المثقف باحث عن المعنى و مهموم بالجمال / امجد توفيق

المثقف باحث عن المعنى و مهموم بالجمال / امجد توفيق

أمجـــد توفيـــق

كيف نحتفل ؟ وأية رسالة نوجه ؟

نحتفل بالأسى والحزن ونمسح بقايا دمعة أريقت من أجل ذكرىونشكو التوحد مع الخسارة فلماذا يكونالمثقف رديفا للخسارة والخيبة ؟ ومن المسؤول ، أهو المثقف الذي تنكر لدوره ، أم السياسيون الذين أجمعواعلى استلاب دوره ، وتحويله إلى بوق مدفوع الأجر ؟

كنا نقول : إن الثقافة للسياسي قوة ، والسياسة للمثقف ضعف .

ذلك أن السياسي رجل ذو برنامج ، ويطمح لهدف محدد ، وأفعاله ونشاطاته ينبغي أن تنتظم على وفق قلادةالبرنامج الذي اختاره .أما المثقف فإنه معني بالحياة ، باحث عن المعنى ، مهموم بالجمال ، لا يعنيه التطابققدر عنايته بالاختلاف ، وهذا هو بالضبط ما يحقق التطور ، لذلك لا يمكن أن يضبط ساعته على تحديداتالسياسي وبرنامجه ، ومتى ما وافق على ذلك ، فإنه يتخلى في اللحظة ذاتها عن صفته ودوره .

والآن ، وفي يوم المثقف ، ماذا نقول ؟

هل ندعو المثقف إلى الانسلاخ عن ثقافته ؟ أو ندعو السياسي إلى الرأفة بالمثقف ؟ وكلا الدعوتين لا تعنيانسوى طعن المثقف في يومه ..

السياسي يعرف سحر المثقف

والمثقف يدرك قوة السياسي

وبينهما صراع ينتهي دائما إلى خسارة المثقف وانتصار السياسي ، فلماذا يحدث ذلك ؟ إنه مكبس الحياةالذي يضغط على المثقف ، فالمثقف إنسان ، وله احتياجات ، ولم تكن الثقافة أو الأدب أو الفن ، أو التأليف ، أوالكتابة والنشر ، أو إلقاء المحاضرات كافية لتلبية احتياجاته الإنسانية ، هذا يحدث ليس في العراق وحده ،إنما في دول العالم الثالث جميعا ، فباستثناء قلة قليلة لا تشكل نسبة ما ، لم اسمع أن الأديب أو المثقف قادرعلى العيش بكرامة نتيجة جهده في حقل الابداع أو التأليف .لذلك لابد من البحث عن حل ، والحل هو البحثعن عمل ، في التجارة أو الصناعة في مؤسسات الدولة أو خارجها ، لابد من العمل كوزير أو سائق سيارةأجرة ، أما التمسك بالصفة فإنها غير كافية دون نيل بركة السياسي ، ومتى ما نال المثقف بركة السياسي فإنمجالات العمل والحياة تفتح على مصراعيها .

نعم يرضي المثقف احتياجاته ، ويخسر دوره ، لأنه دور مدفوع الأجر .

هل نبحث عن مكرمة تمنح للمثقف ، كمتسول ، أو أرملة فقدت معيلها ؟

منظمات المجتمع المدني لا تفعل شيئا لأنها سياسية أو تستظل بالمال السياسي ، مهما كان المتحدثونالرسميون بليغين في الدفاع عن مهنيتها .

ومؤسسات الدولة عاجزة عن أداء دورها بشكل فاعل ، فكيف نطلب منها الابداع في حقل لا تظلله تعليمات أوقوانين ؟

ما الحل ؟ ما من عظيم ، أو نبي ، أو مصلح ، أو صاحب نظرية ، او مبدع كبير ، إلا وكان الألم رفيق دربه .

فالابداع لا يبنى على السهولة والتطابق .

وللتغييرات الحقيقية ثمن يدفعه المضحون من أجلها .

والرسالات لم تنجح على قاعدة الاحتفالات والدعوات .

وأجمل الأغاني والقصائد والروايات والقصص واللوحات تلك التي لا تشبه غيرها ، ذلك إنها تبحث عن الجذرالذهبي المتناغم مع أسئلة الإنسان وهو يواجه قدره في الحياة .

فلماذا نبحث عن حلول سهلة تأتي على شكل مكرمات ؟ دع الألم يصهر روح المثقف ، أملا في نتاج عظيم .

ودع أنامل الموسيقي تبلى بحثا عن لحن خالد . ودع ضوء عين المبدع يخفت وينطفئ وهو يحاول صياغةكلمة يلامس مدلولها قلب الإنسان .

أهي دعوة صادقة في يوم الاحتفال بيوم المثقف ، أم قسوة على المثقف مغلفة بهدف كبير .

مهما كان الجواب ، يبقى السؤال جمرة نقذفها من يد إلى يد ، وتبقى الإجابة مياه تحاول إطفاء جمر السؤال.

السؤال سيف

والاجابة غمد .

شكرا لكل من تذكر ، أن ثمة مثقفا عراقيا ، نحتفل من أجله اليوم ، شكرا لـ( محمد رشيد) الذي يأبى أن يلقيبسيفه ، ويترجل عن جواده.

(Visited 9 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *