د. احمد الميالي
مع اجراء انتخابات مجالس المحافظات اليوم وتصاعد التنافس الانتخابي بين عدة قوائم سياسية لتمثيل المكون السني انتخابيا وسياسيا، يحظى حزب تقدم الذي يقوده محمد الحلبوسي بدعم وتأييد واسع لدى جمهور المكون رغم الحملات المتصاعدة ضد الحزب ورئيسه، ومن المتوقع ان تكون ارتدادات التصعيد السياسي والاعلامي وانهاء عضوية الحلبوسي من مجلس النواب عكسية في نتائج الانتخابات المحلية الجارية حالياً، اذ تراهن الاحزاب التقليدية السنية التي كانت تمثل المكون سياسيا على المستوى الاتحادي والمحلي على تراجع حظوظ تقدم في هذه الانتخابات لصياغة توازن سياسي جديد داخل مجالس المحافظات ينعكس على اختيار رئيس مجلس النواب والرهان على حدوث انشقاقات في كتلة تقدم النيابية. لكن المعطيات تشير خلافاً لذلك خاصة بعد التصويت الخاص والاستطلاعات الاولية التي اشارت الى وجود زخم انتخابي لتحالف تقدم اضافة الى التجمعات الانتخابية الداعمة والمؤيدة للحلبوسي باعتباره سياسي شاب متطلع استطاع باداءه وعمله سواء حينما كان نائب في البرلمان ومحافظا للانبار ورئيسا لمجلس النواب ان يؤسس قيادة سياسية لها قاعدة جماهيرية واسعة، ناشئة من التراكم في الاداء الايجابي والتوجه المعتدل والمنفتح على الجميع وقنوات الاتصال المختلفة التي اهلت تقدم وقيادة الحلبوسي ان تتقدم في الحصول على ثقة المجتمعات السنية المحلية، وامتداد هذه المقبولية بشكل اوسع حتى خارج مناطق نفوذ المكون الى المناطق المختلطة.
هذه العوامل تعد حاسمة الى حد كبير لنيل تقدم مراكز متقدمة في الانتخابات المحلية بعد حصول تغيير نوعي في وعي الناخبين والفاعلين المحليين صوب دعم الاعتدال والمدنية ورفض ونبذ كل ماهو مغلق ومتشدد ومحافظ.
اضافة الى كل ذلك فان المكون السني يتأثر بشكل كبير في شخصية القيادة ونوعية تفكيرها في الانجذاب والدعم، اذ تعد نوعية القيادة والتفكير والاداء اهم مستلزمات البقاء والامتداد في التمثيل السياسي ، فكلما كانت القيادة تحاكي التحولات الجارية في المجتمع وتتعرف بسرعة على تفكير وعقلية المواطن وتجاريه كلما ازدادت شعبية تلك القيادة ، مما يرسخ وجودها واتساع تاثيرها وتمكينها السياسي.
كما ان الاداء الانجازي وكسر الحواجز والقيود والعمل على الاستجابة الفاعلة والسريعة للمطالب والاهتمامات الراجعة للجمهور تعزز مكاسب الثقة والدعم والتأييد لهذه القيادة.
قرب القيادة والحزب السياسي من الشارع علامة مهمة من علامات التفوق السياسي وضمان اساسي للارتباط بين القاعدة والهرم اي تعزيز التفاعلات بين السلطة والمجتمع واعادة ضبط العلاقة وتصحيحها .
مايمكن تلمسه من هذه المقبولية لحزب تقدم وتزايد شعبية الحلبوسي هو التغيير الحاصل في تفكير ابناء المكون السني ورفضه لكل ماهو رجعي وراديكالي ومحافظ ومنغلق، وميوله لكل ماهو ليبرالي ومدني ومعتدل .
هذا التحول والاندماج مع الواقع ومغادره الارتهان للقوى التي تتعكز على صناعة الخوف والرعب من الاخر ومن الاصلاح والتغيير والتفاعل مع الدولة والنظام السياسي، اهم مكاسب مرحلة مابعد داعش الذي تحاول القوى التقليدية ان تراهن على عودته ليكون جسرا لها في العودة الى الواجهة السياسية، لكن الوعي البناء والقيادة الملتزمة والمتطلعة اهم موانع العودة الى المربع الاول واهم دعامات مغادرة الاسباب التي مهدت للارهاب والارهابين والفساد والفاسدين من الاستحكام والتحكم في مقدرات ابناء المكون السني الذي يستحق افضل بكثير مما حصل له سابقا.
من سيحظى بثقة المكون السني في الانتخابات المحلية ؟
(Visited 15 times, 1 visits today)