوار وما هي نوع الاتفاقية التي ربما ستبرم مع الجارة الجنوبية ،هل مشابهة لنسخة اتفاقية عهد المالكي- العامري .

ولكي نتعرف على الاتفاقية المذكورة أعلاه علينا    

نرجع قليلاً إلى وما وقع عليه وزير النقل انذاك هادي العامري مع الكويت .

تقول الاتفاقية:

1- لا مرور ولا استخدام لتلك القناة من دون موافقة الكويت.

2- على العراق الدفع للكويت كل الرسوم المطلوبة لاستخدام القناة.

3- على السفن الداخلة رفع العلم الكويتي.

4- أن يقود السفينة أثناء مرورها ربان (مرشد ) كويتي.

5- يحق للكويت تفتيش السفن المارة وتفقد حمولتها ومراقبة حركتها.

6- يمكن للكويت الاعتراض أو حجز أية سفينة ترى أنها غير متقيدة بتعليمات المرور.

7- لمرور السفن الحربية ينبغي الحصول على موافقات خاصة.

وغير ذلك.

إذن فأن العراق سيكون مطوقا بموجب هذه القواعد الدولية.

عملت الاتفاقية المذكورة على تقييد بعض تلك القواعد وإعفاء العراق من بعضها بموجب شروطمحددة.

فليس على العراق أن يدفع أية رسوم ولسفنه الحق بالمرور من دون رفع علم الكويت ومن دون مرشدكويتي ومن دون أية موافقات مسبقة على أن يتشارك مع الكويت في مصاريف تأثيث القناة وتعميقمجراها لتكون صالحة للملاحة دوما.

بموجب هذه الاتفاقية كانت تجري تجارة العراق البحرية خلال السنوات العشر الماضية.

فقد شعر العراق بالظلم والحيف لذا قالت المحكمة الاتحادية كلمتها  بعدم دستورية الاتفاقية ، واعتبرت المحكمة ان الاتفاقية لم تحظَ بالمصادقة القانونية في البرلمان بسبب طعن بعض أعضائه بنصابجلسة التصويت عليها وعلى ذلك فقد اعتبرتها غير رسمية .

هنا أصبح لزاما على الحكومة إما أن تطلب من المحكمة العدول عن قرارها لكي تستمر حركة النقل عبرالقناة أو أن تعمد الى وضع اتفاقية جديدة ، لا أحد يدري متى وإلامَ ستفضي هذه المشكلة ، وقد لايحصل اتفاق مع الكويت على ذات التسهيلات.

هناك من علت أصواتهم ضد الحكومة لأنها طالبت المحكمة الاتحادية بالعدول عن قرارها لكي تتأمنمصالح البلد البحرية في ظل التقسيم الجائر للحدود.   وهناك من يطالب بموقف حازم تجاه هذه القضية ، ولكن على كل حال يبقى الأمر مربوط بقرارات الامم المتحدة

، وان كانت هناك اصوات كويتية طالبت حكومتهم بالتعامل بحذر مع قضية خور عبدالله  ، فقد قال المفكر الكويتي ” عبد الله النفيسي “  الخلاف الحاصل بين العراق والكويت حول اتفاقية خور عبد الله  يجب ان يدعو بمنتهى الحذر ، حتى لا يفضي إلى ما لا يحمد عقباه، كما حصل في 1991, وعلينا ان نتجنب التصعيد الإعلامي ، وضرورة ضبط الصحف التي تتناول المشكلة على طريقة « وي الخيل يا شگرة » كما طالب بعض العراقيين بضبط النفس وعدم الاندفاع بالخطاب العدائي.

لقد ورثنا مشكلة من نظام متهور وفرضت علينا قرارات ظالمة ولكن علينا ان نتريث في ايجاد الحلول ، فهي مشكلة  اثقلت كواهلنا وعلينا تحملها .   


مشاركة المقال :