لم تكن ليلة الرابع عشر من أبريل ليلة عادية ، فقد وقف العالم ينظر إلى الصواريخ والمسيرات الإيرانية وهي تتساقط على اسرائيل، صمت يجتاح العواصم ، ودهشة تصيب الجميع . هل فعلتها ايران، رغم المراهنات الكبيرة بعدم ردها، وأنها ستبتلع ضربة قنصليتها في دمشق التي راح ضحيتها نائب رئيس فيلق القدس الجنرال زاهدي ، ورغم التهديد الأمريكي لها بانها ستتلقى ضربات وعقاب عسير .
لكن طهران كانت تصر على حقها في الرد ، ومن أراضيها ، من إيران وليس عبر ارض اخرى.
وتسائل البعض، لماذا اصر الإيرانيون على ان تكون العملية الإيرانية من الداخل الايراني ؟
ما هي الرسالة التي أرادوا إيصالها لإسرائيل ؟
البعض من أنصار نظرية المؤامرة اعتبروها مسرحية واتفاق مسبق بين إيران وإسرائيل،
واخرون قالوا عنها انها عنتريات تشابه عنتريات ” صدام ” .
ولم يسئلوا أنفسهم لماذا هذه العنتريات ولماذا هذه المسرحية ؟
هل تريد ايران ان تكون زعيمة الامة العربية ؟ ، وهل تريد اعادة امجاد صلاح الدين الأيوبي ؟
وهل “هرمز ” مَنْ فتح القدس ؟
لماذا هذه المسرحية التي تقدم إيران فيها خيرة قادتها للقتل ، ولماذا هذه المسرحية وإسرائيل تقصف قنصليتها وتعتدي بشكل سافر على سيادتها ، وتحطيم صورتها امام العالم ؟
ما الغرض من المسرحية و ما جدواها وماذا تستفيد ايران منها ؟
ايران ليس لها ارض محتلة من قبل إسرائيل ، وأهل غزة ليسوا شيعة ، وهي لا تلام اصلاً ، فيما إذا أقامت علاقة مع إسرائيل على غرار تركيا ومصر وغيرها، لماذا تختار “وجع الرأس ” وتتحمل الحصار الأمريكي ، والأعباء الاقتصادية التي انهكت المواطن الايراني؟
أنا هنا لا أدافع عن ايران ، فلها من يدافع عنها ويتحدث بأسمها، لكن أود ان افكك المشهد بعقلانية وعلميّة طبقاً للوقائع .
وان لا ينجر العقل العربي إلى مؤثرات الثقافة التسطيحية، او تفاهة مواقع التواصل الاجتماعي، من حق اي انسان ان يكون مع او ضد هذه الجهة او تلك ، بشرط ان لا يفقد عقله ومنطقيته بالنظر للواقع .
واعود للسؤال ” لماذا أصر الإيرانيون ان تكون العملية من ارضها” وما هي الرسالة ؟
لان الاعتداء وقع على الارض الإيرانية، باعتبار ان القنصلية هي ارض ايرانية بعرف القانون الدولي ، وهنا ايران إرادات إيصال رسالة واضحة ان اي اعتداء على أراضيها لن يقابل إلا بالرد على ارض الدولة المعتدية ومن حدودها الجغرافية، فهي المعنية بالاعتداء ، وارادت كسر نظرية متداولة في الاعلام ان ايران تحارب عبر وكلائها، هذه المرة تحارب أصالةً عن نفسها ومن ارضها .
ايران كانت قادرة ان تضرب سفارة إسرائيل في أذربيجان القريبة او اي دولة اخرى ، لكنها لا تريد ان تدخل اطراف اخرى ، وكما قالت انها ملتزمة بأمن الدول الاقليمية المجاورة.
و لو لم ترد ايران لأ تهمت بالجبن والتخاذل ، وعندما ردت قالوا مسرحية !!
لقد سقطت رهانات البعض وأصيبوا بخيبة امل كبيرة ، وكانوا يودون ان تكون الصورة معكوسة، وتصمت ايران كي يتساوون في الخذلان .
فالجميع وقف عاجزاً ان يقدم رغيف خبز او علبة سردين لاهل غزة وهم يقتلون ويذبحون وتهدم ديارهم، و لم يجرؤ بتقديم مسرحية هزيلة او اتفاق مسبق كما “يدعون ” لحفظ ما تبقى من كرامة .