علاء الخطيب
اثار تصريح السفير الروسي ” اليبروس كوتراشيف“ في بغداد حول تزويد العراق بالأسلحة ، موجة منالجدل في الأوساط السياسية و العسكرية العراقية ، خصوصاً وان العراق يحتاج إلى مثل هذه الأسلحةالدفاعية في هذا الوقت ، والتي تماطل الولايات المتحدة في تزويدها للعراق .
وهذه ليست المرة الاولى التي يعرض فيها الروس تزويد العراق بالأسلحة ، فقد زودت روسيا العراق ابانحرب داعش بالأسلحة الخفيفة والعتاد والذخائر المتوسطة. وقد وقع العراق عقداً مع روسيا عام 2015 لشراء منظومات دفاع جوي وطائرات، كما أكد ذلك مدير شركة تصدير الأسلحة الروسية، أناتوليإيسايكين. إلا ان هذه الصفقة لم تتم بسبب الاعتراض الأمريكي.
كما اوضح السفير الروسي ذلك في لقائه الأخير قبل ايام ، حينما قال لا احتاج ان اكرر ” امريكا تمنع ذلك”
ويقف وراء عدم تزويد الولايات المتحدة العراق بأسلحة دفاعية عدة اسباب ، أولها عدم ثقة واشنطنبالجيش العراقي ، وتبرر ذلك ، بانه يتبع للأحزاب والمكونات ، أي التشكيك بوطنية الجيش العراقي .
ثم ان امريكا تتخوف ان تقع هذه الأسلحة بيد. الحشد الشعبي ، التي تعترض واشنطن على وجوده أصلاً وتطالب بتفكيكه، وتتهمه بمولاة إيران ، ناهيك عن ان بعض الفصائل تقوم بين الحين والآخر بقصفالقواعد الأمريكية في العراق وهو ما يسبب قلقاً للأمريكان .
بالإضافة إلى وجود اعتراض من قبل الكرد على تزويد الجيش العراقي بالأسلحة التي يتخوف منها الاقليم، والتي ربما تستخدم ضده ” كما يقول المسؤولون في أربيل ”
ولعل الأمر الأكثر قلقاً هو الحفاظ على أمن إسرائيل من اي هجمات عراقية .
كما ان امريكا ترى ان اتفاقية الاطار الاستراتيجي قد كفلت للعراق حماية أمريكية.
تقول الادارة الأمريكية : ان إتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعها العراق مع امريكا عام 2008 تنصعلى تعهد أمريكي بحماية العراق في ” حال وقوع أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق أو وقوع عدوانما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو أستقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديدنظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة” ،
هذا البند في الاتفاقية جعل العراق مرتبط بحماية أمريكية، و من جهةٍ ثانية تبرر امريكا من خلال هذاالبند عدم تزويدها العراق بالأسلحة الدفاعية ، ما دامت هي متعهدة بحمايته ، يعني انها لايحتاجها. وليبقى تحت الرحمة الأمريكية .
لكن ما اذكى هذا الجدل في هذا الوقت بالذات هو التهديدات الإسرائيلية المستمرة للعراق ، وكذلكعدم ثقة العراق بالوعود الأمريكية بالحماية ، بعد إلارباك الحاصل في صفقة طائرات الـ F16 التياستلمها العراق ولا زالت معطلة ، بعد ان أعلنت شركة “ مارتين لوكهيد ” المتخصصة بصيانة الطائراتالأمريكية انسحابها من العراق ، معللة ذلك بالهجمات التي تتعرض لها القوات الأمريكية من قبلالفصائل المسلحة ، وان سلامة موظفيها. اولوية لديها ،مما يعني ذلك توقف عمل هذه الطائرات بالكامل.
العراق يبحث عن مورد للأسلحة الدفاعية من اجل حماية أجوائه ومياهه واراضيه ، وهو يفضل الأسلحةالروسية ، سيما وان السلاح الروسي ومنظومة الدفاع الجوي العراقي كلها روسية وكان التسليح السابقروسيا، لكنه في الوقت ذاته، تعلم بغداد ان هذا الأمر سيغضب الأمريكان، ويعرض العراق للعقوبات ،كما فعلت واشنطن ذلك مع تركيا عندما اشترت الأخيرة منظومة S400 من روسيا وهو ما يخشاهالعراق، والمواقف الأمريكية واضحة بهذا الشأن ، فقد كشفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في عهدالإدارة الأميركية السابقة “هيذر نويرت” في تصريحات علنية بأن العراق سيتعرض لعقوبات أميركيةحسب “قانون كاتسا” الأميركي إذا ما أقدم على شراء منظومات روسية متطورة للدفاع الجوي، وقالت ” أن حكومة بلادها قد تواصلت مع الحكومة العراقية بذلك الشأن، والعراق يعرف جيداً تبعات فعل كذلك” .
العراق يتعرض إلى ضغوط أمريكية كبيرة في هذا الشأن ، لذا يبقى عاجزاً عن فعل اي شيء فامريكا لاتزود العراق بالأسلحة ولا ترضى ان يشتري العراق أسلحة من روسيا ، وكما يقول المثل : « امريكا لا ترحمولا تخلي رحمة الله تنزل »
وهذا الأمر ينطبق على معضلة الكهرباء المزمنة .
وبالتالي الدعوة الروسية لتزويد العراق بالأسلحة الاستراتيجية دعوة للاستهلاك الإعلامي فهي سالبةبانتفاء الموضوع .
ورغم شراء العراق عام 2008 لمروحيات وصواريخ لمنظومة ” بانتسير ” من روسيا ، تبقى كلالصفقات خالية من عقود الأسلحة الاستراتيجية ، كمنظومة S300 و S400 المضادة للطائرات والتييحتاجها العراق لحمايته من الطائرات المعادية .