جاليات حائرة بين هاريس وترامب / د. هيثم الزبيدي

جاليات حائرة بين هاريس وترامب / د. هيثم الزبيدي

د. هيثم الزبيدي – رئيس تحرير جريدة العرب  اللندنية 

يا حيرة عرب أميركا. لا يعرف العرب في الولايات المتحدة من يؤيدون ومن يرفضون من بين مرشحين. أولا، لا خيارات أيديولوجية أو ميلا فكريا. صاحب دكان عربي في ديترويت مثلا، لن يفتح كتيبا عنالمشاريع الاقتصادية للديمقراطيين أو الجمهوريين، ليقرأ ويقرر إلى من يميل. ثانيا، لا خيارات بالمواقفمن المنطقة. أي مرشح(ة) ديمقراطي(ة) سيميل إلى إسرائيل. أي مرشح جمهوري سينافس الديمقراطيعلى التقرب من إسرائيل. تلقى الرئيس الأميركي جو بايدن الكثير من الشتائم نتيجة لموقفه مما يحدثفي غزة. الشتامون من الجالية العربية لا يحجبون كلماتهم النابية المستهدفة للرئيس الديمقراطي، إلالكي تنال من المرشح الجمهوري والرئيس السابق (السابق كلمة غريبة تصف قربا زمنيا يكاد يبدو إلىحدود الأمس) دونالد ترامب. المرشحة كامالا هاريس إذا مال لها أحد، فلأنها تبدو ضائعة وغير مستعدةلموقف من إسرائيل وغزة أو لبنان وحزب الله.

الجاليات، أو بالأحرى الأقليات العرقية في الولايات المتحدة، تعرف ما تريده من الرئيس. السود يريدونمن يحقق لهم المساواة الحقيقية وليس الشكلية التي يمكن أن يدوسها حذاء شرطي على رقبة رجلأسود. اللاتينيون يريدون مكانة يستحقونها مقابل ما يقدمونه من عمل وجهد، وأن لا يوصموا بوصمةمهربي البشر أو المخدرات. الصينيون يريدون الخروج من غيتو الحي الصيني. الهنود يريدون مجالا أوسعلاستقدام كفاءات مهمة تتبدد في شبه القارة الهندية بينما يمكن لها أن تينع في مناخ التنافس الصناعيوالاقتصادي في الولايات المتحدة. اليهود يعرفون أكثر من الجميع ماذا يريدون. لكننا لا نعرف ما تريدهالجالية العربية.

لا تعرف ربما لأنها جاليات عربية وإسلامية. لا تعرف ربما لأنها جاليات طائفية. يتخاصم الخطاب بينإيراني مهاجر ومعارض للنظام الإيراني حتى النخاع، مع لبناني مهاجر وطائفي حتى النخاع في تأييدهالنظام الإيراني. كيف يمكن أن يتفقا؟ التشظي الطائفي والديني يمنع أن يهتم المسلم بمشاكل العربيالمسيحي المهاجر. وصل الأمر إلى أن نسمع تعليقاتطريفةعلى لسان مسلم مهاجر عن المسيحيالمهاجر بأنهنصرانيفي بلد النصارى. يمكن أن يجتمع المهاجرون العرب والمسلمون على قضيةإنسانية مثل غزة. لكن هل تجرى الانتخابات الأميركية ويختار فيها الأميركيون رئيسهم وفق هذا الاعتبار؟الجالية العربية ارتحلت عن هويتها العربية تقريبا منذ أن غيرت تلك الهوية بهوية إسلامية بهوى سياسيإخواني أو خميني. كيف لها أن تتجمع من جديد حول هوية تأكدت من تمزيقها؟

الآن لا يمكن أن ننصح أحدا باختيار بين هاريس وترامب. أهل أميركا أدرى بشعابها. لكن فوضى حيرةالاختيار لا يمكن حلها بالامتناع عن الذهاب إلى صندوق الاقتراع. المقاطعة إمعان في السلبية، مثلها مثلحصر الخيرات بالموقف من قضية أو حرب تجري في الشرق الأوسط.

(Visited 3 times, 3 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *