تركيا ،، خسارة الاسلاميين  ووعود العلمانيين / د. كاظم المقدادي

تركيا ،، خسارة الاسلاميين ووعود العلمانيين / د. كاظم المقدادي

د كاظم المقدادي
في اول تعليق له بعد خسارة حزبه صرح اردوغان : انها نقطة تحول مهمة .. ونحن نحترم ارادة الامة .
قبل اسبوع كنت اتجول في اسطنبول ،، وعشت بعضا من اجواء الانتخابات البلدية التي صاحبتها تقديم الموائد الرمضانية والتي تم نصبها على شكل سورادق من قبل الاحزاب الاسلامية.
لكن نتائج الانتخابات البلدية جاءت على عكس بركات وامال حزب العدالة والتنمية ،، هذه الانتخابات الاخيرةاسدلت الستار على مستقبل “حزب العدالة والتنمية ” الذي قاد تركيا لاكثر من عقدين بقيادة الرئيس رجب طيب اردوغان .
العارفون بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في جمهورية الاتراك ، لم يتفاجأوا ابدا بالهزيمة الكاسحة التي حلت بحزب العدالة والتنمية ، وخاصة في مدينة اسطنبول وانقرة وازمير وانطاكيا وبعض المدن مثل مدينة بورصا التي كانت الى وقت قبل هذه الانتخابات الاخيرة ، من نصيب اردوغان وحزبه .
الثابت ان السبب الرئيس لهذه الخسارة هو سوء الوضع الاقتصادي و ارتفاع اسعار المواد الغذائية والكمالية و تدني سعر الليرة التركية بشكل غير مسبوق ، والذي ادى لانهيار الوضع الاقتصادي برمته ، وهو الامر الذي سبب قلقا متزايدا ومخيفا في اوساط شرائح المجتمع التركي .
لقد اجمع المحللون السياسيون على ان سوء ادارة اردوغان للحالة الاقتصادية ، وارتفاع الاسعار المتزايد والذي لا يتوقف ، والتهاء اردوغان بالسياسة الخارجية على حساب الوضع الداخلي ،، هو الذي ادى لهزيمة اردوغان في المدن الاقتصادية الكبرى وخاصة اسطنبول الذي قال عنها اردوغان مرة :
من يربح ااسطنبول في الانتخابات يربح تركيا بكاملها .
من الواضح اذن ، الاقتصاد التركي المتردي ، هو الذي هزم اردوغان وحزبه في الانتخابات ،، كذلك
معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي وسعر الفائدة المرتفع الذي وصل الى اربعين بالمئة !! .
مع كل هذه الاسباب ، بات المواطن التركي رهينة لتدني سعر الليرة الذي وصل هو الاخر الى ٣٢٥٠ ليرة مقابل مئة دولار فقط .
وفي داخل مؤسسات حزب العدالة والتنمية ، علينا ان نؤشر عجرفة الرئيس التركي اردوغان ، واقصاء كل من يعارضه من حزبه ، واولهم داود اوغلو وزير خارجيته ، وصاحب نظرية تصفير الخلافات ، مع استمرار الانشقاقات في صفوف الاحزاب الإسلامية ونقمة بعضهم كحزب الرفاه على سياسات اردوغان ، وعلاقته مع الاخوان المسلمين والانقلاب عليهم بعد ان قربهم كثيرا كورقة ضاغطة على بعض الدول ومنها مصر العربية.
جميع هذه العوامل،، كانت سببا في هزيمة اردوغان وحزبه ، ولم تنفع معه الانجازات الكبيرة على مستوى نقل تركيا من بلاد تنتمي الى الدول النامية ، الى مصاف الدول الكبرى .
كما ان الذي اسقط اردوغان هو ،، وصول قناعة الأتراك إلى ان حزب العدالة والتنمية ، لم يستطع ان يقدم شيئا ملموسا لانهاء الازمة الاقتصادية المستفحلة على الرغم من وعوداردوغان لحلها .
لهذا فأن الشعب التركي اتخذ قرار التغيير . واصبح اليوم واكثر من اي وقت مضى ، جاهزا للقبول بأي حزب يكون بديلا لحزب العدالة والتنمية ،حتى لو كان هذا الحزب من العلمانيين وعلى رأسهم حزب الشعب الجمهوري .
لكن مراهنة العلمانيين على استبدال الاحزاب الاسلامية باحزاب علمانية ، وتقديم برنامج سياسي اقتصادي مغاير ،، لا يعني ان انفراجة كبيرة ستحدث في تركيا ، لان تعقيدات الاقتصاد التركي اكبر من ان تحلها امريكا ودول اوربا الغربية المراهنة على عودة العلمانيين ، والتواقة لانهاء التجربة الاردوغانية .

(Visited 8 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *