علاء الخطيب
في رواية ” قلب الظلام “ للكتاب البولندي البريطاني “جوزيف كونراد” التي تتحدث عن بريطاني ذهب للكونغو للبحث عن العاج ، فيلتقي بشخص بريطاني آخر يدعى ” كورتيز ” يعمل في شركة لاستحصال العاج ، فمن منظور الهيمنة والتعالي والتفوق يلتقي الرجلان في هذه الثقافة الساكنة في اللاوعي للرجل الأبيض .
لذا يقول ” أبيدوا كل المتوحشين” وهو يعني الأفارقة، الذي. يعتبرهم كائنات طارئة على الطبيعة.
ففي سياق الرواية يدخل “مالرو “ وبيده سلاح ” رشاشة “ على مجموعة من الافارقة المقاومين للاستعمار وهم يجلسون في خيمة مع زعيمهم فيبدأ بإطلاق النار عليهم فينطلق صوت الزعيم : ” توفقوا …. الحرب لم تعد حرباً “ دلالة على تفوق السلاح ، وعقلية الغطرسة المنزوعة الإنسانية .
هذه العقلية التي نراها اليوم هي ذات العقلية التي كانت في بدايات القرن العشرين .
لقد كان زعيم الأفارقة حكيماً حينما طلب من اتباعة التوقف عن الحرب والقتال ، فهو فهم لا قدرة له على المواجهة ، ومن مبدأ اقتصادي ” إيقاف الخسارة ربح ” تمكن من حفظ ما يستطيع حفظه ، ففي عالم «ترامب – نتنياهو» الذي يخلو من القيم الإنسانية لا يسع البعض إلا ان يقولوا ما قاله الزعيم الأفريقي لإتباعه « توقفوا …. فالحرب لم تعد حربا » .
ان من ينتقد إيران على مفاوضاتها مع ترامب ونسيان دم القائد سليماني ، او من ينتقد السوداني ولقائه بأحمد الشرع ، يجب ان يفهموا ، ان الحرب لم تعد حرباً ، ويجب عليهم ان يتوقفوا ، فالمعادلة التي تحكم العالم اليوم ، هي معادلة التوحش ، والهيمنة ، فأما ان ترضخ وتحافظ على ما يمكن ان تحافظ عليه او ان تباد، وهذا ليس جبناً ولا خنوعاً بل هو العقلانية . ما يفرضه ترامب يضع خصومه بين خيارين ،
التفاوض او الحرب وفي الجانب الاخر الدفع او التدمير ، والخصوم ان يختاروا .
وقد اختزل المتنبي المشهد بقوله :
ومن نكدِ الدنيا على الحرِّ أن
يرى عدواً لهُ ما من صداقته بُد
وانكدُ منهُ صاحبٌ لَستَ عالماً
بهِ هل هُوَ الخِلُّ الوفيُّ أَمِ الضِدُّ