في برلين قلب ينبض بالحزن  والشمم والكرامة / محمد الكلابي

في برلين قلب ينبض بالحزن والشمم والكرامة / محمد الكلابي

محمد الكلابي

في قلب العاصمة الألمانية، حيث يلتقي الغرب بالشرق وتتمازج الثقافات، ينبض الحزن والوقار في كل زاوية من زوايا برلين. ها هم المسلمون الشيعة قد تجمعوا ليحيوا ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، في مشهد يختلط فيه العزاء بالعزة، والدموع بالأمل، مستذكرين دروس العطاء والتضحية التي جسدها الإمام الحسين في كربلاء.

موكب “علي الأكبر”، هذا الاسم الذي يلمع كالنجمة في سماء برلين خلال العشرة الأولى من محرم الحرام، يتصدر الفعاليات التي تجسد الروح الحسينية. المشاركون، من شتى الأعمار والجنسيات، يلفهم السواد وتعلوهم الأعلام والشعارات، يعبرون بصمتهم ووقارهم عن حبهم وتقديرهم لتلك القيم السامية التي ضحى من أجلها الإمام الحسين.

منذ اليوم الأول من محرم، بدأت الفعاليات بتلاوة القرآن الكريم، تليها محاضرات تستعيد صفحات من التاريخ، تحكي عن الشجاعة والعدل والتضحية. إنها ليست مجرد كلمات، بل دروس تظل خالدة في القلوب، ترويها الأرواح لتظل مشتعلة بنور الحسين وأصحابه.

بينما تجوب القصائد الحسينية فضاء المكان، تذرف العيون دموعها، وكأنها تقول: “لن ننسى”. خدام الموكب، بأيدٍ مملوءة بالكرم، يوزعون الطعام والشراب على الحاضرين، في مشهد يختزل روح العطاء والخدمة التي يتسم بها هذا الحدث العظيم. حتى الأطفال لهم نصيب، ببرامج خاصة تُعرّفهم بتاريخ وأهمية هذه الذكرى، ليكبروا وهم يحملون في قلوبهم بذور الإخلاص والتضحية.

إن إحياء الشعائر الحسينية في برلين ليس مجرد طقس ديني، بل هو لوحة فنية ترسم بألوان التعايش والتسامح. إنها شهادة حية على تنوع المجتمع الألماني وقدرته على احتضان جميع الثقافات والأديان. هذا الحضور الكبير من الجالية الشيعية ومن مختلف الجنسيات يعكس وحدة القلوب والأرواح، مهما اختلفت الأصول والجذور.

في التاسع من محرم، يتكثف الحزن ويعانق الوقار الأجواء. القائمون على الموكب يبذلون قصارى جهدهم في تنظيم الفعاليات بإخلاص وتفانٍ، ليكون كل تفصيل في هذه المناسبة شاهداً على حبهم وولائهم للحسين.

إنها ليست مجرد ذكرى، بل هي رسالة خالدة، تعزز الروابط الاجتماعية وتؤكد على القيم الإنسانية النبيلة. في كل زاوية من زوايا برلين، وفي كل قلب ينبض بذكرى الحسين، تتجسد تلك القيم التي علمها لنا الإمام الحسين: العدل، التضحية، والعطاء بلا حدود. هكذا يواصل المؤمنون إحياء هذه الذكرى بكل إجلال واحترام، حاملين راية الحسين عالية، مستلهمين من قصته دروس الحياة التي لا تنضب.

(Visited 11 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *